You are currently viewing العشوائيات تلتهم المحافظات وحاجة إلى 3 ملايين وحدة سكنية

العشوائيات تلتهم المحافظات وحاجة إلى 3 ملايين وحدة سكنية

تعيش شريحة كبيرة من العراقيين في الأحياء العشوائية، وهو واقع مرير يكشف حجم الأزمة السكنية التي تطارد البلاد منذ سنوات طويلة.

الأحياء التي تُعرف باللهجة المحلية بـ”التجاوز” تشهد تكدسًا بشريًا لا يعكس سوى قصور في التخطيط الاستراتيجي وتدهور في النظام العمراني.

وبحسب وزارة التخطيط العراقية، يبلغ عدد هؤلاء الذين يعيشون في تلك المناطق نحو 3.6 مليون مواطن، موزعين على ما يقارب 1073 تجمعًا عشوائيًا في العاصمة بغداد وحدها.

عبد الزهرة الهنداوي، المتحدث باسم وزارة التخطيط، يشير إلى أن بغداد وحدها تحتضن العدد الأكبر من هذه التجمعات، حيث تضم 560 ألف مسكن.

تلك الأرقام، وإن كانت تحمل في ظاهرها إحصاءات دقيقة، إلا أنها تخفي وراءها قصصاً مليئة بالتحديات اليومية.

وفي إحدى الزوايا المهملة لبغداد، نجد أُمًّا تعيش مع أطفالها الخمسة في غرفة ضيقة، وهي تقول بتنهيدة: “منذ سنوات ونحن ننتظر حلًا، لكن كل ما نسمعه هو وعود على الورق”.

قصتها ليست فريدة، بل تُشبه قصص الملايين الذين يجدون أنفسهم محاصرين في مناطق تعاني من نقص الخدمات والبنية التحتية.

ولا يقتصر انتشار هذه الأحياء على بغداد فقط، فالبصرة، المعروفة بأنها العاصمة الاقتصادية للعراق، تأتي في المرتبة الثانية من حيث التجمعات العشوائية، تليها النجف والمثنى.

هذه المحافظات تعاني أيضًا من نفس المعضلة، بل وتبدو الأمور أكثر تعقيدًا في ظل تزايد أعداد السكان بشكل غير مسبوق. فعدد سكان العراق تجاوز الـ43 مليون نسمة، وهو رقم يواصل الارتفاع سنويًا دون وجود مشاريع تنموية تواكب هذا النمو السكاني.

في وسط هذه الصورة القاتمة، أعلنت الحكومة العراقية مؤخرًا عن مبادرات لإنشاء مدن سكنية جديدة، خاصة في المحافظات الوسطى والجنوبية.

ولكن السؤال الذي يتردد على ألسنة الكثيرين: هل ستنجح هذه المشاريع في معالجة الأزمة؟ أم أن الفساد وسوء الإدارة سيجعلان هذه الخطط مجرد سراب آخر؟.

أبو علي، أحد سكان حي عشوائي في البصرة، لا يخفي تشاؤمه: “سئمنا من الوعود، نسمع عن مشاريع كبرى تُعلن كل عام، لكن واقعنا لم يتغير قيد أنملة”.

وفي هذا السياق، يحتاج العراق، بحسب وزارة التخطيط، إلى بناء أكثر من 3 ملايين وحدة سكنية للتخفيف من حدة الأزمة. ولكن هل تستطيع الدولة فعلاً توفير هذه الوحدات في ظل البيروقراطية المعقدة والفساد المتفشي؟ تتساءل رشا الطائي، إحدى الصحفيات المحلية، في مقال نشرته مؤخراً: “هل نحتاج حقاً إلى المزيد من المنازل، أم أننا بحاجة إلى إعادة هيكلة شاملة للنظام العمراني والسياسي؟”

وفي ظل كل تلك التساؤلات، يظل مصير ملايين العراقيين الذين يعيشون في العشوائيات معلقًا، في انتظار تغيير حقيقي لا يبدو قريباً.

 

 

المسلة

شارك المقالة