تحت عنوان “عودة الجدل حول التعداد السكاني في كركوك”، يشهد المشهد السياسي والاجتماعي في العراق توتراً متصاعداً إثر موجة جديدة من عودة العوائل الكردية إلى المدينة من اجل التعداد السكاني، وهي خطوة وصفها البعض بأنها محاولة لتغيير التركيبة الديموغرافية، فيما رأى آخرون أنها حق مشروع.
وأثار توافد مئات العوائل الكردية من أربيل والسليمانية إلى كركوك خلال الأيام الأخيرة، عاصفة من الانتقادات، لا سيما من الأحزاب العربية والجبهة التركمانية.
ووفق معلومات، فإن هذه العوائل تسعى للتسجيل في التعداد السكاني الذي يعدّ أداة حاسمة لتحديد مستقبل السيطرة الإدارية والسياسية في المدينة.
مصدر كردي أكد أن “العودة إلى كركوك تتم بناءً على حق السكن الأصلي الذي لا يمكن مصادرته”، مشددًا على أن “قرار الحكومة بتنظيم التعداد هو خطوة عادلة”. وأضاف، في حديثه لمنافذ إعلامية محلية: “لماذا يزعجهم أن يعود الناس إلى ديارهم الأصلية؟ أليس هذا تطبيقاً للحقوق الدستورية؟”.
على النقيض، اعتبرت الجبهة التركمانية أن هذه العودة بمثابة “محاولة لإعادة رسم خريطة ديمغرافية المدينة”، وأشارت في بيان إلى أن “استقرار كركوك مبني على توازن حساس بين مكوناتها”، محذرة من أن أي تغييرات ستؤدي إلى تأزيم الوضع.
من جهته، قال النائب التركماني أرشد الصالحي في تغريدة: “كركوك ليست ملكًا لفئة أو قومية واحدة، ومن واجبنا حماية هويتها التعددية”. وأضاف: “لن نقبل بأي خطوة تؤدي إلى زعزعة استقرار المدينة”.
تحليلات الخبراء ترى أن هذه الأحداث تأتي في سياق أوسع من محاولات تعزيز النفوذ السياسي على الأرض في المناطق المتنازع عليها بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان. وذكرت تقارير تحليلية أن “الوقت الحالي يُعتبر حاسمًا بالنسبة للأكراد لإعادة تعزيز موقفهم في كركوك، خاصة في ظل الجمود الذي يعانيه مجلس المحافظة منذ ما يقرب من عام”.
وقال مصدر سياسي مطّلع: “التعداد السكاني ليس مجرد إجراء إحصائي؛ بل هو مفتاح السيطرة السياسية والإدارية على المدينة”. وأضاف أن “الأحزاب السياسية تدرك تمامًا أن نتائج هذا التعداد ستؤثر على صياغة خارطة النفوذ في كركوك لسنوات قادمة”.
في المقابل، تداولت منصات التواصل الاجتماعي آراء متباينة حول الخطوة. مواطن عراقي علق في تدوينة: “كركوك لجميع العراقيين، لكن يجب أن تُحترم خصوصية مكوناتها”. بينما كتب ناشط كردي على تويتر: “العودة إلى كركوك ليست جريمة، إنها تصحيح لخطأ تاريخي”.
فيما تحدثت مصادر ميدانية عن استياء بين سكان المدينة الأصليين الذين يرون أن عودة الأكراد قد تزيد من الضغط على الخدمات الأساسية مثل السكن والبنية التحتية، خاصة مع غياب خطط حكومية واضحة لإدارة تداعيات التعداد.
وفقاً لتحليلات سياسية، فإن كركوك قد تواجه تصعيداً سياسياً خلال الأشهر القادمة إذا لم تُبذل جهود لتخفيف حدة التوتر بين المكونات المختلفة. وقالت تحليلات: “السيناريو الأسوأ هو أن تتحول قضية التعداد إلى أزمة وطنية، بينما يمكن أن تكون فرصة لتحقيق تفاهم شامل إذا أديرت بحكمة”.
المصدر: المسلة
Publisher: Almasalah