You are currently viewing هل رضخ بايدن ودعم خطّة هُجوم نتنياهو على إيران ومُنشآتها النوويّة؟ وكيف نتوقّع الرّد الإيراني وأذرع المُقاومة؟

هل رضخ بايدن ودعم خطّة هُجوم نتنياهو على إيران ومُنشآتها النوويّة؟ وكيف نتوقّع الرّد الإيراني وأذرع المُقاومة؟

عبد الباري عطوان

ما يُمكن استنتاجه من كثرة اجتماعات مجلس حرب الإحتلال لبحث الهُجوم المُتوقّع على إيران، ورضوخ الرئيس الأمريكي جو بايدن لضُغوط بنيامين نتنياهو والاتّصال بالأخير هاتفيًّا لمدّة 45 دقيقة في الإطار نفسه، أنّ دولة الاحتلال “مُتردّدة” في اتّخاذ القرار، وتخشى صُقورها من تبعاته، وخاصَّةً الرّد الإيراني شبه المُؤكّد والذي من المُتوقّع أن يكون كاسحًا، تُستخدم فيه مئات من صواريخ فرط صوت، والمُسيّرات الانقضاضيّة المُتطوّرة.
لا نعرف ما دارَ في المُحادثة الهاتفيّة بين الرئيس بايدن ونتنياهو، لأنّ هذه أسرارٌ عسكريّة، ولا نثق في مُعظم التّسريبات حولها، لكن ما نعرفه أنّ الهدف الأساسيّ منها هو الاتّفاق على أهداف الضّربة وموعدها، والدّور الأمريكيّ فيها في حالةِ رُضوخِ الرئيس بايدن لضُغوط نتنياهو والاستجابة لمطالبه ذات الطّابع التهديديّ، مثلما جرى في جميع الحالات المُماثلة، وخاصَّةً في حربيّ غزة وجنوب لبنان.

***
بالنّسبة للنّقطة الأولى، أي نوعيّة الأهداف التي ستُركّز عليها هذه الضّربة، فإنّها قد تنحصر في اتّجاهين، الأوّل ضرب المُنشآت النوويّة، والبُنى التحتيّة لمؤسّسات النفط والغاز، الأمر الذي سيكون إعلانًا للحرب الإقليميّة المُوسّعة، أمّا الاتّجاه الثاني فربّما ينعكس في ضربةٍ “صُوريّةٍ” مُتّفق عليها لتجنّب هذه الحرب التي تخشاها الإدارة الأمريكيّة حِفاظًا على قواعدها ومصالحها الاقتصاديّة والعسكريّة في مِنطقة الشّرق الأوسط، واستمرار أو تمديد وجود الكيان العبري لبضعة سنوات.
هُناك أكثر من 50 قاعدة عسكريّة أمريكيّة في المنطقة العربيّة وجوارها يتواجد فيها أكثر من 40 ألف جندي، وأي تدخّل أمريكي في هذه الحرب دعمًا للهُجوم الإسرائيليّ على إيران سيُعرّض جميع هذه القواعد للخطر التدميريّ، خاصَّةً في العِراق وسورية والأردن ودول خليجيّة.
الجولة التي يقوم بها السيّد عباس عراقجي وزير الخارجيّة الإيراني حاليًّا في المِنطقة وشملت لبنان وسورية والسعوديّة وقطر حسب التّسَلسُل، الهدف منها إجراء اتّصالات غير مُباشرة مع الولايات المتحدة بحثًا عن مخارجٍ لتجنّب هُجوم الإحتلال، فالدوحة التي كانت المحطّة الأخيرة في جولته، ترتبط بعلاقاتٍ وثيقةٍ مع إدارة الرئيس بايدن، ولعبت دورًا كبيرًا في المُفاوضات التي رعَتها واشنطن طِوال الأشهر العشرة الماضية في الدوحة والقاهرة تحت غطاء التوصّل إلى هدنةٍ ووقف إطلاق النّار في قطاع غزة، ومن الحكمة بحث جميع الخِيارات وهذا لا يعني عدم الاستِعداد للحرب.
بنيامين نتنياهو يتصرّف حاليًّا مِثل المُقامر الذي يُضحّي بكُل ما يملك من أموالٍ على أمل استعادة خسائره، وتأتي النتائج عكسيّة تمامًا، والخسائر تتضاعف بشكلٍ مُتسارعٍ حتّى الإفلاس النهائيّ، ولعلّ الهُجوم المُتوقّع على إيران هو آخِر أوراقه، والإنجاز الأهم في حياته السياسيّة، أي جرّ الولايات المتحدة إلى حربٍ مع إيران تُحقّق لهُ حُلمه في تدمير المُنشآت النوويّة والعسكريّة الإيرانيّة، والمصدر الأبرز والأهم للخزينة الإيرانيّة، أي الصّناعة النفطيّة والغازيّة وآبارها.
نتنياهو يحتقر الرئيس بايدن رُغم صُهيونيّته، والخدمات الكبيرة التي قدّمها على شكل صفقات أسلحة حديثة، ومُساعدات ماليّة وسياسيّة لدولة الاحتلال، ولذلك لا نستبعد أن لا يرضخ نتنياهو لتوسلات بايدن لتخفيف حدة هجومه بتخفيف حدّة هُجومه على إيران، والابتعاد عن الأهداف الاستراتيجيّة النفطيّة والنوويّة تَجَنُّبًا للرّد الإيراني الكبير، وأن يمضي قُدُمًا في مُخطّطاته التدميريّة المذكورة آنفًا، فنتنياهو فرض رأيه دائمًا على الرئيس الأمريكي، وأثبت عمليًّا أنّه السّاكن الحقيقيّ للبيت الأبيض.
الحرب خدعة، والهُجوم المُباغت يُشكّل أكثر من نصف الانتِصار، ولهذا من الصّعب التنبّؤ بموعده الذي يُعتبر من الأسرار العُليا، وهذا ما يُفسّر نجاح الاجتياح المِصري لخطّ بارليف وإلحاق هزيمة كُبرى بالقوّات الإسرائيليّة في الأيّام الأُولى لحرب السّادس من تشرين الأوّل (أكتوبر) عام 1973، والهزيمة الكُبرى للعرب في حرب حزيران (يونيو) عام 1967.
كُنّا نتمنّى أن تكون إيران هي البادئة في الحرب الوشيكة، بشن هُجوم “الوعد الصادق 3” الاستباقي على دولة الاحتلال، وضرب بُناه التحتيّة ومطاراته وموانئه ومدنه الرئيسيّة، ولكنّنا نعلم جيّدًا أنّ إيران لا تُريد أن تكون البادئة في هذه الحرب الحاسمة، ونعلم أيضًا من مصادرنا أنّ ردّها سيكون مُوجعًا ومدروسًا وبمُشاركة أذرع محور المُقاومة في ستّ جبهات بكُلّ أنواع الأسلحة، والمعروف مِنها والسرّي.
***
مع انطلاق أوّل طائرة الشّبح “إف 35” لضرب المُنشآت النوويّة الإيرانيّة المركّبة في قعر الجبال العملاقة، وتعجز قنابل وزن طن الأمريكيّة من الوصول إليها، وإطلاق الصّاروخ الأوّل لتدمير المُنشآت النفطيّة والغازيّة الإيرانيّة، ستنهال الصّواريخ الباليستيّة والفرط صوتيّة على المطارات والمدن ومحطّات الكهرباء والماء والموانئ الرئيسيّة للكيان، وأُخرى لإغلاق مضيق هرمز فورًا، وثالثة لقصف القواعد الأمريكيّة في المنطقة، ونستند في هذا التوقّع إلى تصريحات المسؤولين الإيرانيين الكبار، ابتداءً من السيّد علي خامنئي المُرشد الأعلى، ومُرورًا بالسيّد عبد الرحيم الموسوي قائد الجيوش الإيرانيّة، وانتهاءً بالجنرال حسين سلامي قائد الحرس الثوري، وتُفيد معلومات شبه مُؤكّدة أنّ إيران تملك 3000 صاروخ فرط صوت في ترسانتها وتصل إلى حيفا في 14 دقيقة.
نتنياهو سيكون حتمًا الخاسر الأكبر وبغضّ النّظر عن حُروبه وخطواته القادمة، وسيَدخُل التّاريخ كرئيسِ دولة الاحتلال الذي هيّأ الفُرصة لتدمير المشروع الصّهيوني واقتِلاعه من جُذوره، والمرتبة الثانية بعد هتلر مُباشرة كمُرتكب لحرب الإبادة في غزة ولبنان وربّما العِراق اليمن وسورية.
لا نُريد أن نتسرّع ونستبق الأحداث لكن ما يُمكن أن نختم به هذه المقالة هو التّأكيد بأنّ الأيّام العشرة القادمة ستكون حاسمة جدًّا، وقد تُغيّر جميع مُعادلات القِوى والحُدود السياسيّة في المِنطقة، وقد ترسم خارطة جديدة لشرق أوسط جديد لا مكان فيه لدولة الاحتلال ولا للقواعد الأمريكيّة.. والأيّام بيننا.

رأي اليوم

شارك المقالة