“ضربني وبكى سبقني واشتكى”: افتتح وزير الخارجية الإسرائيليّ، جدعون ساعر غرفة حرب إعلامية في وزارة الخارجية لرصد والرد على النشاط المناهض لإسرائيل على منصات الإنترنت، بحسب ما أعلن مكتبه.
وقالت وزارة الخارجية إنّ غرفة الحرب، التي تضم دبلوماسيين وطلاب متخصصين في الاتصالات الدولية، تراقب نحو 250 قناة إخبارية ونحو 10 آلاف مادة إخبارية متعلقة بإسرائيل يوميًا، وتحدد التقارير الكاذبة أو المتحيزة، وتتصرف بسرعة من خلال نشر المتحدثين الإسرائيليين والمؤيدين لإسرائيل لتفنيد الاتهامات وتقديم رواية إسرائيل.
ومن أجل تعزيز إسرائيل بشكل أكبر في المعركة على الرأي العام الدولي، يعقد ساعر أو مسؤول كبير في وزارة الخارجية مؤتمرات صحفية أسبوعية في الوزارة مع وسائل الإعلام العالمية الكبرى، بحسب وزارة الخارجية.
كما أنشأت الوزارة شبكة من المؤثرين والمتحدثين المؤيدين لإسرائيل للدفاع عن إسرائيل على وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصات عبر الإنترنت، وتخطط لإطلاق مشاريع إضافية في المستقبل القريب لمحاربة التحيز الإعلامي ضد إسرائيل، وتأتي هذه الخطوات بعد تراجع الرأي العام في الولايات المتحدة وأماكن أخرى حول العالم بشأن إسرائيل نتيجة للعدوان المُستمّر ضدّ غزة، وفق خارجية تل أبيب.
إلى ذلك، أصدر حملة، المركز العربيّ لتطوير الإعلام الاجتماعيّ تقريره السنويّ (مؤشّر العنصريّة والتحريض 2024)، الذي يكشف عن الارتفاع المقلق في خطاب الكراهيّة والعنف الرقميّ ضد الفلسطينيّين، وخاصةً على منصّتيْ إكس (تويتر سابقًا) وفيسبوك.
ووفقًا للمعطيات التي رصدها التقرير، تمّ رصد 12,482,041 منشورًا تحريضيًا وعنيفًا باللغة العبريّة خلال عام 2024، أي بمعدّل 23.6 منشورًا في الدقيقة، ما يعكس تزايدًا خطيرًا في استخدام الفضاء الرقميّ كأداة لنشر العداء والتحريض.
ويكشف التقرير عن ارتباط وثيق بين تصاعد خطاب الكراهية والتطورات السياسيّة والعسكريّة، خاصةً خلال الإبادة الجماعية التي استهدفت الفلسطينيين في غزةّ.
وأوضح أنّ الدوافع السياسيّة والعرقيّة والدينيّة كانت المحرّك الرئيسيّ وراء تصاعد هذا الخطاب، الذي لم يقتصر على التحريض ضد الفلسطينيين عمومًا، بل استهدف المقدسيّين الفلسطينيّين بشكل خاص. فقد تم توثيق 8,484 منشورًا تحريضيًا وعنيفًا ضد الفلسطينيين المقدسيّين، معظمها على منصة (إكس)، في مؤشرٍ خطيرٍ على الاستهداف الممنهج لهذه الفئة.
علاوة على ما ذُكِر آنفًا، رصد التقرير ظاهرة الفرح والشماتة بمقتل وإصابة فلسطينيين في الداخل، حيث وثّق 9,289 منشورًا عبّر فيها مستخدمون إسرائيليون على وسائل التواصل الاجتماعيّ عن فرحهم بمقتل فلسطينيين جرّاء القصف، وشدّدّ التقرير على أنّ هذه الظاهرة تكشف عن التطبيع المتزايد مع خطاب العنف الرقميّ في إسرائيل، واستخدام الفضاء الرقميّ كأداةٍ لتعزيز العنصريّة والتشجيع على التحريض.
بالإضافة إلى ذلك، أبرز التقرير فجوةً كبيرةً بين المنصّات الرقميّة في التعامل مع المحتوى التحريضيّ، حيث تم توثيق 79 بالمائة من المحتوى التحريضيّ على منصّة إكس، في حين تمّ توثيق 21 بالمائة منه على فيسبوك. وعلى الرغم من أنّ عدد المستخدمين الإسرائيليين على فيسبوك أكبر بكثير، إلّا أنّ إكس تستحوذ على النسبة الأكبر من المحتوى العنيف، مما يعكس إخفاق المنصة في فرض أيّ رقابةٍ على خطاب الكراهية المنشور بالعبريّة.
كما حذّر التقرير من التعديلات الأخيرة التي أجرتها (ميتا) على سياسات الإشراف على المحتوى، حيث قررت الشركة حصر مراقبتها للمحتوى العنيف “شديد الخطورة” فقط، الأمر الذي يعني أنّ خطاب الكراهية ضد الفلسطينيين سيظل منتشرًا دون رقابة، مما يسهم في تطبيعه وترسيخه في الفضاء الرقميّ.
ودعا التقرير إلى اتّخاذ تدابيرٍ صارمةٍ من قبل منصّات التواصل الاجتماعيّ، المجتمع الدوليّ، وصنّاع القرار للحدّ من تصاعد خطاب الكراهية ضد الفلسطينيّين من خلال تعزيز آليات الإشراف على المحتوى، وحذف المحتوى العنيف والتحريضيّ باللغة العبريّة بالمستوى نفسه المتبع على اللغات الأخرى، وإجراء تقييماتٍ مستقلةٍ وعلنيّةٍ حول تأثير منصّات التواصل الاجتماعيّ على حقوق الإنسان، وتخصيص موارد لغويّة وتقنيّة لمراقبة المحتوى العبريّ، لضمان عدم استغلال المنصات للتحريض.
كما شدّدّ التقرير على ضرورة ضمان الشفافية والمساءلة في التعامل مع تقارير انتهاكات الحقوق الرقميّة، وإشراك المجتمع المدنيّ الفلسطينيّ في تطوير آليات الرقابة، ومنع استخدام التقنيات الرقمية في التحريض على العنف أوْ تسهيل جرائم الحرب.
وفي الختام أكّد تقرير (مؤشّر العنصرية والتحريض لعام 2024) على الحاجة الملحّة لاتّخاذ خطوات عملية وعاجلة للحدّ من تصاعد العداء الرقميّ ضد الفلسطينيّين، وضمان أنْ تكون المنصّات الرقميّة مساحات آمنة للجميع، لا بيئةً لإنتاج العنف والتحريض، على حدّ تعبير التقرير، الذي تلقّت (رأي اليوم) نُسخةً منه.
المصدر: رأي اليوم