You are currently viewing ثمار نجاح هجوم “الأربعين” لحزب الله بدأت تطفوا على السطح باستحياء.. ما الجديد؟ وما هما التطوران العسكريان اللذان ستشهدهما الأيام والاسابيع القليلة المقبلة وقد تغيران المعادلات في المنطقة لصالح محور المقاومة؟ وكيف جاء الرد على “مسرحيات” الطابور الخامس؟

ثمار نجاح هجوم “الأربعين” لحزب الله بدأت تطفوا على السطح باستحياء.. ما الجديد؟ وما هما التطوران العسكريان اللذان ستشهدهما الأيام والاسابيع القليلة المقبلة وقد تغيران المعادلات في المنطقة لصالح محور المقاومة؟ وكيف جاء الرد على “مسرحيات” الطابور الخامس؟

عبد الباري عطوان

تطوران عسكريان مهمان يمكن رصدهما في الأيام القليلة الماضية، ويمكن ان يسلطا الأضواء على نتائج هجوم “الأربعين” الاضخم والأكثر تطورا لحزب الله على قاعدة التجسس الأكبر في الشرق الأوسط “غليلوت” في تل ابيب يوم الاحد الماضي، ويعطينا كمراقبين لمحة سريعة لخريطة المواجهات في الأيام والاسابيع القليلة المقبلة ومفاجآتها:
الأول: اعترافات “خجولة” في وسائل الاعلام الإسرائيلية والغربية تتمثل في تحليلات وردت على لسان بعض المحليين والجنرالات الإسرائيليين تتحدث عن نجاح كبير لهجوم “الأربعين” لحزب الله على قاعدة “غليلوت” الاستخبارية، وتحقيقه معظم أهدافه، ان لم يكن كلها، في كسر واضح لعمليات التعتيم المفروضة من قبل الرقابة العسكرية الإسرائيلية، وبتعليمات مشددة من قبل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء شخصيا.
الثاني: صدور بيان رسمي، وربما للمرة الأولى، عن حركة “الجهاد الإسلامي” يؤكد استشهاد أربعة من مقاتليها في هضبة الجولان السورية، دون إعطاء أي تفاصيل عن كيفية الشهادة، او نوعية العمليات العسكرية التي كانوا يخوضونها، وفي أي منطقة من الهضبة على وجه التحديد، سواء في الجانب السوري، او الجانب الإسرائيلي المحتل.
***
اذا بدأنا بالتطور الأول، أي هجوم “الأربعين” الذي شنته المقاومة الإسلامية اللبنانية (حزب الله) ثأرا لاغتيال الشهيد السيد فؤاد شكر القائد العسكري لقوات المقاومة، والذراع العسكري الأقوى للسيد حسن نصر الله، زعيم الحزب، فيمكن القول انه يشكل قفزة عسكرية قوية، ومدروسة، ويسجل اختراقا كبيرا للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وتفوقا ملحوظا عليها.
نشرح أكثر ونقول: ان طريقة الاعداد والتنفيذ كانت نظرية عسكرية جديدة سيتم تدريسها، وحفظها في معظم، ان لم يكن كل الاكاديميات العسكرية في العالم، ونحن لا نتحدث عنا عن عنصر المفاجأة فقط، وانما الدهاء في التخطيط والتنفيذ، فالعقل العسكري المخطط الجبار اطلق اكثر من 320 صاروخا من نوع الكاتيوشا في دفعات متتالية، لشل منظومة القبب الحديدية من خلال افراغها من جميع الصواريخ، تمهيدا للهجوم الأهم بالمسيّرات للوصول الى قاعدة “غليلوت” الجاسوسية العسكرية، الهدف الأكبر لهذا الهجوم غير المسبوق، وقد تحقق هذا الهدف وفق الخطة المرسومة.
رسالة “حزب الله” من خلال هذا الهجوم قوية جدا، وواضحة المعالم، تؤكد ان كل عملية اغتيال سيتم الرد عليها بضرب أجهزة الاستخبارات التي خططت لها، ونفذتها، أي ليس من خلال عمليات اغتيال فردية، او قصف مواقع مدنية، فقوات الحزب لن تكتفي بضرب اهداف عسكرية، الذي بات فعلا يوميا، وانما بتوجيه ضربات موجعة للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وكسر هيبتها وغطرستها امام الرأي العام الإسرائيلي، بل والمؤسستين السياسية والعسكرية اللتان تراهن على قدراتها وحمايتها، باعتبارها الأكثر تفوقا ليس في منطقة الشرق الأوسط فقط، وانما العالم بأسره.
لن يطول انتظارنا قبل ان نعرف تفاصيل أكبر وأعمق عن نتائج قصف مسيّرات “حزب الله” الإنغماسية لقاعدة التجسس المذكورة آنفا، وعدد القتلى والجرحى، والدمار في الأجهزة الذي ترتب عليها، وخاصة فيما يتعلق بالوحدة التجسسية الاستخبارية 8200 التي تتولى الرقابة والرصد ورسم وتنفيذ خطوط الحرب المعنوية والتضليلية وفرق التجسس على كل منطقة الشرق الأوسط ودولها وجيوشها والعالم بأسره.
مواصلة القوات الإسرائيلية لعملياتها العسكرية في جنوب لبنان، بما في ذلك حرب الاغتيالات لبعض القيادات العسكرية التابعة لحزب الله، تؤكد حالة “الجنون” التي اصابتها وقيادتها نتيجة لهجوم “الأربعين” أولا، ونفيا لكل روايات الطابور العربي الخامس التي روجت بأن هجوم “الأربعين” كان “مسرحية” متفقا عليها مسبقا.
اما اذا انتقلنا للتطور الثاني الذي تمثل في استشهاد ثلاثة من مجاهدي حركة “الجهاد الإسلامي” في هضبة الجولان، فإن هذا بمثابة الإعلان الرسمي بتوسيع جبهة الجولان السوري مجددا، وامام الفصائل الفلسطينية المقاتلة، جنبا الى جنب مع اشقائهم سواء في “حزب الله”، او الحرس الثوري الإيراني، او القوات السورية الحاضنة.
نعلم جيدا ان جبهة الجولان لم تغلق مطلقا، وظلت مفتوحة طوال الوقت منذ سنوات، بدليل استشهاد القائد سمير القنطار الذي أسس وتزعم وحدات مقاتلة، وكذلك الشهيد عماد مغنية الذي كان ذراعه اليمين في التجنيد والتخطيط للعمليات الفدائية ضد الاحتلال، بإشراف ومساعدة قيادات تابعة للحرس الثوري الإيراني، ولكن الجديد بالنسبة الينا على الأقل، الإعلان عن شهداء ارتقوا في هذه الجبهة من حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية تحديدا.
***
قوات الاحتلال الإسرائيلي شنت أكثر من 400 غارة على الأراضي السورية منذ خمس سنوات على الأقل، من بينها 180 هجوما منذ عملية السابع من تشرين اول (أكتوبر) “طوفان الأقصى” على مستوطنات غلاف قطاع غزة من قبل كتائب القسام، فشلت جميعا في تحقيق أبرز أهدافها وهو تقويض قدرات المقاومة العسكرية، واضعاف الدعم الإيراني بالسلاح الحديث والخبرات القتالية سواء للدول الحاضنة (سورية ولبنان واليمن، وغزة)، او الكتائب العاملة، وخاصة “حزب الله” الذي أصبح قوة قتالية ضخمة، تمتلئ ترسانتها لأكثر من 150 الف صاروخ وحوالي 40 الف مسيّرة، ومئة الف مقاتل على الأقل.
سبحان مغير الأحوال، فصائل المقاومة تحقق الانتصارات، وتحقق المفاجأة تلو الأخرى، في غزة ولبنان واليمن وسورية، بينما تتناسل الهزائم البشرية والميدانية والمعنوية في صفوف قوات الاحتلال، وها هي الضفة الغربية تنضم بقوة الى وحدة الساحات، وجبهات الاسناد، وربما تصبح أهمها بالنظر الى تداخلها الجغرافي مع دولة الاحتلال ومستوطناتها، وهذا موضوع آخر.. والأيام بيننا.

رأي اليوم

شارك المقالة