قال المحلل الاقتصادي زياد الهاشمي إن ظاهرة “اقتصاد المظاهر” بدأت تتوسع بشكل لافت في العراق، حيث يعتمد الأفراد بشكل متزايد على الاستهلاك المظهري والتفاخر الاجتماعي، بدلاً من التركيز على القيم الجوهرية والإنتاج الحقيقي. وأوضح أن هذا السلوك يؤدي إلى إنفاق غير عقلاني يستهلك موارد الأفراد دون تحقيق قيمة اقتصادية حقيقية، ما يزيد من الضغوط المالية على الأسر والمجتمع ككل.
وقال الهاشمي ان الافراد أو المجموعات يميلون إلى إنفاق الموارد المالية والمادية بشكل مفرط للحفاظ على صورة معينة أمام الآخرين، سواء كان ذلك من خلال اقتناء السلع الفاخرة، إقامة المناسبات الباذخة، أو السعي لمواكبة الموضة والمعايير الاجتماعية السطحية!
واعتبر أن هذا الانفاق الأعمى يؤدي الى إهمال الأولويات مثل التعليم والصحة والتثقيف والادخار وتطوير المهارات ويؤدي الى تدهور إمكانات الفرد وقدرته على تقديم منفعة حقيقية للمجتمع او الاقتصاد!
وهذا النمط من السلوك الانفاقي الشاذ بدأ بالانتشار بشكل شرس في المجتمع العراقي وبطريقة ملفتة للنظر وأنتج ضغوط اقتصادية على الافراد والمجتمع وساهم في تعميق الفجوة الاجتماعية بين الطبقات!
لذلك من المهم تكثيف الجهود لمحاربة هذه الحالة السلبية والعمل بشكل منهجي ومدروس للعودة للاقتصاد القائم على القيم والعمل والاجتهاد، بعيداً عن سطوة “المظاهر”!
وذكر خبراء اقتصاديون أن هذه الظاهرة تعكس اختلالات في الثقافة الاستهلاكية، حيث يميل كثيرون إلى شراء سلع فاخرة، وإنفاق مبالغ ضخمة على المناسبات الاجتماعية، والسعي لمجاراة المعايير الاجتماعية السطحية، حتى لو كان ذلك على حساب الاستقرار المالي الشخصي. وأكدوا أن هذا النمط يؤثر بشكل مباشر على القرارات المالية للأفراد، مما يؤدي إلى تراجع معدلات الادخار والاستثمار في مجالات أساسية مثل التعليم والصحة وتنمية المهارات.
واعتبر مختصون في علم الاجتماع أن انتشار هذه الظاهرة مرتبط بغياب الوعي المالي وسيادة ثقافة الاستهلاك السريع، مدفوعة بوسائل التواصل الاجتماعي التي تعزز نمط الحياة الفاخر حتى لدى من لا يستطيعون تحمله. وأوضحوا أن هذا السلوك يؤدي إلى تفاقم الفجوة الاجتماعية بين الطبقات، حيث تجد الأسر محدودة الدخل نفسها تحت ضغط نفسي واجتماعي لمحاولة مواكبة نمط حياة لا يتناسب مع إمكانياتها.
وأظهرت دراسات اقتصادية أن العراق شهد خلال السنوات الأخيرة ارتفاعًا في معدلات الاستدانة الشخصية لتمويل مظاهر الترف، حيث زادت طلبات القروض الشخصية لأغراض غير إنتاجية مثل شراء السيارات الفاخرة أو تنظيم حفلات زفاف باهظة التكاليف. وأشار تقرير صادر عن البنك الدولي في عام 2023 إلى أن نسب الادخار في العراق لا تزال منخفضة مقارنة بالدول المجاورة، حيث يفضل كثيرون الإنفاق الفوري على الاحتياجات الترفيهية بدلًا من الاستثمار في المستقبل.
وحذر محللون ماليون من أن استمرار هذا النمط من الاستهلاك غير الرشيد قد يؤدي إلى أزمات مالية أعمق على المستوى الفردي والمجتمعي، خاصة مع التحديات الاقتصادية التي يواجهها العراق، مثل تذبذب أسعار النفط وتزايد معدلات البطالة. وأكدوا أن الحل يكمن في تعزيز الوعي المالي وتشجيع ثقافة الادخار والاستثمار في مشاريع تنموية تساهم في خلق فرص عمل وتعزيز الإنتاج المحلي.
ودعت جهات اقتصادية إلى ضرورة إطلاق حملات توعية واسعة لتشجيع المواطنين على التخطيط المالي السليم، وتوجيه الإنفاق نحو القطاعات المنتجة التي تساهم في تحسين جودة الحياة على المدى الطويل. وأكدت أن الحكومات والمؤسسات المالية تتحمل مسؤولية كبيرة في تقديم برامج توعوية تدعم الأفراد في اتخاذ قرارات مالية أكثر حكمة.
المصدر: المسلة