You are currently viewing خبيرة قانون دولي لـ”القدس العربي”: تحقيقات “هيومن رايتس ووتش” ناقصة

خبيرة قانون دولي لـ”القدس العربي”: تحقيقات “هيومن رايتس ووتش” ناقصة

قالت المحامية السابقة لدى المحكمة الجنائية الدولية” ديالا شحادة لـ”القدس العربي” إن تقرير “هيومن رايتس ووتش” الذي خلص إلى ان المقاتلين الفلسطينيين قاموا في 7 أكتوبر بارتكاب انتهاكات ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، “على أهميته وعلى دقته في نقل شهادات من مراجع مختلفة”، لا يمكن أن تكون خلاصاته حاسمة.

“لا أدلة على أن المدنيين الـ 800 قتلوا بنيران فلسطينية.. ولا تحقيق في دور الإسرائيليين”

وقالت شحادة إن “هيومن رايتس ووتش كان يجب أن تقول إن التحقيقات ناقصة لجهة عدم وجود أي معلومات عما فعلته القوات الإسرائيلية.

وتوجهت “القدس العربي” بأسئلة إلى المحامية شحادة بشأن عدد من النقاط في تقريرها عن سلوك المقاتلين الفلسطينيين في هجوم 7 أكتوبر.

وقالت شحادة، إنه على الرغم من أن “هيومن رايس ووتش” لحظت جرائم ضد الإنسانية، فإنها اقرت في نهاية التقرير بأنها بحاجة إلى تحقيقات أكثر باستثناء، على الأقل، الجريمة ضد الإنسانية لجهة القتل والمعاملة غير إنسانية.

وأضافت “أعتقد بأن التقرير على أهميته ودقته في نقل الشهادات من مراجع مختلفة، ولو أنها ليست جميع المراجع التي يجب أن تؤخذ منها شهادات، فإنه استطاع أن يقدم خلاصة يمكن بأجزاء أن تكون متينة قانونيا، وتتقاطع في مكان مع التهم التي وجهها مكتب المدعي العام في المحكمة الدولية قبل شهر ونصف تقريبا لقيادات حماس، ولو أن هذه التهم لا تزال قيد الدرس من الدوائر التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية”.

الحاجة إلى تدقيق أكبر

وقالت شحادة إن هناك نقطتين في التقرير كانتا بحاجة إلى تدقيق أكبر، و”أقرت أيضا هيومن رايتس ووتش بشكل ما في صياغتها للتقرير بأنها قصرت عنهما لأسباب على ما يبدو خارجة عن إرادتها”.

“النقطة الأولى تتعلق بانخراط قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي في العمليات العسكرية، سواء في مكان المهرجان (حفل نوفا) أو في أماكن أخرى. لم تحصل “هيومن رايتس ووتش” على تعاون من الجانب الإسرائيلي في هذا. ولكن كذلك لم تخصص مساحة كافية ولو حتى رمزية للشهادات الإسرائيلية التي جمعت من مراجع أخرى حول دور القوات الإسرائيلية من جهة، وأيضا دور المدنيين الإسرائيليين المسلحين سواء المسلحين منهجيا مثل قوات التدخل السريع أو المسلحين بشكل منهجي لمجرد أنهم يحملون السلاح”.

دور الإسرائيليين

وترى شحادة أيضاً أن “هيومن رايتس ووتش” قصرت عن تفصيل مدى انخراط الإسرائيليين في العمليات العسكرية، سواء زمنيا أو نطاقيا، أو كذاك لجهة مدى تطابق هذا الانخراط، خصوصا لحاملي السلاح من المدنيين، مع المعايير الدولية للدفاع المشروع عن النفس، وليس العمل العسكري الذي يتجاوز الحدود القانونية للدفاع المشروع بما يجعل المدنيين أيضا مقاتلين”.

“فهذه النقطة مهمة جدا لأن خلاصة تقرير “هيومن رايتس ووتش” بما يتعلق بجرائم ضد الإنسانية على الأقل، أي الاستهداف المباشر للمدنيين من دون أن يكونوا عالقين في إطار نزاع مسلح، هذا الاستهداف المباشر لا يمكن فصله عن عناصر أخرى مسلحة كان يمكن أن تكون موجودة بالمكان”.

وبالنسبة لجرائم الحرب، تلاحظ شحادة عدم حصول تدقيق وتحقيق بما يكفي، سواء لأنه ليس لدى “هيومن رايتس ووتش” المقدرات الكافية، أو بسبب عدم تعاون الجيش الإسرائيلي، أو لأن التحقيق الذي فتحته إسرائيل توقف تلقائيا عنه بحجة “عدم إضعاف الثقة العامة بالجيش”.

وتشدد على أن دور وعمليات الاحتلال الإسرائيلي “تؤثر مباشرة في تحديد عدد وطبيعة الجرائم التي تقول إنها ارتكبت بمنهجية من قبل المقاتلين الفلسطينيين، وذلك لأن العنصر الأساسي من الجرائم الدولية سواء كانت جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية هو وجود خطة منهجية، وسياسة منهجية تتضمن العلم بطبيعة الجرائم، والتخطيط لها، وليس وقوع هذه الجرائم بشكل عفوي غير مخطط له، وطبعا نتحدث عن الجرائم المقصودة هنا انتهاكات ضد المدنيين خصوصا”.

اتهامات العنف الجنسي

وبما يخص الحديث عن اعتداءات جنسية، تقول شحادة “نعود للتعريف الذي حدده نظام روما الأساسي، ولكن أيضا أركان الجرائم التي هي وثيقة من الوثائق القانونية للمحكمة الجنائية الدولية التي تحدد ماهية الجرائم الجنسية ذات الطابع الدولي”.

وتضيف “نحن لا نشكك بوقوع جرائم من الجانب الفلسطيني. نحن نسأل هل هذه الجرائم ذات طبيعة دولية أو لا، هل هناك خطة منهجية وسياسة منهجية من أجل ارتكاب هذه الجرائم عن عمد أو لا؟”.

وتتابع “بحسب تعريف نظام روما الأساسي، الجرائم ذات الطابع جنسي أو المبنية على أساس جندري أو جنسي تتراوح بين الاغتصاب – وتعريف الاغتصاب هو مثل تعريف الاغتصاب في أي مكان أي إدخال جسم غير ضروري عنوة إلى جسد الضحية – أو الاسترقاق الجنسي، أو الإجبار على البغاء”.

وتضيف “هناك أشكال أخرى من العنف الجنسي. أيضا، ضمن تعريفات الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب بما يتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية، ولكن في أركان الجرائم يذكر أن العنف الجنسي لا يعتبر جريمة دولية ضد الإنسانية أو جريمة حرب، إلا أن يكون وقعها، وخطورتها، مشابهة لخطورة ووقع الجرائم الجنسية الواضحة التي هي الاغتصاب، والاسترقاق والدفع إلى البغاء”.

وتلحظ شحادة أن “هيومن رايتس ووتش” أقرت في هذه النقطة بأنه هناك أدلة، وهناك شهادات على وجود أشكال من العنف الجنسي، ولكن كذلك أنه يجب أن تحصل تحقيقات إضافية.

وتقول “صفحة وحيدة تحدثت عن الجرائم ضد الإنسانية، بما يدل على أن صفحة واحدة بخلاصة عن جرائم ضد الإنسانية مقارنة بأكثر من عشر صفحات عن جرائم الحرب، يدل على أنه يوجد أيضاً تفاوت في الأدلة بالنسبة لنوعين من الجرائم، بحسب ما جمعته “هيومن رايتس ووتش”، فهي تقول أنه نحن لدينا خلاصة أن هناك جرائم ضد الإنسانية من نوع القتل والإساءة الإنسانية على الأقل، واستهداف مباني مدنيين، ولكن بما يتعلق بالجرائم الجنسية توصلت إلى وجود شكل من أشكال العنف الجنسي ولكن تحتاج لتحقيقات إضافية، وبالتالي لم تخلص الى اعتبارها جرائم بحد ذاتها خلافا للتهم التي وجهها مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية”.

تحقيقات ناقصة

وردا على سؤال “القدس العربي” بشأن امتناع إسرائيل عن التعاون في تحقيق “هيومن رايتس ووتش”، تقول شحادة إن الحكومة الإسرائيلية رفضت التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية منذ زمن طويل.

ولكن “هذا لا يمنع المراجع الراغبة في أن تقدم تحليلا على قدر الإمكان في جريمة معينة أن تتوقف عند هذا الحد”.

وتعتقد المحامية السابقة في المحكمة الجنائية الدولية، أن “هيومن رايتس ووتش” كان يجب في خلاصاتها أن تقول إن التحقيقات ناقصة لجهة عدم وجود معلومات عن القوات الإسرائيلية في الاحتفال (حفل نوفا). ولكن أيضا في أماكن أخرى”.

كما أن “هيومن رايتس ووتش” برأي شحادة ذكرت أن هناك قوات دعم أو قوات تدخل سريع، التي هي قوات مدنية تحمل السلاح ومجهزة بالسلاح ومدربة من قبل الحكومة، ولم تعط معلومات عن العمليات العسكرية التي قامت بها هذه القوات، وكان يمكن أن تحصل على معلومات من الحكومة الإسرائيلية فيما لو تعاونت”.

كما تلاحظ أن التقرير قصر “عن الإقرار بأن التحقيق غير متوازن لجهة التدقيق في حجم الارتكابات والانتهاكات التي أقدم عليها الجانب الإسرائيلي عسكريا كان أو مدنيا في هذه العملية وفي هذا اليوم وفي أي توقيت وفي أي ساعة”.

أدلة غير كافية على قتل 800 مدني

وتتابع “لأنه يظهر من التقرير وكأن “هيومن رايتس ووتش” ترجح أن حماس قتلت أكثر من 800 شخص، ولكن ليس هناك دليل حاسم على هذا الشيء”.

وتبني “هيومن رايتس ووتش”، برأي شحادة، اعتقادها هذا، “على فرضية تقول بما أنه قتل المهرجان أكثر من ثلاثمئة شخص، يشكلون أكثر من خمسة وأربعين في المئة من عدد القتلى (الإسرائيليين) في هذا اليوم، وبما أن هناك عشرة، أو عشرين شهادة، على وجود مقاتلين أطلقوا النار مباشرة، فيكون الترجيح أن “حماس” قتلت هذه الأعداد، حتى لو لم تقل المنظمة هذا حرفيا”.

وترى أن هذه “نقطة ضعف في التحقيقات التي يجب أن تكون متوازنة لإثبات كل الارتكابات من جميع الجوانب والفرقاء المسلحين، مثلما وثقت مجموعات مسلحة فلسطينية وميزتها، فكان يجب فعل الأمر نفسه بالنسبة للجانب الإسرائيلي”.

وتخلص إلى أنه “من أجل أن نتمكن من بناء خلاصات حاسمة، لا بد من تعاون من الجانب الإسرائيلي أو مصادر أخرى لديها وصول لهذه المعلومات، لحسم مدى مسؤولية القوات الفلسطينية المسلحة عن هذه الوفيات وعن هؤلاء القتلى، لأنه الآن، ومن دون المعلومات، لا نعرف من قتلهم، وكم قتلت القوات الفلسطينية”.

 

القدس العربي

شارك المقالة