You are currently viewing الكيان بعد وقف إطلاق النار مع لبنان: “الإعصار الشعبي” على الأفق

الكيان بعد وقف إطلاق النار مع لبنان: “الإعصار الشعبي” على الأفق

الكاتب: رامي الشمري

🛑 بعد انتهاء القتال مع لبنان ليلة أمس، دخلت إسرائيل مرحلة جديدة من التوتر الداخلي العميق، مع تصاعد الضغوط على الحكومة الإسرائيلية لمحاسبتها على إخفاقاتها العسكرية والسياسية، ورغم توقف العمليات العسكرية على الجبهة الشمالية، فإن الاحتقان الداخلي يزداد بشكل غير مسبوق، مع تزايد الغضب الشعبي من إدارة الحكومة للأزمة.

⭕️ الداخل الإسرائيلي: من الاحتقان إلى “الإعصار الشعبي”

حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، التي تعرضت لانتقادات شديدة في أعقاب الهجمات على غزة ولبنان، تواجه الآن هجمة شعبية متزايدة. المظاهرات التي تجوب الشوارع في المدن الكبرى مثل تل أبيب وحيفا، تطالب الحكومة بتقديم إجابات واضحة عن إخفاقاتها في إدارة الحرب ، من أبرز مطالب المتظاهرين هو محاسبة المسؤولين عن الإخفاقات العسكرية والاقتصادية التي تركت إسرائيل في حالة من التدهور.

⭕️ الضغط الشعبي: قضية الأسرى تزداد تعقيدًا

واحدة من أبرز القضايا التي تُثقل كاهل الحكومة الإسرائيلية في هذه الفترة هي قضية الأسرى الإسرائيليين، الذين تم احتجازهم بعد هجوم 7 أكتوبر 2023. الأسرى أصبحوا قضية محورية تتصدر مطالب عائلاتهم، التي تشدد على ضرورة قيام الحكومة بالتحرك الفوري لتحرير أبنائهم. ومع غياب المعلومات الدقيقة عن مصير الأسرى، يزداد الضغط الشعبي على الحكومة لفعل المزيد في هذا الملف، في وقتٍ تعيش فيه إسرائيل في ظل حالة طوارئ مستمرة على الجبهات المختلفة.

⭕️ التأثير الاقتصادي: أزمة مزدوجة

في الوقت الذي يزداد فيه الاحتقان السياسي، يعاني الاقتصاد الإسرائيلي من اضطرابات غير مسبوقة. الشلل الاقتصادي الذي تسبب به الاستنفار العسكري في مختلف أنحاء البلاد، بالإضافة إلى غياب الاستقرار الأمني، يزيد من تعقيد الأوضاع. العديد من الشركات المحلية أُغلِقَت بسبب انعدام الأمان، في حين يعاني القطاع السياحي، أحد الأعمدة الرئيسية للاقتصاد الإسرائيلي، من تدهور شديد بسبب الأوضاع الأمنية.

لكن الأخطر من ذلك، هو أن حالة الطوارئ الممتدة لعدة أسابيع على الجبهة الشمالية، في مواجهة لبنان وحزب الله، قد أثرت على حركة التجارة والتصدير، حيث تعرّضت الموانئ والمناطق الحدودية لإغلاق طويل نسبياً، حتى في الداخل، يعاني المواطنون من تقليص في الخدمات الأساسية، بينما لا يزال الخوف من تصعيد أوسع يلوح في الأفق.

⭕️ عودة النازحين: حلم بعيد المنال

أحد الملفات الأكثر حساسية في هذه المرحلة هو قضية النازحين الإسرائيليين، الذين فروا من مناطق القتال في الشمال والجنوب. تشير التقارير إلى أن مئات الآلاف من الإسرائيليين قد اضطروا لترك منازلهم بسبب القصف المستمر من الطرفين. ومع توقف القتال على الجبهة الشمالية، تتساءل الأسر الإسرائيلية متى ستعود إلى ديارها. لكن الواقع يُخبرهم بأن العودة لن تكون قريبة، بسبب استمرار التهديدات العسكرية من حزب الله في الشمال وصواريخ غزة التي قد تُستأنف في أي لحظة ، قد يكون هذا الوضع بداية لمرحلة طويلة من التشريد الداخلي، وهو ما سيزيد من تعميق الأزمة الإنسانية والاجتماعية داخل إسرائيل.

⭕️ التحديات الخارجية: إيران، اليمن، وحروب بالوكالة فضلاً عن العمليات الداخلية .

إسرائيل التي خاضت عدة حروب على جبهاتها، تجد نفسها اليوم أمام تهديدات معقدة ومتعددة الأبعاد. ليس فقط من حزب الله وحركة حماس، بل أيضاً من محور المقاومة الذي يمتد من إيران مروراً بالعراق وصولاً إلى اليمن. ورغم الجهود الإسرائيلية لمحاصرة هذا المحور، فإن التنسيق بين هذه الأطراف يزداد وضوحاً، ويشكل تهديداً استراتيجياً غير مسبوق للجيش الإسرائيلي.

الحكومة الإسرائيلية، في ظل هذه الأوضاع، تجد نفسها محاصرة على أكثر من جبهة، وتحت ضغط كبير داخلياً وخارجياً. خاصة مع الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب، الذي قد يغير موازين الدعم الأمريكي لإسرائيل، مما يزيد الأمور تعقيداً. يراقب الجميع عودة التصعيد في المنطقة، والتي قد تدفع إسرائيل إلى خيار أكثر تطرفاً: التصعيد العسكري الشامل.

⭕️ حزب الله: “نصر استراتيجي” رغم الاغتيالات

في هذه الأجواء العاصفة، لا يمكن تجاهل أن توقف القتال مع لبنان يُعتبر نصرًا استراتيجيًا لحزب الله، رغم الخسائر التي تكبدها في صفوف قياداته. فبينما نجحت إسرائيل في اغتيال عدد من القادة العسكريين البارزين لحزب الله، إلا أن الواقع على الأرض يثبت أن الحزب خرج منتصرًا. في الوقت الذي حاولت فيه إسرائيل فتح جبهة ثانية مع لبنان، فوجئت بشدة من مستوى التنسيق والقدرة القتالية التي أظهرها حزب الله على الأرض.

حزب الله لم يُظهر فقط قدراته العسكرية التي منحت له مواقف متقدمة على الجبهة الشمالية، بل استطاع أيضًا كسب دعم شعبي واسع في لبنان والمنطقة، مدعومًا بحملة إعلامية ضخمة، جعلت من إسرائيل تبدو عاجزة أمام هذا التصعيد الذي لم يكن في صالحها من الأساس. ورغم الضغوط الدولية، فإن إسرائيل لم تتمكن من تحقيق أي انتصارات حاسمة على حزب الله، بل تكبدت خسائر ميدانية وعسكرية كبيرة، حيث تم تدمير العديد من المركبات العسكرية الإسرائيلية، وإصابة العشرات من الجنود.

⭕️ هل سيصمد الداخل الإسرائيلي؟

في ظل هذا الوضع المعقد، لا يزال السؤال الأكثر إلحاحاً هو: هل ستتمكن إسرائيل من تجاوز هذا المأزق الداخلي والخارجي؟ العديد من المحللين يعتقدون أن الحكومة الإسرائيلية قد تكون على وشك فقدان تماسكها، مع تزايد الضغط الشعبي والاقتصادي. وفي الوقت نفسه، فإن تهديدات الحرب المستمرة في غزة ولبنان قد تجعل من الصعب على القيادة الإسرائيلية اتخاذ قرارات حاسمة بدون تصعيد أكبر.

وفي ظل هذه التوترات، يزداد احتمال أن تتحول هذه المرحلة إلى “إعصار شعبي” حقيقي، قد يتسبب في إعادة تشكيل المشهد السياسي الإسرائيلي بالكامل، بل وقد يفتح الباب أمام تغييرات جذرية في طبيعة العلاقات الإسرائيلية مع جيرانها، والولايات المتحدة، والدول العربية.

ويبقى أن نرى ما إذا كانت الحكومة الإسرائيلية ستتمكن من تهدئة الأوضاع داخلياً وخارجياً، أم أن المنطقة ستظل على حافة الانفجار، وسط غموض يحيط بمستقبل التطورات السياسية والعسكرية.

شارك المقالة