رايتس ووتش: “داعش” بطش بـ670 شيعيا ببادوش والقوات الحكومية والميليشات اعدامت 255 سنيا
كشفت منظمة “هيومن رايتس ووتش” لمراقبة حقوق الانسان ،اليوم الجمعة ، أن مسلحي تنظيم “داعش” نفذوا على نحو ممنهج عمليات إعدام لحوالي 670 نزيلاً بسجن بادوش بضواحي مدينة الموصل العراقية الشمالية في العاشر من حزيران الماضي استنادًا الى روايات ناجين، في اكدت ان القوات الحكومية وميليشيات شيعية موالية لها نفذت اعدامات جماعية بـ255 من السنة في حزيران الماضي ايضا .
واشارت المنظمة في تقرير مفصل الى أنه “بعد استيلاء التنظيم على سجن بادوش قرب الموصل (375 كم شمال بغداد)، قام مسلحوه بفصل النزلاء السنة عن الشيعة، ثم أجبروا الرجال الشيعة على الركوع بطول حافة وادٍ قريب، وأطلقوا عليهم النار من بنادق هجومية وأسلحة آلية، بحسب ما أكد 15 سجيناً ممن نجوا من المذبحة موضحين أن المسلحين قاموا كذلك بقتل عدد من النزلاء الأكراد والإيزيديين.
وقالت ليتا تايلر، باحثة أولى بقسم الإرهاب ومكافحة الإرهاب، في المنظمة “إن التفاصيل المروعة للمذبحة الجماعية لنزلاء السجن بيد تنظيم داعش، تجعل من إنكار عربدة تلك الجماعة المتطرفة أمراً مستحيلاً، وينبغي أن يدين الناس في أنحاء العالم من أي عرق أو معتقد هذه الجرائم المروعة وأن يمارسوا الضغط على الحكومة العراقية، والمجتمع الدولي، لتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة”.
وشدد على أن عمليات الإعدام الميداني الجماعية هذه ترقى إلى مصاف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية .
واشارت المنظمة الى انه في ” تفاصيل الحادث، فإن مقاتلي داعش قاموا باقتحام سجن بادوش يوم استيلائهم على الموصل في العاشر من حزيران الماضي، ثاني كبريات المدن العراقية، والواقعة على بعد 10 كيلومترات إلى الجنوب الشرقي من السجن ، ثم ساق المسلحون 1500 نزيل في شاحنات، وقادوهم إلى بقعة صحراوية منعزلة، على بعد كيلومترين من السجن، على ما قال الناجون، وكان النزلاء يقضون عقوبات على طيف من الجرائم، تتراوح بين القتل والاعتداء وحتى الجرائم الخالية من العنف.
و فصل المسلحون عدة مئات من الرجال السنة، وعدداً أقل من الرجال المسيحيين وانطلقوا بهم في الشاحنات، ثم قاموا بسرقة متعلقات المتبقين ، وساقوهم إلى وادٍ وأرغموهم على تشكيل طابور واحد طويل على حافته وهناك جعلوا النزلاء يحصون أعدادهم في الطابور قبل فتح النار عليهم. ووصف أحد الناجين، وهو أ. س.
حصيلة الجريمة:
في البداية قالوا “على كل شخص أن يرفع يده ويقول رقمه”… وكنت رقم 43. وسمعتهم يقولون “615″، ثم سمعت أحد رجال داعش يقول “سنأكل جيداً الليلة” .. وسألنا رجل خلفنا “هل أنتم مستعدون؟” فرد شخص آخر: “نعم”، وبدأ بإطلاق النار علينا من بندقية آلية ثم بدأوا جميعاً بإطلاق النار علينا من الخلف، بطول الطابور.
وقال تسعة من الناجين إنهم سمعوا زملاءهم النزلاء في نهاية الطابور ينادون من الآحاد بعد الخمسمئة وحتى 750 لا وسمع خمسة منهم أرقاماً بين 615 و680 وقد أصيب معظم الأشخاص بالرصاص في الرأس والظهر والجنب.
وقال الناجي وهو ح. ك : “احتكت رصاصة بمؤخرة رأسي وأصابتني رصاصة أخرى في ذراعي وسقطت معتقداً أنني فارقت الحياة وفقدت الوعي إثر ذلك لمدة حوالي خمس دقائق وحين أفقت وجدت رجلاً مسناً يرقد فوقي كان أصيب بطلقة اخترقت رأسه، وكنت قبل أن يبدأوا باطلاق النار علينا قمت بتقبيل وتوديع الرجال إلى يميني وشمالي لتبرئة ذممنا لمعرفتنا أننا سنموت وأخرجت صورة ابنتي وقبلتها وكنت أدعو الله أن يحفظني من أجلها لأن ليس لي أحد في الخارج، ثم عاد المسلحون لإجراء جولة ثانية من إطلاق الرصاص حين شاهدوا أحد السجناء يقف، ولم يتوقفوا إلا عند نفاد ذخيرتهم”.
وقال الشاهد ف. س : “كانوا يصيحون: هذه عدالتنا .. وهذا حي أطلق عليه النار ثانية! فأصابتني رصاصة ثم سمعت أحدهم يقول “دعونا نرحل فقد نفد رصاصنا”.
وقد سقط معظم المصابين في الوادي كما قال الناجون. ثم أشعل المسلحون النيران في الحلفاء المحيطة بالوادي والتي بداخله ثم امتدت النيران إلى الجثث.
وقد قدر الشهود نجاة 30-40 سجيناً، نجا معظمهم عن طريق التدحرج إلى الوادي والتظاهر بالموت أو لأنهم احتموا بجثث سجناء آخرين سقطت فوقهم.
وقال الناجون إن عدة رجال جرحوا بفعل الرصاص وتوفوا لاحقاً أثناء محاولة الابتعاد زحفاً أو على الأقدام.
وقام مقاتلو داعش باقتياد السجناء الذين زعموا أنهم سنة أو مسيحيين لمدة 4 ساعات إلى بقعة صحراوية أخرى كما قال رجل سني كان ضمن المجموعة لـ هيومن رايتس ووتش.
وقد عجز الرجل عن تحديد مكان البقعة، لكنه قال إن بعض أفراد المجموعة كانوا يعتقدون أنها بمحافظة الأنبار العراقية، بينما ظن آخرون أنها قد تكون في سوريا.
وقال الشاهد إن “مقاتلي التنظيم أخذوا بين 50و100 رجل من تلك المجموعة في الليلة الأولى، بزعم أنهم شيعة ينتحلون الانتماء إلى السنة. وقال إنهم لم يعودوا وبعد 3 أيام قاد مقاتلو التنظيم البقية عائدين بهم إلى الموصل وهناك أطلقوا سراحهم، كما قال.
وقد أجرت “هيومن رايتس ووتش” مقابلات مع 15 من الشيعة الناجين، و4 آخرين من نزلاء سجن بادوش، في إقليم كردستان ، حيث استسلموا للسلطات المحلية أو أمسكت بهم السلطات في أعقاب فرارهم من المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش.
وتمت المقابلات في سجنين كانت السلطات الكردية العراقية تحتجز فيهما هؤلاء الرجال. واستعرض جميع السجناء تقريبا آثار رصاص أو حروق قالوا إنهم أصيبوا بها أثناء المذبحة.
ولم تتمكن “هيومن رايتس ووتش” ولا مسؤولي الحكومة العراقية من الوصول إلى سجن بادوش أو موقع المقتلة المزعومة لأن المنطقة لا تزال تحت سيطرة تنظيم داعش.
إعدامات للسنة نفذتها القوات الحكومية والميليشيات
ووثقت منظمة “هيومن رايتس ووتش” عمليات إعدام غير مشروعة لحوالي 255 سجين سني في 6 مدن وقرى عراقية في حزيران بأيدي قوات الحكومة العراقية التي تتكون غالبيتها من الشيعة وبأيدي ميليشيات شيعية موالية للحكومة.
واشارت الى ان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد امر في ايلول (سبتمبر) الماضي بإجراء تحقيق أممي في الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش وينبغي لهذا التحقيق أن يتضمن المذبحة المرتكبة قرب سجن بادوش لتحديد المسؤولين عنها وضمان محاسبتهم كما يجب على تحقيق الأمم المتحدة أيضاً أن يوثق الجرائم الكبرى التي ارتكبتها قوات الحكومة العراقية والميليشيات الشيعية الموالية لها، بما في ذلك الغارات الجوية العشوائية عديمة التمييز، وعمليات الإعدام الجماعي للسجناء السنة والإعدامات الميدانية للسنة في أرجاء البلاد.
واكدت “هيومن رايتس ووتش” إن التحقيق الأممي ينبغي أيضاً أن يفحص ما إذا كان بوسع السلطات العراقية بذل المزيد من الجهد لحماية سجناء بادوش وسكان الموصل من تنظيم داعش.
وقالت ليتا تايلر “رغم أن أي قدر من الإهمال الحكومي لن يمثل عذراً لفظائع داعش، إلا أن على السلطات بذل كل ما بوسعها لحماية الشيعة وغيرهم من الذبح وعلى السلطات العراقية فضلا عن ذلك أن ترتب بأسرع وقت ممكن لنقل الناجين من تلك المذبحة إلى سجون في أماكن أخرى من العراق يمكنهم فيها الحصول على زيارات عائلية منتظمة”.
وقد اتفقت أوصاف الشهود لعملية إطلاق النار الجماعية مع نتائج بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، التي خلصت إلى أن تنظيم داعش قتل ما يصل إلى 670 من نزلاء بادوش الشيعة قرب السجن في 10 حزيران.
وفي اليوم السابق على الهجوم لم يقدم حراس السجن في بادوش للنزلاء طعاماً يذكر ثم فروا في منتصف الليل، كما قال الناجون الذين كانوا سجناء في بادوش آنذاك.
وفي توقيت الهجوم، كان السجن يؤوي ما يزيد على 3000 سجين في عنبرين كبيرين، أحدهما للجنايات والآخر للجنح، بحسب أقوال الشهود وكذلك مسؤولي السجون والمخابرات في كردستان العراق الذين تحدثوا مع هيومن رايتس ووتش. وكان بالسجن قسم منفصل للإيزيديين والمسيحيين وغيرهم من الأقليات العرقية والدينية.
يذكر ان سجن بادوش المركزي هو سجن شديد التحصين وثاني أكبر سجن في العراق بعد سجن أبو غريب بضواحي بغداد الغربية. ويقع قرب بلدة بادوش الواقعة غرب الموصل وقد بدأ بناء السجن عام 1979 وانتهى عام 1986 على مساحة تقدر بأكثر من كيلو مترين مربعين تقريبا.
عراق برس |