بعد مرور أكثر من 3 أشهر على إعلان وقف إطلاق النار بين “إسرائيل” ولبنان، وأسبوع على الموعد الذي حددته الحكومة الإسرائيلية لعودة مستوطني الشمال إلى مستوطناتهم، ومنحهم تحفيزات مالية سخية مشروطة بالعودة السريعة، لا تزال هذه العودة تحصل ببطء شديد، نتيجة المخاوف الكبيرة التي يعيشها المستوطنون من إمكانية تدهور الأمور مجدداً، بالإضافة إلى حجم الدمار في هذه المستوطنات. ولهذه الأسباب توجه مستوطنون كثيرون في الشمال إلى المحكمة العليا، وإلى رئيس أركان “الجيش” الإسرائيلي الجديد، إيال زمير، في محاولة لتأجيل عملية العودة، وإلزام الحكومة بالاستمرار في تغطية نفقات الإجلاء حتى تستقر الأمور.
مستوطنو الشمال “معلّقون في الهواء” ويشعرون بالرعب
لفت مراسل شؤون الشمال في صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، يائير كراوس، في تقرير له، إلى أن الشعور السائد لدى مستوطني الشمال هو “الخوف، كما في بداية الحرب”، مضيفاً أن عدداً من المستوطنات توجهت بالتماس إلى المحكمة العليا لتأجيل عودتهم، فعُقدت الأربعاء جلسة، تقرر بعدها “عدم الرد الفوري على الالتماس”.
الأمر الذي أدخل مستوطني الشمال في حيرة، فمن جهة هم مطالبون بإخلاء الفنادق اليوم، كي لا يخسروا التحفيزات المالية، ومن جهة ثانية، هم يخشون العودة إلى مستوطناتهم. ونقل كراوس شهادات للعديد من المستوطنين الذين قالوا إنهم “معلقون في الهواء ولا يدرون ماذا يفعلون، فهم جهزوا حقائبهم لكنهم لا يعرفون حتى الآن أين سيمضون هذه الليلة، في الفنادق، أم في منازلهم وسط الخوف والدمار، والشعور بالرعب”.
وأضاف كراوس بأن “العديد من الناس يجلسون في الفنادق، يبكون، ولا يعرفون ماذا يفعلون”، فهم يخشون من أن عودتهم السريعة إلى منازلهم، ستشوبها الفوضى وعدم الاستقرار، لا سيما لجهة العملية التعليمية، وتبديل مدارس الأطفال، وحضاناتهم.
في هذا السياق، أكدت بلدية “كريات شمونة” أن “حالة الترقب وانعدام اليقين، بعد أكثر من عام ونصف من العيش بلا استقرار وأمان، هي شكل آخر من أشكال المعاناة المستمرة التي يتعرض لها نازحو الشمال”.
مناشدة لرئيس أركان “الجيش”
طرق مستوطنون في الشمال باباً آخر لتأجيل إعادتهم إلى منازلهم، فتوجه رئيس مجلس مستوطنة المطلة، دافيد أزولاي، برسالة عاجلة إلى رئيس أركان “الجيش” الإسرائيلي الجديد، إيال زمير، دعاه فيها إلى عدم إعادة سكان المطلة إلى منازلهم في هذه المرحلة، “بسبب المخاوف الأمنية الخطيرة وغياب جواب منهجي كافي”.
وقال أزولاي في رسالته إن عودة السكان حالياً غير منطقية وغير آمنة، ما لم يتم وضع خطة دفاع منظمة”، وما “لم يُوفر جواب ملائم للتهديد الأمني المستمر من قبل حزب الله”، مشيراً إلى أنه لم يتم استخلاص العبر من أحداث الشمال، ولم يتم إجراء تحقيق في الإخفاقات الأمنية الحرجة. ولفت أزولاي أيضا إلى أن من الأسباب المانعة لإعادة السكان، هو “تدهور حالة البنية التحتية”، ووجود أسلحة في الأماكن العامة والخاصة.
وقال أزولاي في الرسالة أيضا: “حتى الآن، عاد فقط نحو 100 من أصل 2400 من سكان المطلة. السكان يشعرون بخوف شديد وغير مستعدين للعودة في هذه المرحلة. وتُظهر نتائج الاستطلاع الذي أُجري قبل أسبوعين أن سكان المطلة لا يرغبون في العودة -إن كانوا سيعودون أصلًا – إلا في نهاية العام الدراسي، وبعد تقييم استقرار الاتفاق والوضع الأمني”.
وفي سياق ذي صلة، حذر مؤسس “لوبي 1701” وحركة “العودة إلى الوطن”، نيسان زئيفي، وهو أحد مستوطني الشمال، من أن “المخاوف الكبرى (لدى مستوطني الشمال) هي أنه بمجرد انتهاء المناورة العسكرية، سيتم استبعاد الشمال من الأولويات. لم نرَ حكومة إسرائيل، لا أعلم متى كان رئيس الحكومة هنا آخر مرة، فهو ليس حاضراً في المشهد”.
حجم الدمار في مستوطنات الشمال
يتذرع مستوطنو الشمال بأن حجم الدمار والأضرار الذي أصاب مستوطناتهم، إضافة إلى غياب الشعور بالأمن، لا يسمحان بعودتهم حالياً.
وفي هذا السياق، تشبثوا بأرقام ومعطيات عرضها المسؤول في وزارة المالية عن إعادة تأهيل الشمال، زئيف إلكين، خلال جلسة للحكومة الإسرائيلية، الثلاثاء الماضي، وتبين منها، وفقاً لمقدمة برنامج في “راديو الشمال”، ليئات رون، أنه حتى الآن عاد فقط 19 ألف مستوطن إلى مستوطنات الشمال من أصل 67,500 أجلوا بقرار من الحكومة، وأن حجم الأضرار الذي أصاب المنطقة الشمالية، يُقدّر بتسعة مليارات شيكل (2.5 مليار دولار)، مقسمة بين 5.5 مليارات شيكل (1.5 مليار دولار) أضرار مباشرة؛ و3.5 مليارات شيكل (مليار دولار) أضرار غير مباشرة.
ولفتت رون أيضاً إلى أن إلكين أشار خلال الجلسة إلى أن 2,900 مبنى في الشمال تضررت خلال الحرب، من بينها 220 مبنى أصيب بأضرار جسيمة جداً.
المصدر: الميادين
مستوطنو الشمال خائفون.. يرفضون العودة رغم التحفيزات المالية الكبيرة | الميادين