بدل الاعتماد على أقنية التسريب المعتادة في تناقل أخبار الأنشطة الحساسة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، حرص الأخير على الإعلان بنفسه عن اتصالات مطولة أجراها مع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، تناولت الجهود الجارية للتوصل إلى صفقة مع المقاومة الفلسطينية حول تبادل الأسرى، يمكن أن تُبرم خلال أسبوعين رغم النقاط العالقة في المفاوضات.
وكما هي العادة المألوفة وأسلوبه الشائع في تجيير الوقائع لصالح تلميع شخصيته أولاً، تعمد نتنياهو إغفال حقيقة باتت مكشوفة ومعروفة مفادها أن ترامب طالب خلال حملته الانتخابية بأن تسارع دولة الاحتلال إلى «إنهاء العمل» ثمّ شدد بعد انتخابه على إغلاق ملفّ الأسرى في أسرع وقت قبل اختتام هذه السنة، أو قبيل تنصيبه رسمياً في رئاسة الولايات المتحدة يوم الـ20 من كانون الثاني/ يناير المقبل.
ومن المتوقع بالتالي أن آدم بوهلر، الذي عينه ترامب مستشاراً خاصاً لشؤون الرهائن، سوف يصل إلى دولة الاحتلال لمتابعة إلحاح الرئيس الأمريكي المنتخب على إغلاق هذا الملف. وإذا كان من المسلّم به أن ترامب سوف ينحاز بدرجات قصوى إلى اشتراطات الاحتلال في إبرام الصفقة، فإنه يملك من هوامش الضغط على نتنياهو أضعاف ما كان يملكه سلفه الرئيس الحالي جو بايدن.
بعض التسريبات لم تكن غائبة في المقابل، فنقلت القناة 12 الإسرائيلية أن نتنياهو أبلغ ترامب اعتراضه على أعداد الأسرى الإسرائيليين الذين تعرض «حماس» الإفراج عنهم، وأنها أقل مما يطلبه الاحتلال، وهذا يوحي بطبيعة المناورة التي سوف يلجأ إليها نتنياهو لتعطيل إبرام الصفقة، كما فعل مراراً في الماضي وخاصة بصدد مقترحات بايدن التي وافقت عليها المقاومة الفلسطينية.
كذلك لم تكن غائبة جرائم حرب الاحتلال في سائر أرجاء قطاع غزة، وكانت آخرها عمليات استهداف مواقع للدفاع المدني في مخيم النصيرات، ومستشفى كمال عدوان، ومنطقتي بيت حانون وبيت لاهيا، فأسفرت الغارات عن استشهاد 40 فلسطينياً بينهم 3 أطفال على الأقل، والمصور في قناة «الجزيرة» أحمد اللوح وهو خامس صحافي من القناة يستشهد منذ ابتداء حرب الإبادة الإسرائيلية ضد قطاع غزة. أعداد ضحايا التوحش الإسرائيلي بلغت اليوم أكثر من 45 ألف شهيد، ونحو 107 آلاف جريح، بينهم أعداد كبيرة من الأطفال والنساء والشيوخ.
ولم تغب العربدة الإسرائيلية ضد الأراضي السورية فتابعت القاذفات الإسرائيلية عمليات القصف المكثفة في ميناء طرطوس وريف بانياس ومصياف من جهة أولى، وتوغل جيش الاحتلال نحو مساحات أوسع في المنطقة العازلة مقابل مدينة القنيطرة وسفوح جبل الشيخ من جهة ثانية. ورغم أن هذه الاعتداءات تشكل انتهاكاً صارخاً للاتفاقية الأممية حول فصل القوات، واستغلالاً خسيساً للوضع الانتقالي الهش الذي تعيشه سوريا بعد سقوط نظام آل الأسد، فإن الولايات المتحدة وعديد الديمقراطيات الغربية تواصل اجترار مقولة الدفاع عن النفس لتبرير الجرائم الإسرائيلية.
فإذا صحت المعلومات عن صفقة تبادل وشيكة، فإن الاحتلال لا ينوي إنضاجها إلا على نيران حروب الإبادة والعدوان.
المصدر: القدس العربي