You are currently viewing السياسة الأميركيّة تجاه غزّة: تاريخ طويل من الإنسانيّة الخادعة

السياسة الأميركيّة تجاه غزّة: تاريخ طويل من الإنسانيّة الخادعة

ومع اقتراب الهجوم على غزة من شهره الثامن[1]، قُتل أكثر من 35 ألف شخص[2]، منهم أكثر من 13 ألف طفل. ويخشى خبراء في المجال الإنساني من أن يواجه أكثر من مليون شخص من سكان غزة الآن مجاعة وشيكة، حيث تأكد بالفعل وفاة ما لا يقل عن عشرين طفلًا بسبب سوء التغذية الحاد. عندما تُفرض المجاعة على شعب ما، فمن المؤكد أن الأطفال هم الذين يعانون أكثر من غيرهم. لا يوجد تلخيص أعظم للظلم في العالم من الوجه الهزيل لطفل جائع، وهي من الصور الوحشية لنزع الإنسانية عن مجموعة من البشر، وهي مجاعةٌ يمكن منعها.

حتى قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كان الاحتلال الإسرائيلي والحصار يعني أن سكان غزة قد أصبحوا معتمدين على المساعدات من أجل البقاء. وجاء ذلك في شكل حوالي 500 شاحنة يوميًا[3]. وعلى الرغم من أن النزاع أدى إلى زيادة هائلة في الاحتياجات، فقد خنقت إسرائيل تدفق المساعدات البرية، بحيث لا يصل إلى شمال غزة سوى «قطرات قليلة»، وتفيد التقارير بعدم وصول أي مساعدات على الإطلاق إلى رفح في الوقت الحالي. وفي حين أعلنت إسرائيل رسميًا عن نيتها السماح بدخول المزيد من المساعدات، فإن المنظمات الإنسانية تؤكد أن ما يصل إلى القطاع ما يزال غير كافٍ على الإطلاق لمنع المجاعة الجماعية.

في الواقع، من الممكن منع هذه المجاعة الوشيكة، ولكن ليس من خلال المساعدات «الإنسانية» التي تقدمها إدارة بايدن. إن قيام إدارة بايدن بإسقاط الغذاء جوًا ووعدها ببناء ميناء مساعدات عائم على ساحل غزة ليستا محاولتين صادقتين للاستجابة الإنسانية. فعمليات الإنزال الجوي غير كافية وقاتلة، كما أن الرصيف العائم المعقد الذي يتم من خلاله تسليم المساعدات ليس كافيًا، ومتأخرٌ للغاية. وتهدف هذه الجهود إلى صرف الانتباه عن التواطؤ الأميركي في الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزّة.

لدى الولايات المتحدة تاريخ في استغلال الخطاب «الإنساني» لتبرير الأعمال العسكرية أو لتوفير الغطاء لتخليها عن مسؤوليتها تجاه المدنيين. للولايات المتحدة دور مشروع في منع هذه المجاعة، ولكنها لا تستطيع أن تفعل ذلك من خلال الجهود «الإنسانية». ويجب عليها أن تفعل ذلك من خلال اتخاذ موقف سياسي ضد إسرائيل.

الرصيف العائم على شاطئ غزّة (Getty)

نشأ المفهوم الحديث حول الإنسانية بعد اشمئزاز الأوروبيين من الخسارة غير المبررة للأرواح في ساحات القتال في أوروبا في منتصف القرن التاسع عشر. وقد تطور المفهوم ليشمل على نطاق واسع الإجراءات الرامية إلى الحفاظ على حياة الإنسان وكرامته في أثناء الأحداث الكارثية مثل الكوارث الطبيعية والمجاعة والنزاعات المسلحة. ما يميز العمل الإنساني عن غيره من أشكال المساعدات الدولية والتنمية هو التزامه بمجموعة محددة من المبادئ الأساسية: الإنسانية والحيادية وعدم التحيز والاستقلالية. تتطلع جميع المنظمات الإنسانية المرموقة، مثل منظمة أطباء بلا حدود أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر، على الأقل إلى تحقيق هذه المبادئ عندما تشارك في العمل الإنساني.

يشير مبدأ الحيادية إلى المفهوم الذي ينص على أن الجهات الفاعلة الإنسانية لا ينبغي أن تتخذ أي موقف في أي نزاع أو أن تنخرط في أي نزاع سياسي ذي صلة. ويهدف هذا إلى إبقاء العاملين في المجال الإنساني بعيدًا عن الصراع الإيديولوجي وضمان الوصول إلى متلقي المساعدات من جميع أطراف النزاع. يقتضي الحياد تقديم المساعدات تقديمًا متناسبًا وبناءً على الحاجة فقط. ويجب أن يتم ذلك بغض النظر عن الانتماء الديني أو السياسي، ومن دون تحيز. لا يهدف العمل الإنساني الحقيقي إلى تخفيف المعاناة الفورية لمن هم في حاجة إليها فحسب، بل هو أيضا اعتراف بالفشل السياسي. ويهدف إلى التأكيد الجذري على إنسانية أولئك الذين يعانون الأزمات في حين يصمم أصحاب السلطة على تدميرها.

على سبيل المثال، خذوا في الاعتبار عمل منظمة إنسانية حقيقية مثل منظمة أطباء بلا حدود. لقد استجابوا للحرب في أوكرانيا من خلال توفير الرعاية الطبية المباشرة وتزويد المستشفيات المحلية في جميع أنحاء البلاد. التزامًا منها بمبادئ الحياد وعدم التحيز، تعمل منظمة أطباء بلا حدود أيضًا في روسيا وبيلاروسيا لتقديم المساعدة للمتضررين على الجانب الآخر من النزاع.

ولم تلتزم الجهات الفاعلة الحكومية بشكل عام، والولايات المتحدة بشكل خاص، مطلقًا بمبادئ الإنسانية. ويرجع هذا إلى أن هذا الأمر يكاد يكون مستحيلًا بالنسبة للجهات الحكومية: فالدول لديها دائمًا دوافع سياسية. ولنأخذ كوبا مثالًا. منذ إرسال الأطباء إلى الجزائر في عام 1963، اكتسبت كوبا سمعة طيبة في توفير الرعاية الطبية التي تشتد الحاجة إليها في جميع أنحاء العالم النامي. أثناء جائحة كوفيد-19، أرسلت الدولة الجزرية الفقيرة نسبيًا مئات العاملين في المجال الطبي إلى أكثر من اثنتي عشرة دولة للمساعدة في جهودها في مكافحة الجائحة. ولكن دوافع كوبا ليست إيثارية بالكامل. وفي مقابل عملهم في فنزويلا، على سبيل المثال، حصلت الحكومة الكوبية على إمكانية الوصول إلى النفط المدعوم بشكل كبير، كما تولد البلاد مليارات الدولارات من الإيرادات عن طريق إرسال أطبائها إلى الخارج. ليس هناك شك في أن الأطباء الكوبيين قدموا دعمًا حيويًا للسكان المحتاجين، ولكن هذا ليس عملًا إنسانيًا.

لا يمكن لحكومة الولايات المتحدة أن تشارك بشكل حقيقي في العمل الإنساني؛ لأنها لا تستطيع أن تدعي الحياد أو النزاهة. ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة لديها سجل طويل من «الإنسانية» المشكوك فيها، وهو أسوأ بكثير من اقتراح بايدن غير الفعال للمساعدات في غزة. لقد شهدت العقود القليلة الماضية الانحراف النهائي لمفهوم «الإنسانية» لتبرير استخدام القوة المميتة في جميع أنحاء العالم.

بيل كلينتون يزور القوّات الأميركيّة في كوسوفو (Getty)

شاركت قوات حلف شمال الأطلسي في عام 1999 بقيادة الرئيس الأميركي بيل كلينتون، في حملة قصف «إنسانية» في كوسوفو من أجل «تجنب كارثة إنسانية». وفي حين أنه من المستحيل أن نقول ما هو نوع «الكارثة» التي كان من الممكن تجنبها، فإننا نعلم أن ما لا يقل عن 500 مدني لقوا حتفهم في القصف. يشكل هذا التدخل دراسة حالة مؤسفة لكيفية «انحراف الجهود حسنة النية عن التدخل الإنساني [الحقيقي]» وكيف لجأت الولايات المتحدة إلى العمل العسكري لتحقيق غايات «إنسانية». ومنذ ذلك الحين، بُرّر كل عمل عسكري أميركي كبير تقريبًا على أساس «إنساني».

وحتى غزو العراق في عام 2003، والذي يمكن القول بأنه أسوأ جريمة ترتكبها الولايات المتحدة منذ حرب فيتنام، كان مبررًا من قبل المؤيدين (جزئيًا على الأقل) على أسس إنسانية. وقد أعلن الرئيس جورج دبليو بوش قائلًا: «لقد كانت مهمتنا هي تقديم المساعدات الإنسانية واستعادة الخدمات الأساسية ووضع هذا البلد، العراق، على طريق الحكم الذاتي». وقد أدت هذه «المهمة» إلى مقتل مئات الآلاف من المدنيين بشكل عنيف، وأشعلت حربًا أهلية دامية ما تزال مستمرة حتى يومنا هذا.

صنعت سامانثا باور (Samantha Power)، تشغل حاليًا منصب كبير الإداريين في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، مسيرتها المهنية من خلال الدعوة إلى استخدام القوة العسكرية كشكل من أشكال التدخل «الإنساني». وباعتبارها مسؤولة كبيرة في إدارة أوباما، عملت بشكل وثيق مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لحث أوباما على مواصلة حملة القصف التي تهدف إلى الإطاحة بالدكتاتور الليبي معمر القذافي. وافق أوباما، وبدأت عمليات القصف، ولقي القذافي مصيرًا مروعًا. وعندما سُئلت عن عملية القتل الوحشية التي أودت بحياة الدكتاتور، والتي تضمنت تقارير عن اغتصاب القذافي بحربة، ضحكت وزيرة الخارجية كلينتون قائلة: «لقد جئنا، وشاهدنا، ومات». وبعيدًا عن تسلية وزير الخارجية، فإن النتيجة المتوقعة لـ «التدخل الإنساني» للولايات المتحدة كانت الفوضى الكاملة والدمار والبؤس بالنسبة لليبيا وشعبها. لقد أدى عدم الاستقرار الناجم عن القصف الأميركي إلى تحويل البلاد إلى حاضنة للاستغلال و«ظروف العمل الشبيهة بالعبودية» للمهاجرين من دول أخرى الذين كانوا ينجذبون في السابق إلى البلاد كوجهة للعمل. وبدلًا من ذلك، يسعى المهاجرون إلى الفرار، ويحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط المحفوف بالمخاطر، وهو ما أسفر عن مقتل الآلاف.

ظهرت في عام 2013، وفي أعقاب الكارثة الليبية، صور لهجوم مروع بالأسلحة الكيميائية أدى إلى مقتل أكثر من ألف مدني في سوريا، البلد الذي يعاني حربًا أهلية وحشية. وحث أنصار التدخل «الإنساني» في إدارة أوباما الرئيس على الالتزام بـ «خطه الأحمر» فيما يتصل بالأسلحة الكيميائية، وضرب نظام الأسد ردًا على ذلك، من أجل الإنسانية. وفي نهاية المطاف رفض أوباما. هل يمكن أن يكون أوباما قد أدرك في لحظة من التأمل الذاتي أن قصف دولة ذات سيادة؛ بسبب استخدامها للأسلحة الكيميائية قد يكون أمرًا منافقًا بعض الشيء عندما يأمر به رئيسٌ قتلَ العشرات، بما في ذلك الأطفال، في ضربة باستخدام الذخائر العنقودية، التي تدين جماعات حقوق الإنسان استخدامها بشدة؟ ليس من المرجح. ولكن هناك سببًا آخر أكثر ترجيحا هو أن الفوضى التي خلفها تدخله «الإنساني» السابق في ليبيا، والذي اعتبره «أسوأ خطأ» في رئاسته، ترك أوباما مع تحفظات جدية بشأن متابعة استراتيجية مماثلة في سوريا.

ويُستغل الخطاب الإنساني أيضًا على الصعيد المحلي لتبرير عودة واشنطن إلى موقف صارم بشأن الهجرة. حتى مراكز الأبحاث الليبرالية، مثل مركز التقدم الأميركي (Center for American Progress)، أشادت بقانون الهجرة الذي اقترحه بايدن مؤخرًا باعتباره «محاولة صادقة من الحزبين» لمعالجة «أزمة الحدود الإنسانية والإدارية». وتضمن مشروع القانون مليارات الدولارات لزيادة قدرة سلطات الهجرة والجمارك على الاحتجاز، ومن شأنه أن يفرض قيودًا أكبر على أهلية اللجوء، وسيسن حصة يومية للمعابر من شأنها أن تؤدي إلى «إغلاق» حدودي دوري حيث سيتم «ترحيل» بعض طالبي اللجوء «بسرعة» دون فرصة لتقديم طلبهم. لقد عَمِلتُ على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك طبيبًا ومدافعًا عن طالبي اللجوء. ورغم قسوة السياسات التي تنتهجها الولايات المتحدة والمكسيك، فإن الظروف السائدة على الحدود لا تشكل «أزمة إنسانية» تمامًا. ولكن بغض النظر عن هذه النقطة، فمن الصعب أن نتخيل كيف يمكن اعتبار الأحكام الواردة في هذا التشريع «إنسانية» أو حتى تمت للرحمة الإنسانية بصلة.

وحتى عندما تقترح الولايات المتحدة تدخلات تتوافق مع العمل الإنساني المقبول، فمن الصعب أن نأخذها على محمل الجد. وبعد كل هذا، فإن هذه هي الحكومة نفسها التي نظمت حملة تطعيم وهمية في مجتمع باكستاني فقير كغطاء لمخطط متقن لجمع عينات الحمض النووي من عائلة أسامة بن لادن. من شأنها الاستخدامات الخبيثة للعمل الإنساني مثل هذا أن تقوّض مصداقية العاملين في مجال الإغاثة وتعرضهم للخطر المباشر. وفي الواقع، ارتبط الحادث بشكل مباشر بالهجمات على موظفي التطعيم الشرعيين، وهو انخفاض في قبول التطعيم أدى إلى ارتفاع حالات شلل الأطفال في المنطقة. وكما أشارت مجلة «لانسيت» في عام 2014، قررت وكالة المخابرات المركزية (CIA) التخلي عن «برامج التطعيم كغطاء للتجسس». وكتب محررو المجلة أن برامج الصحة العامة «ينبغي أن تكون محايدة سياسيا».

دعونا نلقي نظرة عن كثب على مشروع الإنزال الجوي والرصيف العائم[4] لإدارة بايدن. وببساطة، فإن هذه الجهود لا تشكل عملًا إنسانيًا. ورغم أن هذه المساعدات قد تخفف من شعور القاعدة الليبرالية بالذنب، فإنها في نهاية المطاف تعمل على إخفاء الفشل السياسي للإدارة الأميركية: ذلك أن الدولة الأقوى في العالم تمنح دولة أخرى تفويضًا مطلقًا لارتكاب مذابح ضد عشرات الآلاف من المدنيين من خلال موافقتها الصريحة ودعمها المادي.

مساعدات عسكريّة لإسرائيل في تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023 (Getty)

وبالمقارنة مع المليارات من الدولارات التي قدمتها الولايات المتحدة لدولة إسرائيل منذ بداية الأزمة، فإن عمليات الإنزال الجوي غير الكافية في شهر مارس/آذار ــ والتي شملت ما يكفي من الغذاء لوجبة واحدة لأكثر من واحد في المئة من السكان بقليل ــ تشكل مثالًا واضحًا على أن الولايات المتحدة لا تقدم مساعدات محايدة. وعلاوة على ذلك، فإن الفوضى المتوقعة التي خلقتها هذه الطريقة في توصيل المساعدات أثبتت أنها قاتلة، حيث رست بعض الطرود قبالة الساحل، مما أغرى سكان غزة اليائسين بتجربة حظهم في السباحة الخطرة لاستعادتها، مما أدى إلى وفاة ما لا يقل عن 12 شخصًا.

ورغم أن الرصيف العائم الذي اقترحه بايدن لديه القدرة على تقديم المساعدات على نطاق أوسع، فمن المتوقع أن يستغرق بناؤه أسابيع. حتى بعد بناء الرصيف، من المؤكد أن عملية نقل كميات كبيرة من المساعدات بهذه الطريقة ستكون غير فعالة ومكلفة للغاية. وبمجرد الحصول على المساعدات، فسوف يتعين فحصها في قبرص تحت إشراف مسؤولين إسرائيليين. وبعد القيام برحلة بحرية تستغرق أكثر من 15 ساعة من قبرص إلى ساحل غزة، سيتعين بعد ذلك تفريغ الطرود على رصيف عائم بالقرب من الرصيف المقترح. وسيتم بعد ذلك نقل المساعدات من الرصيف إلى الرصيف المقترح ومن ثم إلى الشاحنات لتوزيعها في مختلف أنحاء غزة ــ ومن المفترض أن تتجنب هذه المساعدات حملات القصف الإسرائيلية المستمرة. وهذا لا يعد بديلًا عن الطريقة الأكثر كفاءة ومباشرة، وهي عبور الحدود البرية بواسطة الشاحنات التي يمكنها الوصول مباشرة إلى المحتاجين.

في حين أن هناك جدلًا بين العاملين في المجال الإنساني حول الفروق الدقيقة للحياد، فإن الدعم الكامل الذي تقدمه حكومة الولايات المتحدة للمجهود الحربي الإسرائيلي يشكل فئة مستقلة بذاتها. إن الدعوة إلى وقف إطلاق النار، أو انتقاد الأطراف المتحاربة بسبب تجاهلها للضحايا المدنيين، على سبيل المثال، قد يدفع حدود ما يراه بعض العاملين في المجال الإنساني مناسبًا. ويرى آخرون أن هذا النوع من «التحدث علنًا» يشكل عنصرًا أساسيًا في المهمة الإنسانية. لكن الفلسطينيين في غزة يُقتلون بواسطة قنابل أميركية الصنع تلقيها طائرات أميركية الصنع. على مدى الثمانين عامًا الماضية، حصلت إسرائيل على مساعدات عسكرية أميركية أكثر من أي دولة أخرى على وجه الأرض. في حين أن الناس العاقلين قد يختلفون حول التفسير المناسب للحياد، فإن توفير الأسلحة لطرف واحد بينما يتسبب ذلك في خسائر بشرية جسيمة في صفوف المدنيين في الطرف الآخر هو أمر غير مقبول.

ورغم أن الولايات المتحدة لا تستطيع بأي حال من الأحوال أن تضطلع بدور الفاعل الإنساني، فإن الرئيس بايدن لا يحتاج إلى تحميل نفسه أعباء التفاصيل الدقيقة للاستجابة الإنسانية. لا يوجد نقص في المنظمات الإنسانية غير الحكومية والمنظمات التابعة للأمم المتحدة التي تتمتع بتمويل جيد، وهي مستعدة لتقديم المساعدات المنقذة للحياة. المشكلة تكمن في قيام إسرائيل بتقييد حركتهم. ومن المؤسف أنه من غير المرجح أن يستيقظ بايدن غدًا بضمير مرتاح ويفعل الشيء الصحيح بالمطالبة بوقف إطلاق النار الدائم. ولكن في حالة عدم تحقيق ذلك، فإن كل ما يتعين على الإدارة فعله هو توجيه إنذار نهائي إلى إسرائيل ــ السماح بدخول كميات كافية من المساعدات الإنسانية إلى غزة، وإلا فإن الولايات المتحدة ستوقف كل المساعدات العسكرية لإسرائيل. ويمكن للإنسانية الحقيقية أن تتولى الأمر من هناك.


إحالات:

[1] انتشرت المقالة في 13 مايو/أيَّار 2024، أي مع بداية مرور الشهر الثامن على الحرب، أمّا اليوم (في أغسطس/آب) فقد دخلت الحرب شهرها الحادي عشر تقريبًا (المُترجم).

[2] تجاوز الرقم 40 ألف شهيد حسب الأرقام المُعلنة عن وزارة الصحة، وهو ما لا يحسب أعداد المفقودين وكثير من الشهداء غير المسجلين والذين لم يصلوا إلى أي من مستشفيات القطاع (المُترجم).

[3] تصحيح: كانت تدخل غزة 500 شاحنة يوميًا إلى قطاع غزة بالفعل، ولكن نسبة كبيرة منها كانت شاحنات تجارية وبضائع يشتريها أهل غزة بأموالهم الخاصة، ولم تكن مساعدات كما يروّج خطأ على مواقع التواصل الاجتماعي (المُترجم).

[4] بعد اكتمال بنائه، والاضطرار إلى فكه وتركيبه مرات عدّة، تقرر إغلاقه لعدم فاعليته.

 

المصدر:عرب48

شارك المقالة