في شوارع بغداد ومدن العراق الأخرى، تتكرر ذات المشاهد مع انقطاع التيار الكهربائي المتواصل. مواطنون غاضبون، وتظاهرات تجوب الأزقة بين الحين والآخر، وصوت مولدات الكهرباء الخاصة يكاد يغطي على كل شيء.
“هل سنعيش على المولدات إلى الأبد؟” كتب مواطن يُدعى أبو علي في تعليق على منشور فيسبوك. يبدو أن هذا السؤال يعكس شعورًا عامًا بالإحباط بين العراقيين.
تحركات حكومية جديدة تحمل وعودًا بمعالجة جذور الأزمة.
وفق مصادر رسمية، تُطرح الآن خطط شاملة لتطوير منظومة إنتاج الطاقة وشبكات النقل والتوزيع.
وفي بيان صدر مؤخرًا، أكدت وزارة الكهرباء أن “التعاون مع شركات دولية لإدخال تقنيات حديثة أصبح جزءًا من استراتيجيات المرحلة المقبلة”. لكن رغم هذه التصريحات، يشكك العديد من المواطنين في جدية التنفيذ. “سمعنا هذه الوعود منذ 2003”، كتب مغرد باسم حيدر العراقي على منصة إكس، متسائلًا: “أين النتائج؟”
مصدر سياسي قريب من ملف الطاقة أشار إلى أن “التحديات الأساسية تكمن في سوء الإدارة والفساد ونهب الأموال المخصصة لتطوير القطاع”.
وأوضح أن ضعف البنية التحتية واستمرار الهدر في الشبكات الكهربائية يعمقان من حجم المشكلة. وأضاف المصدر: “إذا لم تتم معالجة هذه الملفات، فإن الحلول ستكون سطحية وقصيرة الأمد”.
وفي ظل هذه التحديات، تبرز مبادرات مثل جولات التراخيص الخامسة التي تهدف إلى استثمار الغاز المصاحب لعمليات استخراج النفط لتزويد محطات الطاقة الكهربائية بوقود الغاز.
وأكد خبير الطاقة علي سلام أن “الخطوات الاستراتيجية الجادة لمعالجة الخلل في قطاع الطاقة تبدأ من إنهاء الاعتماد على الوقود المستورد وتطوير القدرات الوطنية”.
لكن الأصوات الشعبية تطالب بأكثر من الخطط والوعود.
ففي إحدى التغريدات، قال مواطن يُدعى قاسم من البصرة: “نحتاج إلى حلول جذرية تضمن الكهرباء على مدار الساعة. التعبير عن الغضب لا يكفي؛ يجب أن يتحرك الشارع لدفع الحكومة إلى العمل”.
مواطنة أخرى، من بغداد، عبرت على فيسبوك عن مخاوفها من تزايد اعتماد العراقيين على المولدات الأهلية: “هذه المولدات أصبحت عبئًا ماليًا جديدًا، والأسعار في تصاعد مستمر”.
في هذا السياق، تحدث الباحث الاجتماعي محمد الراوي عن تأثيرات الأزمة على الحياة اليومية للعراقيين، مشيرًا إلى أن “استمرار الانقطاع الكهربائي لا يعطل فقط الأعمال التجارية والصناعية، بل يؤثر أيضًا على التعليم والصحة ورفاهية الأفراد”. وأضاف أن “تزايد الإحباط الشعبي قد يؤدي إلى تصاعد الاحتجاجات، ما لم تُقدم حلول ملموسة قريبًا”.
وفي محاولة لتهدئة التوتر، أعلن عضو لجنة النفط النيابية كاظم الطوكي عن استعداد شركات عالمية لتطوير قطاع الطاقة الكهربائية. وقال الطوكي: “الفرصة الآن سانحة لاستثمار الخبرات الدولية، لكن الأمر يتطلب إرادة سياسية قوية ومتابعة صارمة لضمان التنفيذ الفعلي”.
مع استمرار الأزمة، تظل الأنظار متجهة نحو الحكومة وخطواتها المقبلة. وإذا ما تمكنت من تحو
يل الوعود إلى واقع ملموس، فقد يفتح ذلك صفحة جديدة في ملف طالما كان عنوانًا للأزمات والتحديات. أما إذا أخفقت، فإن الاحتقان الشعبي قد يتحول إلى موجة غضب لا يمكن احتواؤها بسهولة.
المصدر: المسلة