سياسيون: خطأ واشنطن بتقدير خطر (داعش) يحملها مسؤولية طرده والحكومة العراقية تجاهلت التحذيرات
عدّ التحالف الوطني، اليوم الاربعاء، أن عدم تمكن "أعظم دولة" في العالم من تقدير خطر (داعش) يشكل "تبسيطاً" لمهمة الاستخبارات الأميركية، وفي حين أكد التحالف الكردستاني أن الحكومة العراقية "أخطأت" هي الأخرى في تقدير خطر ذلك التنظيم برغم تلقيها الكثير من التحذيرات بشأنه، حمل إعلامي عراقي الأطراف السياسية "المسؤولية الأكبر في الخطأ" لأنها تركت البعض "يلعب بالقضايا الطائفية، وتغذية الاحتقانات التاريخية، واحتلال الدولة وسلبها هويتها وقدرتها على الصمود، ونشر الفساد في مفاصلها في أكبر عملية نهب منظمة عبر التاريخ".
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما، أقر، يوم الأحد، (الـ28 من ايلول 2014 الحالي)، خلال مقابلة مع شبكة (سي بي اس نيوز)، بعدم تقدير الولايات المتحدة خطر (داعش) في العراق وسوريا، ولم تتوقع أن يؤدي تدهور الوضع في البلدين إلى تسهيل ظهور مجموعات متطرفة خطيرة على غرار (داعش)، كاشفاً عن اعتراف رئيس أجهزة الاستخبارات، جيم كلابر، بعدم تقدير ما جرى في سوريا.
وقال النائب عن التحالف الوطني إبراهيم بحر العلوم، في حديث إلى (المدى برس)، إن "الحديث عن عدم تمكن أعظم دولة في العالم من تقدير خطر (داعش) برغم مضي ثلاث سنوات على وجود التنظيم على الأرض العراقية والسورية، يشكل تبسيطاً لمهمة الاستخبارات العسكرية الأميركية في المنطقة"، معرباً عن اعتقاده بأن "الشعوب باتت ناضجة لتقدير الموقف، بالتالي فإن المسؤولية الأكبر تقع على الولايات المتحدة في رد خطر (داعش) لاسيما أن البعض ما يزال يردد في أدبياته أن ذلك التنظيم صنيعة غربية".
وأضاف بحر العلوم، أن "التحالف الدولي الذي تقوده أميركا يستطيع قلع داعش من الجذور، إذا ما كانت هناك خطة جادة ورصينة تنفذ بالتنسيق مع حكومات المنطقة"، عاداً أن "حديث رئيسة الارجنتين أمام الأمم المتحدة، من أجمل ما طرح، لما أتسم به من وضوح وصراحة، بشأن حقيقة ما يجري في المنطقة، ما أدى إلى تعمد بعض المحطات قطعه".
وكانت رئيسة الأرجنتين، كريستينا فرنانديز دي كيرشنر، انتقدت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، مطلع الاسبوع الحالي، الطريقة التي تتبعها المنظمة الدولية في التعامل مع "الإرهاب"، مشيرة الى أن "الإرهاب ليس فقط بالتفجيرات والقنابل والقتل"، لأن هناك إرهاباً اقتصادياً تمارسه الدول في تجويع الشعوب".
وتابعت كيرشنر، "اجتمعنا منذ عام، عندها كنتم تعتبرون نظام الأسد إرهابياً، وتدعمون المحاربين الذين كنا نعتبرهم ثواراً، أما اليوم فنحن نجتمع لمحاربة تصرفات الثوار الذين اصبحوا أعضاءً في تنظيم داعش"، متهمة الدول الغربية بأنها "تخلق الوحوش وتعجز عن السيطرة عليها".
من جانبه قال النائب عن التحالف الكردستاني، ريناس جانو، في حديث إلى (المدى برس)، إن "حديث أوباما بشأن الخطأ في تقدير خطر داعش، ليس غريباً على المتابعين للسياسة الأميركية، لأن المعلومات التي يستقونها من بعض الجهات لم تكن دقيقة"، عاداً أن "الحكومة العراقية ذاتها أخطأت في تقدير خطر (داعش) برغم أنها تلقت الكثير من التحذيرات بشأنه".
وانتقد جانو، ما عدّه "النظرة لأميركا بازدواجية"، وتابع أن "البعض يريد أن تتحمل أميركا مسؤولية ما يحصل في المنطقة، في حين يتهمها البعض الآخر بالتدخل في مصير الشعوب ويحاولون قطع الطرق أمامها لئلا تكون جزءاً فعالاً بالمنطقة".
وتساءل القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة رئيس إقليم كردستان، مسعود البارزاني، "إذا لم نكن بالمستوى المطلوب ونلجأ لأميركا في الصغيرة والكبيرة، فلماذا نعاتبها على أخطائنا"، وزاد "إذا كانت على أميركا مسؤولية، فإن علينا مسؤولية أكبر في رعاية مصالحنا وبلداننا".
على صعيد متصل عدّ الكاتب والإعلامي، مشرق عباس، في حديث إلى (المدى برس)، أن "الجميع أخطأ في تقدير خطر تنظيم داعش، سواءً في العراق أم دول الإقليم أم المجتمع الدولي"، عاداً أن "الأدهى من ذلك فإن الجميع حاول ويحاول استثمار خطر ذلك التنظيم الإرهابي سياسياً".
وأوضح عباس، أنه "إذا كان بالإمكان تفهم محاولات الاستثمار السياسي لذلك الخطر من الدول الأخرى، كونه في النهاية يندرج في نطاق تقديراتها لمصالحها، لكن خطأ التقدير في العراق تجاهه هو جوهر الأزمة".
ورأى الكاتب والإعلامي، أن "الأخطر يتمثل بمحاولة الأطراف السياسية المحلية استغلال داعش بجرائمه وخطواته وارتباطاته المريبة، لصالحها في لعبة مصالح داخلية"، متابعاً أن "واشنطن أخطأت كعادتها منذ العام 2003، لكننا كعراقيين لم نقدر الخطر بنحو صحيح".
وتابع عباس، "لم نتنبه طيلة السنوات الماضية لخطر ترك أطراف سياسية تلعب بالقضايا الطائفية، وتغذي الاحتقانات التاريخية، وتحتل الدولة وتسلبها هويتها وقدرتها على الصمود، وتنشر الفساد في مفاصلها في أكبر عملية نهب منظمة عبر التاريخ"، مستطرداً أن "المشكلة تتمثل بعدم اعتراف الأطراف العراقية بتلك الجرائم، بعكس أوباما الذي اعترف بالخطأ كطريق إلى الحل".
يذكر أن تنظيم (داعش) قد فرض سيطرته على مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى،(405 كم شمال العاصمة بغداد)، في (العاشر من حزيران 2014)، ثم امتد نشاطه بعدها، إلى محافظات صلاح الدين وكركوك وديالى، ومناطق أخرى تشكل قرابة ثلث مساحة العراق.
المدى برس |