إثارة قضية سن التقاعد في العراق بين تخفيضه إلى 60 عامًا أو إعادته إلى 63 عامًا تصاعدت لتصبح محور جدل واسع في الشارع العراقي وبين الأوساط السياسية.
القرار الذي اتخذ سابقًا لتخفيض السن استهدف حينها خلق فرص عمل جديدة للشباب، ما أدى إلى توفير نحو 200 ألف وظيفة، لكنه فتح باباً آخر للنقاش حول تأثيره على استقرار المؤسسات الحكومية، التي تعتمد بشكل كبير على الكفاءات والخبرات المتراكمة.
في تدوينة على منصة “إكس”، كتب أحد الناشطين قائلاً: “تخفيض سن التقاعد كان خطوة جريئة لكنها تركت المؤسسات تئن تحت وطأة فقدان الخبرات. لا يمكن أن نترك الشباب بلا فرص عمل، لكن الحل لا يكمن في هذا الاتجاه وحده”.
بينما غرّدت أمل حسين : “ابني تخرج منذ ثلاث سنوات ولم يجد وظيفة. إذا لم تُفتح الأبواب أمامهم، فما هو المستقبل الذي ينتظرنا جميعًا؟”.
تحدثت مصادر من داخل مجلس النواب عن أن إعادة النظر في القرار باتت ضرورة ملحّة. وقال مصدر: “المجلس يدرس بشكل جاد إعادة سن التقاعد إلى 63 عامًا لضمان استقرار المؤسسات، لكن التحدي يكمن في كيفية تحقيق التوازن بين حاجة الشباب إلى العمل وحاجة المؤسسات إلى الخبرة”.
من ناحية أخرى، يعاني العراق من بطالة متفاقمة حيث تشير البيانات إلى وجود نحو 500 ألف شاب يدخلون سوق العمل سنويًا في ظل وجود ما يزيد على 800 ألف خريج عاطل عن العمل. هذه الأرقام تجعل من قضية التقاعد جزءًا من معادلة أوسع تتعلق بتنشيط الاقتصاد وتوفير بيئة استثمارية قادرة على خلق وظائف جديدة.
في تعليق لافت على فيسبوك، كتب باحث اجتماعي من البصرة: “تأجيل التقاعد لن يحل المشكلة بل سيزيد من الضغوط. يجب أن يكون هناك إصلاح اقتصادي شامل، وتشجيع الشباب على دخول القطاع الخاص بدلاً من الاعتماد الكلي على الوظائف الحكومية”.
تحليل مشابه طرحه خبراء اقتصاديون، حيث أفادت تحليلات أن رفع سن التقاعد قد يعزز من الموارد المالية لصندوق التقاعد لكنه في المقابل سيعيق دخول جيل جديد من الموظفين إلى سوق العمل.
إحدى المواطنات، وتُدعى أم علي، تحدثت عن معاناة عائلتها قائلة: “ابني الأكبر تخرج منذ أربع سنوات ولم يجد عملًا، والآن أبنائي الأصغر على وشك التخرج. إذا استمر الوضع على هذا الحال، فكيف يمكننا أن نعيش؟”.
يرى مؤيدو رفع سن التقاعد إلى 63 عامًا أنه خطوة لتعزيز استقرار المؤسسات المالية والحفاظ على الخبرات، فيما يعتقد آخرون أن الحلول يجب أن تتجه نحو سياسات أعمق لتنشيط الاقتصاد، مثل جذب الاستثمارات وتحفيز القطاع الخاص، فضلاً عن إصلاحات جذرية في سياسات التوظيف.
وقال أحد الشباب من الموصل في تغريدة ساخرة على “إكس”: “ربما بحلول الوقت الذي أصل فيه إلى سن التقاعد لن تكون هناك حاجة لتخفيضه أو رفعه. ربما سيظل البحث عن عمل حلمًا طويلاً لكل جيل!”.
وفق معلومات من وزارة التخطيط، فإن مشكلة البطالة لا تزال من التحديات الأكبر أمام الحكومة. وفي هذا السياق، ذكرت تحليلات أن رفع سن التقاعد قد يؤدي إلى تعميق الفجوة بين الأجيال ويخلق مزيدًا من الضغط على سوق العمل، مما يجعل الحلول التقليدية غير كافية.
المصدر: المسلة
Publisher: Almasalah