قالت صحيفة “الغارديان” في افتتاحيتها إن خيار إسرائيل لغزة هو الموت جوعًا، أو المخاطرة والموت في محاولة الحصول على المساعدات.
وقالت إن قتل الفلسطينيين الجوعى الباحثين عن الطعام لعائلاتهم كان أمرًا متوقعًا، ويظل وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى واستئناف تقديم المساعدات بشكل مناسب أمرًا ضروريًا.
لا حاجة إلى تحقيق لإثبات أن إسرائيل هي المسؤولة في نهاية المطاف عن تجويع الناس
ورأت الصحيفة أنه من الضروري إجراء تحقيق شامل ومستقل في مقتل الفلسطينيين الذين كانوا يحاولون جمع الطعام لعائلاتهم، ومحاسبة المسؤولين عن وفاتهم. ولكن لا حاجة إلى تحقيق لإثبات أن إسرائيل هي المسؤولة في نهاية المطاف عن تجويع الناس، ثم تطبيق مخطط لجمع الطعام لا يمكنه حل الأزمة الإنسانية، وهو مخطط معروف بخطورته. كما أن الولايات المتحدة، التي روجت لهذا المخطط، متواطئة.
وقال مسؤولو الصحة في غزة إن 27 شخصًا، على الأقل، قتلوا بنيران إسرائيلية أثناء انتظارهم الطعام، يوم الثلاثاء، وهو الحادث الثالث من نوعه في ثلاثة أيام. فيما قال الجيش الإسرائيلي إن جنوده أطلقوا النار على أشخاص كانوا “يتحركون نحوهم، بطريقة شكلت تهديدًا” عليهم. وكان مسؤولون قد قالوا سابقًا إن القوات الإسرائيلية قتلت أكثر من 30 فلسطينيًا يوم الأحد، وثلاثة آخرين في اليوم التالي، ونفى الجيش إطلاق النار على المدنيين، بل أطلق “طلقات تحذيرية”. وعلّقت مؤسسة غزة الإنسانية، وهي منظمة خاصة تدير البرنامج، عملياتها يوم الأربعاء “لإجراء تحديثات وتنظيم وتحسين الكفاءة”.
وتعلّق الصحيفة أن أي تعليق أو تحديث لن يكون كافيًا لإصلاح هذا، فخطة توزيع الطعام هي المشكلة. وعبرت الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية عن مخاوفها من أن الخطة تخرق القانون الإنساني الدولي، ورفضت العمل مع مؤسسة غزة الإنسانية. وقد استقال مديرها المؤسس، قائلًا إنه لن يكون قادرًا على توفير المساعدات والالتزام بالمبادئ الإنسانية في الوقت نفسه.
وأفادت التقارير بأن كبار المسؤولين العسكريين الإسرائيليين أعربوا عن مخاوفهم.
ولا يستطيع الكثير من الناس الوصول إلى المواقع المحددة، فيما يواجه من يصلون خطرًا أكبر يتمثل في سلب الإمدادات الشحيحة من قبل أشخاص يائسين آخرين.
ولا يشمل هذا القرار السلع الأساسية غير الغذائية، كالأدوية. وتمضي قائلة إن خطر إطلاق النار كان واضحًا للعيان، إذ يدير متعاقدون أمريكيون مسلحون المواقع الثلاثة، بينما تسيطر القوات الإسرائيلية على المناطق المحيطة بها.
ويُجبر الفلسطينيون على الاختيار بين المخاطرة بحياتهم أو مشاهدة أطفالهم يتضورون جوعًا.
وبعد 11 أسبوعًا من الحصار الشامل، الذي أعقبه تدفق محدود للإمدادات، باتت غزة أفقر بقاع الأرض، وفقًا للأمم المتحدة. ولم يكن من المعقول أبدًا أن يوفر هذا المخطط ما تريده من احتياجات.
وتقول “الغارديان” إنه غطاء لاستمرار إسرائيل في تجويع المدنيين ودفعهم للهجرة إلى منطقة تتقلص باستمرار.
وقال الوزير اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش إن غزة “ستُدمر بالكامل” حتى “يغادر سكانها بأعدادٍ كبيرة إلى دولٍ ثالثة”، وهذه دعوة باختصار إلى تطهير عرقي.
وإلى جانب استخدام الغذاء كسلاح، هناك القصف والضربات على المدارس المستخدمة كملاجئ، وتدمير المستشفيات، ومقتل عشرات الآلاف من المدنيين.
وقد تسببت جرائم الحرب الإسرائيلية في انخفاض حاد في الدعم الشعبي في أوروبا الغربية، وتراجع واضح في الولايات المتحدة.
لا يستطيع الكثير من الناس الوصول إلى المواقع المحددة، فيما يواجه من يصلون خطرًا أكبر يتمثل في سلب الإمدادات الشحيحة من قبل أشخاص يائسين آخرين
ومع ذلك، يتقاعس السياسيون، حيث يصف رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الوضع بأنه “لا يُطاق”، ولكن إلى أن تتحرك بريطانيا بحزم، فإنها في الواقع تتسامح معه.
وتدعو الصحيفة إلى تنفيذ التهديدات التي أطلقتها بريطانيا وفرنسا وكندا بأنها ستتخذ “تدابير ملموسة” إن لم يتحسن الوضع.
وتقول الصحيفة إن الولايات المتحدة تستطيع وقف هذا الصراع غدًا، لكن الاتحاد الأوروبي، أكبر شريك تجاري لإسرائيل، يتمتع أيضًا بنفوذ حقيقي. فهو يراجع الآن اتفاقيته التجارية مع إسرائيل، وعليه تعليقها.
وتقول إن تحسين المساعدات مطلب ضروري، ولكنه ليس كافيًا. فالحرب هي التي أوجدت هذه الحاجة. الحل الحقيقي لا يزال وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الأسرى الذين احتجزتهم “حماس” في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وكما قالت مريانا سبولياريتش، رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فإن القانون الدولي نفسه يُفرغ من مضمونه، ما سيترك آثارًا وخيمة على الصراعات القادمة.
وما دامت إسرائيل تتمتع بالإفلات من العقاب، فسيموت المزيد من الفلسطينيين، وتُهدر أرواح البشر في كل مكان. يجب محاسبتها.
المصدر: القدس العربي
الغارديان: ميت في الحالتين.. خطة إسرائيل لسكان غزة.. إما الجوع أو المساعدات وسط النيران