You are currently viewing شاعرة ألمانية توثق تجربتها في مهرجان بابل للثقافات: قوة الأصالة أمام زيف مهرجانات الابتذال

شاعرة ألمانية توثق تجربتها في مهرجان بابل للثقافات: قوة الأصالة أمام زيف مهرجانات الابتذال

في زمنٍ تحول فيه الذهب إلى تراب، حيث تسود الابتذالات، وتُلمع الأقنعة الزائفة في مهرجانات الفاشنستات، وفي وقتٍ يتساقط فيه نجم الذائقة والقيم، يرتفع بريقٌ آخر من مهرجان بابل للثقافات، العريق.

وفي خضمِّ هذه التجربة الفريدة، يتردد صدى الكلمة بين جدران بابل القديمة، لتصبح سطورًا خالدةً في كتب التاريخ.
ومن بين هؤلاء المبدعين، تبرز الشاعرة الألمانية الشهيرة أنا هوفمان، التي وثّقت تجربتها في مهرجان بابل للثقافات العالمية العاشر من خلال ديوان شعري بعنوان “بابلون ترانزيت”.
كلماتها تتدفق كالنهر، تعبر الزمان والمكان، لتروي للعالم قصة زيارتها للعراق، قصة التواصل الحضاري بين الشرق والغرب.
ديوانها، الذي يصدح بالألمانية والإنجليزية، سيكون بمثابة جسرٍ ثقافي يصل بين الأمم. ولن يبقى حبيس اللغات الغربية، إذ ستترجمه إدارة المهرجان إلى العربية، ليصدر مع الدورة الثانية عشرة للمهرجان في مطلع عام 2025م. سيحمل هذا الديوان رسالة للعالم: أن بابل ليست مجرد أطلال تاريخية، بل هي روحٌ نابضةٌ تجمع شعوب الأرض تحت سقف الفن والإبداع.

وفي زمنٍ يملأ فيه الإسفاف الفراغات، ويعتلي فيه المحتوى الهابط خشبات المسارح الوهمية، يُبرز مهرجان بابل للثقافات، نفسه كاستثناء نادر.
مهرجانٌ لا يستنزف المال العام، ولا يتغذى على ثروات الشعب، بل ينبع من خبرةٍ وإبداعٍ حقيقيين. إنه مهرجانٌ يُديره أصحاب الكلمة الصادقة، وليس الدعاية الفاضحة. مهرجانٌ حيث الفنّ يُكرَّم، وحيث يلتقي الجمال بالأصالة، ليرسم لوحةً لا تبهت ألوانها في زحمة العابرين.

في هذا العالم الذي يغرق في بحرٍ من التفاهة، يحتاج العراق إلى هذا التواصل مع مبدعي العالم الحقيقيين، أولئك الذين يحملون الكلمة مثلما يحمل الفارس سيفه، ليُعيدوا للأرض خصوبتها، وللثقافة قيمتها، وللإبداع مجده الضائع.

مهرجان بابل للثقافات ليس مجرد حدث، إنه شهادةٌ على أن الفن، حين يُمنح لذويه، يُنتج أعظم مما يتخيله المتسلقون على عروش الشهرة الزائفة. إنه احتفالٌ بالإبداع الخالص، وتأكيدٌ على أن العراق، مهما تكاثرت حوله الغيوم، سيبقى منارةً للفكر، ومهدًا للثقافات، وحديقةً للأدباء والفنانين من كل حدب وصوب.

المسلة

شارك المقالة