You are currently viewing لماذا تجاهلت دعوة اردوغان لإقامة حلف اسلامي لمواجهة الكيان الكبرى وحرب الإبادة بغزة ايران والجزائر والعراق واليمن؟ وما هي الشروط الستة الحتمية لنجاحه؟

لماذا تجاهلت دعوة اردوغان لإقامة حلف اسلامي لمواجهة الكيان الكبرى وحرب الإبادة بغزة ايران والجزائر والعراق واليمن؟ وما هي الشروط الستة الحتمية لنجاحه؟

عبد الباري عطوان

كان لافتا ان دعوة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لتشكيل “تحالف إسلامي” تقوده دول إسلامية كبرى مثل مصر وتركيا وسورية لمواجهة خطر توسع “إسرائيل” في المنطقة، ووقف مجازرها في قطاع غزة لم تلق أي تجاوب إيجابي من الدول العربية والإسلامية، ولا حتى الدولتين المذكورتين بالاسم مثل مصر وسورية، بل ما حدث هو العكس تماما، وخاصة من قبل الدولة السورية التي انسحب وفدها بقيادة وزير خارجيتها فيصل المقداد من اجتماع لمجلس الجامعة العربية في القاهرة امس لبحث الأوضاع في المنطقة بمجرد صعود هاكان فيدان نظيره التركي الى المنصة لإلقاء كلمته.
تصريحات الرئيس التركي جاءت بعد زيارة نادرة لنظيره المصري عبد الفتاح السيسي الرسمية لأنقرة، وكشف اعتقال قوات الامن التركية لشبكة من عملاء الموساد تعمل وتخطط لعمليات اغتيال ضد حركة “حماس” وباقي كتائب المقاومة الفلسطينية الأخرى على الأراضي التركية، علاوة على تزامنها مع اغتيال القوات الإسرائيلية بدم بارد للناشطة الامريكية التركية الأصل عائشة نور ازجي اثناء تضامنها مع الشعب الفلسطيني ومشاركتها في أنشطة احتجاجية ضد مجازر الاحتلال في الضفة والقطاع.
***
الرئيس اردوغان وصف ما يجري في غزة بأنه ليس حربا بين إسرائيل والفلسطينيين، بل صراع بين الصهيونية التوسعية والمسلمين المدافعين عن وطنهم، فإسرائيل لم تتوقف في غزة بل ستحتل رام الله، ثم بعد ذلك لبنان وسورية وكل الأراضي الإسلامية بين النيل والفرات، واكد ان “حماس” تقاوم باسم المسلمين وتدافع عن الأراضي الإسلامية وعن تركيا وليس غزة فقط، وهذه تصريحات دقيقة، وتعكس تجسيدا دقيقا للواقع، مثلما تعكس نوايا جيدة للرئيس التركي، ولكنها لم تحظ بأي اهتمام وتقدير لعدة أسباب نوجزها في النقاط التالية:
أولا: تركيا، اثناء حكم حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس اردوغان تحتل شمال سورية واراضي في غرب العراق، وترفض رفضا كليا أي انسحاب منها وتحرص على بقاء قواتها فيها، فكيف ستكون الدولة السورية الضلع الثالث في هذه المبادرة في ظل استمرار هذا الاحتلال.
ثانيا: الدعوة لإقامة هذا التحالف الاسلامي ضد إسرائيل لم تتضمن أي إشارة لضم ايران او العراق او الجزائر او اليمن، او حتى اندونيسيا وماليزيا الى هذا التحالف، واقتصرت فقط على ثلاث دول من لون عقائدي واحد الأمر الذي سيؤدي الى إجهاضه وإثارة الشكوك حوله.
ثالثا: التحدي الأكبر يتمثل في كيفية ترجمة هذا التحالف ومنطلقاته عمليا على ارض الواقع حتى لا يكون شكليا إنشائيا مثل العديد من التحالفات والمنظمات الإسلامية الحالية او السابقة مثل جامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والقائمة تطول.
رابعا: الخطر التوسعي الصهيوني على حساب الدول العربية والإسلامية، وحرب الإبادة في غزة يعتمد على القوة العسكرية، والدعم الأمريكي الغربي المالي والتسليحي، واي تحالف إسلامي مضاد يجب ان يكون له اسنان ومخالب عسكرية حديثة ومتطورة، وميثاق عمل وأجندات واضحة ومتفق عليها، فالكلام وإظهار النوايا وإدانة الاحتلال ومجازره بكلمات قوية لا يكفي، ولا يقنع أحدا.
خامسا: يجب ان تكون تركيا صاحبة هذه الدعوة والمبادرة، القدوة من حيث قطع جميع علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع دولة الاحتلال فورا، وإغلاق السفارة الإسرائيلية في انقرة، وسحب جميع قواتها من سورية والعراق، والالتزام بكل الاتفاقات الأمنية المنظمة مع هاتين الدولتين (سورية والعراق) وخاصة اتفاقية أضنة التي تؤمن الحدود التركية السورية، ولا ضير من إدخال تعديلات عليها بإتفاق الطرفين اذا لزم الامر، ودعم مقاومة الاحتلال بالمال والسلاح والرجال والمقاطعة دون تردد.
***
التحالف الإسلامي الذي طرحه الرئيس اردوغان للتصدي للغطرسة وحرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة والضفة الغربية، كمقدمة لإقامة إسرائيل الكبرى على حساب العالمين العربي والإسلامي يستحق الاهتمام، والتطبيق العملي بأسرع وقت ممكن شريطة ان يكون جديا وفوريا ومختلفا، ومقدمة لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الدول المؤسسة والمنضمة اليه أولا، والتهديد بالرد العسكري على هذه الغطرسة الإسرائيلية ومجازرها، حتى تدرك إسرائيل وداعمها الأمريكي ان أهل فلسطين ولبنان ليسوا يتامى ويقفون في جبهات القتال وحدهم.
عار على الدول العربية والإسلامية ان تكتفي بالنظر الى الناحية الأخرى بينما تمارس القوات الاسرائيلية التطهير
العرقي وحرب الإبادة في القطاع والضفة الغربية، وتستعد لتدمير لبنان، وتوسيع الحرب بحيث تشمل اليمن والعراق وسورية أيضا، وربما تركيا وايران ومصر قريبا، سواء بشكل مباشر او غير مباشر، فالرجال الرجال الذين يدافعون عن كرامة هذه الامة ومقدساتها لا يبخلون بدمائهم وأرواحهم، وصمدوا ويصمدون منذ 11 شهرا، ولم ولن يركعوا ابدا.
فعندما يرد يسرائيل كاتس وزير خارجية الاحتلال بكل وقاحة على مبادرة الرئيس اردوغان هذه بالقول “ان اسرائيل تدافع عن حدودها ومواطنيها ضد اعدائها في محور الشر الشيعي، ومن الأفضل لاردوغان ان يصمت ويخجل”، فإن هذه الوقاحة لا يجب ان تبقى دون رد، ولقم صاحبها بحجر كبير يغلق فمه الى الأبد، وخاصة من الرئيس اردوغان والشعب التركي الأصيل ودون تأخير.

شارك المقالة