الاكراد يهيمنون ويفتحون مكتبا لبرلمانهم في كركوك.. وداعش ُتسكت الاعتراضات!
بعد أشهر من انسحاب الجيش العراقي من كركوك وتحرك البيشمركة لأخذ مواقعها للدفاع عن المدينة فتح إقليم كردستان مكتباً خاصاً ببرلمانه في المدينة محاولاً من خلال هذه الخطوة وضع كركوك في موضع المدينة الكردستانية فيما تبدو الاعتراضات واضحة من قبل السكان من غير الكراد وأفراد الحكومة العراقية. في خطوة عملية هي الثالثة من نوعها لإقليم كردستان من أجل تقريب محافظة كركوك منها افتُتح في السادس عشر من شهر تشرين الأول الجاري مكتب برلمان كردستان في المدينة. وسرعان ما عبّر التركمان والعرب من سكان المدينة عن رفضهم فتح المكتب واصفين إياه بـ"غير الدستوري" لا إن احتجاجهم كان متأخراً. تنظيم داعش سيطر على مناطق في جنوب المدينة في وقت سابق بعد انسحاب الجيش العراقي منها واستغل إقليم كردستان الفراغ سريعاً وقام بنشر قوات البيشمركة في مواقع الجيش العراقي الفار على أمل تحقيق حلم الأكراد بعد سقوط نظام صدام حسن في تنفيذ المادة 140 من الدستور. وبانتشار البيشمركة في كركوك وظهور مسلحي داعش ابتعدت بغداد عن المدينة أكثر من أي وقت مضى فيما عززت أوراقها هناك استعداداً لاستخدامها لاحقاً. وتغيّرت المعادلات عندما دخل عدد من قوات البيشمركة الذين تم إرسالهم بقرار من وزارة الموارد الطبيعية في الإقليم على حقل(باي حسن)النفطي وسيطروا عليه بالكامل وهو حقل ينتج(300)ألف برميل من النفط يومياً ويعتبر أحد أهم مصادر انتاج وتصدير النفط في المدينة. رئيس الإقليم مسعود بارزاني قال في تموز (يوليو) الماضي "لقد صبرنا في الأعوام الماضية كثيراً حتى تحل الحكومة الاتحادية مشكلة المناطق المتنازع عليها وفق المادة 140 ولكن لم يكن في انتظارنا جدوى وقد انسحبت القوات الحكومية من تلك المناطق اليوم وتركتها فوجب على قوات البيشمركة دخولها والمحافظة عليها حتى لا تقع في أيدي الإرهابيين وقد طُبقت المادة 140 بالنسبة إلينا اليوم وانتهت ولن أتحدث عنها مرة أخرى". اليوم وبعد تشكيل الحكومة العراقية الجديدة برئاسة حيدر العبادي أعاد إقليم كردستان إلى الواجهة موضوع ضم كركوك بفتحه مكتب برلمان كردستان في المدينة وأدى الأمر إلى احتجاج التركمان والعرب في المدينة. وقال يوسف محمد رئيس برلمان كردستان الخميس الماضي خلال مؤتمر صحفي لدى افتتاحه مكتب البرلمان في كركوك إن "هذه خطوة تأكيد على كردستانية كركوك، نحن نعتبر المدينة جزءاً من كردستان ونسعى لإيصال صوت مكوناتها المختلفة إلى البرلمان عن طريق هذا المكتب الذي سيصبح منبراً للكركوكيين بقومياتهم المختلفة". وكان هادي العامري قائد قوات بدر قد زار كركوك بداية شهر أيلول(سبتمبر)الماضي وقال بعد اجتماعه مع محافظ المدينة "يجب ان لا تبقى قوات البيشمركة وحدها في كركوك ولن نسمح للبيشمركة في البقاء دون تنسيق مع الجيش العراقي في المناطق التي تقع خارج الإقليم كما هي الحال اليوم". وفي مقابل الخطوات العملية لإقليم كردستان بشأن كركوك لم تتمكن الأوساط السياسية العربية والتركمانية من الاحتجاج كالسابق وكان من أبرز أسباب ذلك هو وجود مسلحي داعش على أطراف المحافظة وكذلك استعداد قوات البيشمركة بشكل لافت ما جعل صوت وثقل الأكراد أقوى من الأعوام الماضية. وتشير المصادر الصحفية إلى ان التركمان رغم احتجاجهم على فتح المكتب في كركوك إلاّ إنهم طالبوا الأكراد سراً بتخصيص حصة للتركمان فيه وبهذا يمكن للأكراد تفكيك التنسيق بين التركمان والعرب ضده والحصول على دعم أكبر لخطواتهم العملية. ومن الممكن أن تؤدي مسألة كركوك التي تخضع اليوم لسيطرة فعلية لإقليم كردستان إلى نشوء أزمة كبيرة بين أربيل وبغداد في حال عدم تنفيذ مطالب الأكراد التي أمهلوا الحكومة العراقية الجديدة ثلاثة أشهر لتنفيذها مقابل مشاركتهم فيها وأن تصبح كركوك نقطة قوية لتوتر العلاقات الهشّة بينهما. وقامت القوات العراقية والميليشيات الشيعية وبتعاون مباشر من قوات الحرس الثوري الإيراني في أيلول (سبتمبر) الماضي بهجوم واسع النطاق على مدينتي آمرلي وسليمان بك جنوب شرق كركوك ونجحت في إخراج مسلحي داعش من المنطقة وكان الهدف وراء الهجوم هو فتح طريق كركوك – بغداد الذي أعلن هادي العامري خلال زيارته للمدينة "بشرى" فتحه. وفيما يصمم الأكراد على إن كركوك جزء من كردستان ولن يساوموا عليها لا يقبل العرب الشيعة والسنة مدعومين من دول الجوار ومنها تركيا وإيران بذلك أبداً، ويرى المراقبون إن هذه الحرب الهادئة التي تدور اليوم ستكون سبباً في اندلاع الحرب الحقيقية التي لا يعرف الفائز فيها لأن من يعارضون الأكراد يعانون اليوم من الخلافات الطائفية والمذهبية.
كتابات
تعليقات الزوار سيتم حدف التعليقات التي تحتوي على كلمات غير لائقة Will delete comments that contain inappropriate words