You are currently viewing لماذا يفشل العُدوان الثلاثيّ الصهيوني الأمريكيّ البريطانيّ في تركيع اليمن وينجح في مُعظم الجبَهات العربيّة الأُخرى؟ وكيف ردّ اليمن قيادةً وشعبًا على تهديداتِ نتنياهو؟ وهل ستكون صواريخه الفرط صوتيّة التي ستضرب يافا في أيّ لحظةٍ مُفاجئةً في نوعيّتها ودقّتها وتدمير أهدافها؟

لماذا يفشل العُدوان الثلاثيّ الصهيوني الأمريكيّ البريطانيّ في تركيع اليمن وينجح في مُعظم الجبَهات العربيّة الأُخرى؟ وكيف ردّ اليمن قيادةً وشعبًا على تهديداتِ نتنياهو؟ وهل ستكون صواريخه الفرط صوتيّة التي ستضرب يافا في أيّ لحظةٍ مُفاجئةً في نوعيّتها ودقّتها وتدمير أهدافها؟

عبد الباري عطوان

أنْ يستمر اليمن العظيم صامدًا، ومُقاتلًا شرسًا، ووحيدًا في مُواجهة عُدوانٍ ثُلاثيٍّ إسرائيليٍّ أمريكيٍّ بريطانيٍّ، وبعد سُقوط النظام السوري، وتدمير ترسانته العسكريّة، واحتِلال 500 كم من أراضيه، وانسحاب “حزب الله” من “جبهة المُساندة” مُؤقّتًا، أو هكذا نأمل، بعد تطبيق قرار وقف إطلاق النّار بعد حرب إبادة مقصودة استمرّت بضعة أشهر، ودُخوله شهره الثّاني بانتخاب رئيس لبناني جديد بمُواصفاتٍ أمريكيّة، فهذا إنجازٌ بُطوليٌّ “غير مسبوق” يُدخِلُ اليمن وشعبه وشُهدائه وقيادته، التّاريخ من أوسعِ أبواب الكرامة والشّرف والإيمان، وهذا ليس جديدًا، أو مُفاجئًا، لمن يعرف هذا البلد، ومن يعرف أصالة شعبه، وإرثه الثريّ الحافل بالبُطولات والانتِصارات.
الخطأ الأكبر الذي أُجبرت دولة الاحتلال الإسرائيلي على ارتكابه نتيجة للدّهاء والصّمود اليمنيين في آن، ومن المنظور الاستراتيجي السياسي والعسكري تحديدًا، هو تحويل اليمن إلى جبهة مُواجهة رغم بُعد المسافة (2800 كم) عن فِلسطين، وتحوّل حُكومات دول المُواجهة العربيّة كلّها الآن إلى أدواتٍ مُطبّعة، وداعمة للاحتلال وعُدوانه والشّرق الأوسط الجديد الذي يرسم حُدوده وفق خريطة إسرائيل التاريخيّة الكُبرى لمملكة داوود قبل ثلاثة آلاف عام، وتضم فِلسطين والأردن وسورية ولبنان ومُعظم السعوديّة والعِراق، والشّمال المِصري الغني.

جبهة المُواجهة اليمنيّة الصّاعدة بإذنِ الله، تملك كُل عوامل القوّة، وتتحلّى قيادتها وشعبها بالإيمان وكُل قيم العدالة والأخلاق وعزّة النّفس، وهذا ما يُفسّر كونها الجبهة الوحيدة حاليًّا التي تُقاتل وتُقدّم الشّهداء تضامنًا مع أهلنا في قطاع غزة في مُواجهة حرب الإبادة، فاليمن يملك كُل جينات العظمة والصّمود، ولم يدخل حربًا إلّا وانتصر فيها، وهزم جميع الامبراطوريّات، ولم يُشاركه هذا الشّرف إلّا أفغانستان وروسيا، ولهذا فإنّنا على ثقةٍ بأنّ دولة الاحتلال الإسرائيلي لن تكون استِثناء.

***
عندما يُهدّد بنيامين نتنياهو بأنّ حركة “انصار الله” وحاضنتها الشعبيّة اليمنيّة ستدفع ثمنًا باهظًا لصُمودها ووقوفها في خندق غزة بإطلاق الصّواريخ والمُسيّرات لتضرب العُمُق الإسرائيليّ المُحتل، وستُواجه المصير نفسه الذي واجهته حركة “حماس” و”حزب الله” وسورية (تباهى علنًا بأنّه لعب دورًا كبيرًا في إسقاط النّظام السوري) فإنّ هذا التّهديد لم يُحرّك شعرة في لحية أو شعر رأس أي مُواطن يمني، وجاء لإخفاء حالة الرّعب والإحباط والهزيمة على أيدي رجال اليمن وصواريخهم الفرط صوتيّة، ومُسيّراتهم الانغماسيّة المُتطوّرة جدًّا، التي قصفت العُمُق الإسرائيلي المُحتل والمرعوب، وأغلقت مطار اللد (بن غوريون) عدّة مرّات في اليوم الواحد، وأنزلت أكثر من أربعة ملايين إسرائيلي إلى الملاجئ في مُنتصف اللّيل في يافا (تل أبيب) وأسدود في الجنوب، وأم الرشراش (إيلات) في الغرب، فهؤلاء الرّجال إذا قالوا فعلوا، ويردّون بالصّواريخ فورًا ولا يُهدّدون.
يوم أمس الجمعة أغارت حواليّ 20 طائرة إسرائيليّة مدعومة بقصف وتنسيق ومُشاركة بوارج أمريكيّة وبريطانيّة على صنعاء العاصمة، والحديدة، ومُحافظة عمران، وقصفت محطّات الكهرباء، ومخازن للطّاقة، وأدّت إلى استشهاد ستّة مُجاهدين، وإصابة بضعة عشرات آخرين، وكانت هذه الغارة الخامسة حتّى الآن، وجاء الرّعب الإسرائيلي النّاجم عن توقّع الرّد اليمني السّريع أضخم بكثير من الخسائر النّاجمة عن هذه الغارات، فالأُمور في دولة الاحتلال لا تُقاس بالخسائر الماديّة فقط، وإنّما بالخسائر المعنويّة والنفسيّة الأخطر لهشاشة التّركيبة الاجتماعيّة والتفوّقين العسكري والاستخباري بعد عمليّة “طُوفان الأقصى” المُباركة.
من المُفارقة أنّ هذا العُدوان الثّلاثي على اليمن جاء يوم الجمعة التي باتت الموعد الأسبوعي للحجيج اليمني المُقدّس، حيث ينزل الملايين ومُنذ أكثر من عام إلى الميادين والشّوارع تنفيذًا لفرضٍ إيمانيٍّ بالاحتجاج تضامنًا مع أهلنا الصّامدين في قطاع غزة، وهو حجيجٌ لا يُوجد مِثله في أيّ عاصمة عربية أو إسلاميّة، وكان لافتًا أنّ الطّائرات الإسرائيليّة والأمريكيّة والبريطانيّة المُغيرة حلّقت فوق رؤوس المُتظاهرين، ولم يُحرّك صوت مُحرّكاتها المُرعب شعرة في رؤوسِ المُحتجّين، بل علت أصوات حناجرهم وشعاراتهم المُتحدّية المُطالبة بالجهادِ على هذه الأصوات.
الرّد الرسمي اليمني على هذه التّهديدات الإسرائيليّة جاءت في بيانٍ رسميٍّ أصدرته حركة “أنصار الله” جاء فيه حرفيًّا “استهداف العدو اليمن لمواقفها المُساندة لأهلنا في قطاع غزة، يزيد من ثبات موقفنا الإيماني والأخلاقي، وشرفٌ يتحلّى به الشعب اليمني وقيادته في مُواجهة الإرهاب وحرب الإبادة التي يشنّها العُدوان الثّلاثي ضدّه”، وأضاف البيان “نقول لنتنياهو أنتم رُموز الجريمة والوحشيّة المُقزّزة، وتصريحاتكم بعد عُدوانكم يوم الجمعة، يعكس إرباكًا واضحًا، وقلقًا ظاهرًا، ويُحفّز أبطال اليمن في الاستمرار في مُساندةِ غزة”.
الإعلام الإسرائيلي الذي يعكس حالة القلق والرعب التي تسود دولة الاحتلال في تغطياته يُؤكّد بأنّ الكيان وجيشه ومُؤسّساته يعيش الآن حالة طوارئ قصوى انتظارًا للرّد اليمنيّ الحتميّ والوشيك على العُدوان الاخير وذلك بالصّواريخ الفرط صوت التي تفشل كُل منظومات الدّفاع الجوّي في اعتراضها حتّى الآن رغم تطوّرها وحداثتها، علاوةً على المُسيّرات المُتطوّرة، وحالة القلق نفسها، إن لم يكن أكثر، تتعاظم بسبب الهُجوم المُستمر على حاملات الطّائرات والمُدمّرات الأمريكيّة والبريطانيّة في البحرين الأحمر والعربي، والمُحيط الهندي.
***
اليمن لن يركع، ولن يرفع الرّايات البيضاء استِسلامًا، مهما تصاعدت الغارات العُدوانيّة، فإرثه التاريخيّ الذي يزيد عن 12 ألف عام لا تُوجد في قاموسه كلمة اسمها الهزيمة، أو النّكوص، أو الاستِسلام، أو التردّد في الانتصار للأشقّاء المظلومين المُجاهدين في المُحيطين العربيّ والإسلاميّ، وخاصَّةً في فِلسطين المُحتلّة.
نعم نكتب بعاطفةٍ، ونستخدم مُفردات ولُغة تفاؤليّة، في زمنِ الإحباط العربيّ، لأنّنا نعرف اليمن وتاريخه وبأس شعبه، وعلى ثقةٍ بأنّ صُموده وإيمانه سيكون مُقدّمة قائدة لعودة الكرامة والثّقة والانتِصارات إلى أُمّتنا، وسيحتفل أهلنا في قطاع غزة الذين صمدوا، وما زالوا في وجه حرب الإبادة لأكثر من 16 شهرًا، وقدّموا أكثر من 65 ألف شهيد وضِعفهم من الجرحى، ولم تتراجع قيادتهم عن ملّيمتر واحد عن شُروطها في الانسِحاب الكامِل ووقف إطلاق النّار الدّائم والإفراج عن أسرانا الأبطال في سُجونِ الاحتلال رُغم الضّغوط والتّهديدات والتّخاذل العربيّ والإسلاميّ الرسميّ.
إنّه طُوفان الأقصى، وطُوفان صنعاء، وطُوفان الجنوب اللبناني، وقريبًا بإذنِ الله طُوفان بغداد، والقاهرة ودِمشق، وبقيّة العواصم العربيّة.. والأيّام بيننا.

المصدر: رأي اليوم

https://www.raialyoum.com/%d9%84%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d9%8a%d9%81%d8%b4%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%af%d9%88%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d9%84%d8%a7%d8%ab%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d9%84/

شارك المقالة