استأنفت الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة جلساتها، الأربعاء الساعة الثالثة من بعد الظهر بتوقيت نيويورك، بناء على طلب من المجموعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز.
وتنعقد الجلسة تحت عنوان: “الأعمال الإسرائيلية غير القانونية في الأرض الفلسطينية المحتلة”. وستُستأنف الساعة العاشرة صباحاً يوم الأربعاء المقبل الموافق 11 كانون الأول/ ديسمبر، نظراً لعدد الدول والمنظمات الإقليمية التي طلبت الكلمة، والتي يصل عددها حتى الآن إلى 71.
وقد افتتح الجلسة رئيس الجمعية العامة لدورتها التاسعة والسبعين الحالية، فيليمون يانغ، الذي قال في كلمته الافتتاحية إن سكان غزة وإسرائيل عانوا لأكثر من عام من دورات متواصلة من الموت والدمار والنزوح. وقال إن مطالبات المجتمع الدولي واضحة، وتنعكس في العشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر في “مشروع قرار قدم لمجلس الأمن الدولي والذي أيده 14 عضواً في المجلس وتمت عرقلته باستخدام الفيتو من أحد الأعضاء الدائمين في المجلس”.
وأضاف يانغ أن مجلس الأمن أصيب بالشلل مرة أخرى، وأنه غير قادر على الوفاء بمسؤوليته الرئيسية في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.
وقال: “مرة أخرى تُطالب الجمعية العامة بتولي زمام القيادة تجاه الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة”.
وأضاف رئيس الجمعية العامة أن “الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لا يمكن أن يُحلّ بحرب واحتلال لا نهائيين، الصراع لن يتوقف إلا عندما يتمكن الإسرائيليون والفلسطينيون من العيش جنباً إلى جنب في دولتيهما المستقلتين ذواتي السيادة في سلام وأمن وكرامة”.
وشدد رئيس الجمعية العامة على أن الوقت قد حان لأن يتخذ المجتمع الدولي عملاً حاسماً ذا مغزى بهذا الشأن. وقال يجب أن نسعى لتحقيق حل عادل وشامل ودائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، قائم على القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
كما أكد يانغ ضرورة أن تحترم جميع الدول القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وقال إن ذلك ينطبق على وضع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) التي أنشأتها ومنحتها ولايتها الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال إن الأونروا توفر الحماية والمأوى والماء والغذاء والتعليم والخدمات الصحية لملايين الفلسطينيين، وخاصة في ظل أصعب الظروف في غزة. وأشار إلى التهديد الذي يواجه مستقبل الأونروا في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وأعرب يانغ عن قلقه مرة أخرى بشأن القرار الأخير من البرلمان الإسرائيلي باعتماد قانونين، إذا طُبِّقا سيمنعان الوكالة من القيام بعملها في غزة والضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية. ودعا حكومة إسرائيل إلى الامتثال لالتزاماتها الدولية والسماح للأونروا بمواصلة عملها الحيوي وفق ولايتها من الجمعية العامة.
الإبادة لا زالت مستمرة
السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، قال إن التطهير العرقي يتم في وضح النهار في بيت لاهيا وجميع أنحاء شمال غزة.
وأضاف: “فيما أقف هنا قُصفت الأسر النازحة مرة أخرى في الخيام في المواصي، وأحرقوا وهم أحياء تحت أنظار العالم بأسره”. وأضاف منصور: “بعد 424 يوماً، لا تزال الإبادة الجماعية مستمرة، القتل الجماعي والتهجير الجماعي، الاعتقالات الجماعية، الدمار الشامل لكل مقومات الحياة والتجويع الجماعي، تُرتكب أكثر الجرائم جسامة بوحشية لم نشهد لها مثيلاً منذ الحرب العالمية الثانية”.
وتساءل السفير الفلسطيني عن كيفية استمرار ذلك رغم معرفة الجناة والبث المباشر لجرائمهم، مؤكداً على ضرورة إنهاء الإفلات من العقاب. وقال إن مذكرات الاعتقال التي أصدرتها “المحكمة الجنائية الدولية” يجب أن تكون نقطة تحول لمحاسبة الجناة واحترام سيادة القانون بحماية المدنيين وكفالة العدالة للضحايا.
ودعا كل الدول إلى استخدام نفوذها لوضع حدّ “للمذابح والفظائع المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني”، وما وصفه بالهجوم على “إنسانيتنا المشتركة”.
وقال إن وقف إطلاق النار الفوري والدائم، وبدون شروط، هو السبيل الوحيد لوقف “الإبادة الجماعية وإنقاذ الأرواح وتحرير السجناء والرهائن والحفاظ على الأمل في مستقبل مختلف”.
ودعا منصور جميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة إلى دعم وقف إطلاق النار والمطالبة به وفعل كل ما يمكن لضمان حدوثه بشكل فوري ودائم وبدون شروط.
السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون، انتقد عقد الاجتماع والقرارات التي تصدرها الجمعية العامة، واتهم الأمم المتحدة بالتحيز ضد إسرائيل. وقال: “دعوني أذكركم كيف بدأ كل هذا. قبل 77 عاماً صوتت هذه الجمعية العامة على خطة الأمم المتحدة للتقسيم، وهي اللحظة التي قدمت للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء الفرصة للعيش جنباً إلى جنب في سلام. إسرائيل قالت نعم، والعالم العربي قال لا. لقد رفضوا التعايش المشترك، واختاروا بدلاً من ذلك شن حرب على الدولة اليهودية الوليدة”.
وقال دانون إن الجمعية العامة احتفظت، منذ ذلك اليوم، بما وصفه “بالهوس بما يُسمى بالقضية الفلسطينية”. وذكر أن الأمم المتحدة والكثير من الدول الأعضاء “شجعوا” الفلسطينيين على مرّ العقود على الرفض والعنف والتحريض وخطاب الضحية”.
وقد تحدث في الجلسة نائب وزير خارجية أندونيسيا، والكويت نيابة عن مجلس التعاون الخليجي، وكاميرون نيابة عن منظمة التعاون الإسلامي، وأوغندا نيابة عن حركة عدم الانحياز، ولبنان عن المجموعة العربية، وفنزويلا نيابة عن مجموعة الدول المعنية بالدفاع عن الميثاق، ومالطا نيابة عن الدول العشر المنتخبة في مجلس الأمن، وممثل الاتحاد الأوروبي عن دول الاتحاد.
وقد علمت “القدس العربي” من مصادر دبلوماسية أن الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة ستصوّت، في نهاية جلستها، على مشروع قرار، يكاد يكون نصاً حرفياً عن مشروع القرار الذي تعرّض للفيتو الأمريكي، يوم الأربعاء الماضي 27 تشرين الثاني/ نوفمبر، والذي يطالب بوقف إطلاق نار فوري وغير مشروط وإطلاق الرهائن وإيصال المساعدات الإنسانية بسرعة وبكميات كافية لدرء المجاعة.
وكانت الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة قد عقدت للمرة الأولى عام 1997 بناء على طلب من الممثل الدائم لقطر لدى الأمم المتحدة، بعد سلسلة جلسات لمجلس الأمن والجمعية العامة للنظر في بناء مستوطنة هارهوما في جبل أبو غنيم جنوب القدس الشرقية المحتلة بعد أن فشل مجلس الأمن التعامل مع المسألة بسبب الفيتو الأمريكي.
المصدر: القدس العربي
Publisher: Alquds alarabi