عزيزي رئيس الوزراء،
يعتمد اقتصاد العراق على قطاعات متعددة، أحدها قطاع التصنيع. ورغم أن العراق ينتج حالياً العديد من السلع الأساسية مثل الأغذية وغيرها من المنتجات الاستهلاكية، فإن توافر قطع الغيار والمعدات التكميلية في الوقت المناسب أمر بالغ الأهمية للحفاظ على سلاسة العمليات. وهذه المواد ضرورية لضمان استمرار الإنتاج ومنع تكاليف العمالة والنفقات العامة غير الضرورية التي يمكن أن تقوض الكفاءة، وفي نهاية المطاف، تهدد قابلية استمرار الأعمال.
افتتحت شركة فيديكس، باعتبارها مزوداً عالمياً رئيسياً للنقل، مركزاً في مطار بغداد في البداية بعد عام 2003. ومع ذلك، اضطرت إلى إغلاق مكتبها في بغداد بعد ذلك بفترة وجيزة ونقل عملياتها إلى أربيل. ونتيجة لذلك، يتم الآن توجيه الشحنات المخصصة لبغداد والمحافظات الأخرى عبر أربيل، حيث تواجه غالباً تأخيرات بسبب عمليات التفتيش من قبل السلطات المحلية، مما يطيل وقت التسليم الإجمالي حيث يجب أن تذهب الشحنات أولاً إلى أربيل قبل الوصول إلى وجهاتها النهائية.
لم يكن رحيل فيديكس من بغداد مصادفة – بل كان رداً على الفساد المستشري. أتذكر تجربة خاصة مع سائق سيارة أجرة أخذني من عباس بن فرناس إلى مطار بغداد. روى بفخر قصة عن شقيقه، الذي تعمد تأخير شحنة حاسمة من المعدات المطاطية لمصنع حتى حصل على رشوة، أو “عمولة”، كما تُعرف محليًا. يسلط هذا المثال الضوء على قضية الموظفين غير المؤهلين وغير المحترفين الذين يتم تعيينهم في أدوار محورية، حيث تعوق أفعالهم الإنتاجية الاقتصادية.
اليوم، أصبح الوضع في أربيل أكثر تعقيدًا. تواجه كل شحنة نتلقاها لأعمالنا تأخيرات، وكثيراً ما يُنصحنا بتعيين محامٍ في أربيل لمساعدتنا في إدارة العملية. في بعض الأحيان، يستغرق هذا أسابيع أو حتى أشهر قبل أن تقرر السلطات المحلية ما إذا كانت ستفرج عن الشحنات أو تصادرها. وحتى عندما يتم الإفراج عن العناصر في النهاية، فإن العملية تجعلها غير عملية. يُترَك لنا خيار دفع الرشاوى في بغداد أو قبول التأخير غير المعقول والرسوم القانونية في أربيل – وكلها تبدو متجذرة في نفس الفساد الذي ابتلي بغداد ذات يوم.
يبدو أن الحكومة العراقية، مثل الإدارات السابقة، تلحق الضرر عن غير قصد بصناعة التصنيع من خلال السماح بهذه الممارسات، التي لا يستفيد منها سوى حفنة من المسؤولين الفاسدين في بغداد وأربيل. ولابد أن يتطلع مستقبل العراق الاقتصادي إلى ما هو أبعد من النفط، وأن يركز بدلاً من ذلك على التصنيع والزراعة لتوفير فرص مستدامة للأجيال القادمة. واليوم، أصبح مصير اقتصاد العراق بين أيديكم. ولديكم الفرصة لاتخاذ إجراءات تصحيحية ــ أو ترك هذا القطاع الحيوي يعاني من نفس الإهمال الذي عانى منه في الماضي.
مع خالص التقدير،
أمير الموسوي