You are currently viewing السيد السيستاني.. دور جهادي لافت أرعب الاحتلال وهدد أمنه

السيد السيستاني.. دور جهادي لافت أرعب الاحتلال وهدد أمنه

تحظى المرجعية الدينية العليا في العراق، الممثّلة بالسيد علي السيستاني، بدورٍ قيادي بارز ذي تأثير خصوصاً لناحية المواقف التي صدرت عنه خلال الأزمات والقضايا المصيرية التي واجهها العراق خلال مرحلة الاحتلال الأميركي، أو بعد ظهور تنظيم “داعش” واحتلاله لمناطق واسعة من العراق، ووقوفه الدائم إلى جانب المقاومتين الفلسطينية واللبنانية قبالة غطرسة الإحتلال، ودعمه لشعوب المنطقة.

ونتيجةً لدور السيد السيستاني وحضوره الفاعل في القضايا المحلية والإقليمية، سرّبت القناة “14” الإسرائيلية، أمس الثلاثاء، صورةً لبنك الأهداف الصهيوني تشمل صوراً لقادة محور المقاومة، وضمّت القائمة كلاً من السيد علي السيستاني، وقائد حركة أنصار الله اليمنية السيد عبد الملك الحوثي، ونائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار، وقائد قوة القدس الجنرال إسماعيل قاآني، بالإضافة إلى قائد الجمهورية والثورة الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي.

هذا التسريب للكيان، أثار غضب الشعب العراقي عموماً والقيادات السياسية والدينية، إذ حذّرت الرئاسة والحكومة العراقيتين “من خطورة هذه المحاولات التي تعرّض الأمن والسلم الدوليين لتهديد حقيقي”. بدوره، أكّد رئيس جماعة علماء العراق الشيخ خالد الملا للميادين أنّ “الاحتلال يحاول من خلال تهديداته للسيد السيستاني توسعة الحرب”. عن الخطر الذي شكّله السيد السيستاني على الاحتلال ما جعله ضمن قائمة أهدافه، نتحدّث، في نقاط سريعة.

دعم قضايا الأمة
يُعرف السيد السيستاني بدعمه لقضايا الأمة الإسلامية والمنطقة، ومنذ أن وسّع الكيان الإسرائيلي عدوانه على لبنان، أصدرت المرجعية العليا في العراق توجيهاتها بدعم اللبنانيين، كما أصدر السيد السيستاني عدة بياناتٍ كان من أبرزها حديثه عن وحشية الاحتلال عندما عمل على تفجير أجهزة الاتصالات الشخصية واستهداف الأبنية السكانية في لبنان والتي تضمّ النساء والأطفال.

كذلك، وجّهت المرجعية بإعانة اللبنانيين وتقديم الدعم لهم، من خلال توزيع المساعدات في بيروت وعدة مناطق حتى وصلت مساعداته في الأيام الأخيرة مناطق في شمالي لبنان أي طرابلس.

وبعد العدوان الصهيوني الذي استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت، واستشهاد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أصدر السيد السيستاني بياناً عزّى فيه لبنان والأمة الإسلامية، مشيداً بدور السيد نصر الله الذي ساند العراقيين بكل ما تيسر له في تحرير بلادهم من الإرهابيين، كما وصفه بـ “الشهيد الكبير”، مذكّراً بالدور المميّز الذي قام به “في الانتصار على الاحتلال الإسرائيلي بتحرير الأراضي اللبنانية”، وفي اتخاذه المواقف العظيمة “في نصرة الشعب الفلسطيني المظلوم حتى دفع حياته الغالية ثمناً لذلك”.

كذلك، أقام نجلا السيد السيستاني٬ مجلس عزاء للسيد نصر الله في كربلاء المقدّسة نيابة عن والدهما٬ حضره عدد كبير من السياسيين العراقيين.

موقفٌ ثابت في دعم فلسطين وشعبها
موقف السيد السيستاني من القضية الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي من المواقف الثابتة والحاسمة، وقد عبّر عن ذلك في مناسباتٍ وأحداث سابقة مختلفة، ولم يقف موقفه عند الموقف المستنكر العابر إزاء القضية الفلسطينيّة، بل عايشها بكل ما فيها من تفاصيل.

إذ واكبت بيانات المرجعية العليا كل الأحداث التي مرّت على الشعب الفلسطيني، منذ “النكبة” و”النكسة” وما بعدهما وصولاً إلى عملية “طوفان الأقصى”، حيث أكد السيد السيستاني مساندته القاطعة للشعب الفلسطيني الأبيّ في مقاومته الباسلة للمحتلين.

موقف السيد السيستاني لم يقف هنا، فكان من الأوائل الذين تحدّثوا عن المسؤولية الدولية إزاء الجرائم الإسرائيلية، داعياً إلى نصرة الشعب الفلسطيني، وقال “على العالم كله الوقوف في وجه التوحّش الإسرائيلي ومنع تمادي قوات الاحتلال عن تنفيذ مخططاتها لإلحاق مزيد من الأذى بالشعب الفلسطيني المظلوم”.

كما دعا الشعوب الإسلامية خاصّة إلى “التكاتف والتلاحم للضغط باتجاه وقف حرب الإبادة في غزة العزيزة وتقديم مزيد من العون إلى أهلها الكرام”.

وتحدّث عن جرائم هذا المحتل وهمجيته، مؤكداً أن “إنهاء مأساة الشعب الفلسطيني الكريم المستمرة منذ سبعة عقودـ تكون بنيله لحقوقه المشروعة وإزالة الاحتلال عن أراضيه المغتصبة وهو السبيل الوحيد لإحلال الأمن والسلام في هذه المنطقة، ومن دون ذلك فستستمرّ مقاومة المعتدين وتبقى دوّامة العنف تحصد مزيداً من الأرواح البريئة”.

كذلك، دعمت المرجعية الدينية العليا في العراق عمليات إسناد المقاومة في قطاع غزّة والتي تطلق يومياً مسيّراتها وصواريخها في اتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة.

كما وجّه السيد السيستاني بعلاج جرحى قطاع غزة بشكل مجاني واستضافة عائلاتهم في المستشفيات العراقية التابعة للعتبات المقدّسة.

فتوى “الجهاد الكفائي” دحرت الإرهاب وحفظت العراق
يُجمع كلّ من عرفه وعاصره على أنّه قيمة إنسانية قبل أن يكون قيمةً وطنية ودينية وسياسية، إذ يصفه قائد الثورة والجمهورية الإسلامية في إيران بأنّه “رمزٌ يُهتدى به، وعمامة يحتمى بها، وهو قبل كل ذلك ليس حكراً لقوم ولا لطائفة ولا لشعب بل هو ذخيرة الأمة جمعاء”.

فللسيد السيستاني دوره القيادي، وتأثيرٌ كبير لا يخفى على أحد، خصوصاً لناحية المواقف التي صدرت عنه خلال الأزمات والقضايا المصيرية التي واجهها العراق، خلال مرحلة الاحتلال الأميركي أو ما بعد نشوء تنظيم “داعش” في العام 2014.

وعندما احتل جزءاً كبيراً من الأراضي العراقية ما يسمى بتنظيم “داعش” المدعوم من الكيان وأميركا، هنا قال السيد كلمته وأصدر فتوى “الجهاد الكفائي”، والتي شكّلت منعطفاً مهمّاً في تاريخ العراق، إذ كانت الفتوى سبباً رئيساً للتعبئة الاجتماعيّة والجماهيريّة الواسعة التي تمثلت ليس فقط بالمتطوّعين الّذين تطوّعوا للدّفاع عن المناطق الّتي احتلها “داعش” وساهموا على مدى سنوات في تحريرها، وإنّما أيضاً بمساهمات الشّعب العراقي والمؤسّسات والمنظّمات المتعدّدة.

ويؤكّد العراقيون، أنّه لولا تلك الفتوى العظيمة التي أطلقها السيد السيستاني، لما تغيّرت معايير المعركة وما كان لمعطيات الحرب أن تتحوّل بدرجةٍ أذهلت العالم، بعد أن رسم أبناء الوطن ملحمةً بطولية قلّ نظيرها.

ووضعت هذه الفتوى أسساً جديدة لقواعد القتال بعد أن اتّحدت جميع الفصائل التي حاربت “داعش” تحت لواء جامع وهو الحشد الشعبي،الذي ساهم بشكلٍ مباشر في تعزيز الأمن وخلق بيئة اجتماعية داعمة للقوات الأمنية العراقية ولتحقيق الاستقرار وتعزيز القوات الوطنية وتوفير الدعم والإسناد والمعدات الضرورية لها.

كما وضعت الفتوى القيادات السياسية في العراق أمام مسؤولية وطنية وشرعية كبيرة ووحّدت الموقف، وحظيت في حينها بتأييدٍ رسمي وشعبي.

لذلك، قضت المرجعية الدينية العليا في العراق على أكبر مخطط استكباري في المنطقة والذي أرادت من خلاله الكيان والولايات المتحدة تمزيق العراق طائفياً وتقسيمه وإشعال الفتن بين أهله، فكانت فتوى “الجهاد الكفائي” بمثابة الرصاصة القاتلة لنهاية ذلك المشروع المتمثّل بتنظيم “داعش”.

مظلة أمان للعراق
لم يكن الدور الريادي للسيد السيستاني دوراً حديثاً من الناحية الزمانية، بل عمل منذ زمن على وحدة العراق وعلى توجيه مسؤوليه، فقد وصف الكاتب العراقي صلاح عبد الرزاق في مقدمة كتابه “السيد السيستاني ودوره السياسي في العراق” بـ”المرجع المنفتح على الحياة العامة وشؤون الناس” كونه عاصر كل الأنظمة السياسية التي تعاقبت على العراق من العهد الملكي إلى العهد الجمهوري خلال حكم عبد الكريم قاسم، وعبد السلام عارف، ثم حكم حزب البعث في عهدي البكر وصدام حسين.

إذ شاهد كل المآسي والكوارث والمظالم والمعاناة التي مرّ بها الشعب العراقي، وعايش مرحلة تهجير وإعدام العلماء وطلاب الحوزة، إضافة إلى التنكيل بمئات الآلاف من معارضي نظام صدام، حتى أنّ السيد السيستاني نفسه تعرّض للاعتقال في أعقاب الانتفاضة الشعبانية في آذار/مارس من العام 1991، ومُورست عليه فنون التعذيب النفسي والجسدي.

ومن الداخل إلى المنطقة فالعالم، برز دور السيد السيستاني اللافت، وزيارة بابا الفاتيكان فرانسيس منزل المرجعية الدينية في النجف الأشرف، قبل سنوات، سلّطت الضوء في دلالاتها على قدرة الأديان على الحوار وخدمة المجتمعات والوقوف في وجه الاستبداد والفساد، وأكدت مجدداً أنّ الدين هو مشروعٌ للارتقاء بالإنسان والمجتمع.

وخلال لقاء الشخصيتين المسيحية والإسلامية أبلغ السيد السيستاني البابا بحقّ الشعب الفلسطيني في أرضه، واستنكر الحصار الاقتصادي الذي تتعرّض له شعوب المنطقة. وكشفت جريدة الأخبار اللبنانية أنّ السيستاني قدّم 7 لاءات للبابا، هي “لا للحصار، لا للعنف، لا للظلم، لا للفقر، لا لكبت الحرّيات الدينية، لا لغياب العدالة الاجتماعية، ولا للتطبيع”.

أمام هذه الشخصية التي أجمع العراقيون والمسلمون وأحرار العالم على حبّها، ودورها الجهادي اللافت في دعم حقوق الفلسطينيين وشعوب المنطقة، فإن الاحتلال الصهيوني يرى في وجودها واستمرارها خطراً يحدق به، ومن هنا كان وضعها على لائحة أهدافه، إلى جانب مجموعة من قادة المقاومة الذين أذاقوه الهزيمة وهشّموا صورة “الردع” الذي طالما تفاخر قادة الاحتلال بها، لتثبت الأيام مجدداً أن الكيان أوهن من بيت العنكبوت” حقاً.

الميادين

شارك المقالة