تسريبات لا تبشر عن قمة الرياض “الأخوية”، فماذا حدث فيها؟ ولماذا لم يصدر عنها بيان؟ وبمن ستتربص الدول العربية في قمة القاهرة المرتقبة: بالعدو الإسرائيلي القاتل أم بالشعب الفلسطيني القتيل؟
أسئلة باتت مطروحة بقوة قبل أيام من قمة القاهرة المرتقبة.
الإعلامي عماد الدين أديب، المقرب من السعودية ودول الخليج، تواجد بالرياض إبان عقد القمة المصغرة يوم الجمعة الماضية.
أديب قدم تصورا لما تم التوافق عليه في القمة المصغرة مفاده: لاتهجير لسكان القطاع، بل تعمير بدون تهجير بناء علي الخطة المصرية بتعديلات عربية وبمدة زمنية من 3-5 سنوات، وبكلفة من 45 – 60 مليار دولار.
الغرب ومعظم العالم لايريد حماس في غزة، وكذلك لاتريدها الدول العربية، ولامستقبل لسلاح حماس، ولو تمسكت حماس بسلاحها فلتقم بإعادة التعمير أو لتواجه شعبها البالغ أكثر من 2 مليون فلسطيني يعيشون في العراء بعد تدمير 92٪ من مباني القطاع، ونفس الامر ينطبق علي حزب الله وجنوب لبنان إذ لا إعادة للتعمير وعودة للنازحين هناك بدون نزع سلاح حزب الله.
تسريبات أديب أكدها علانية الإعلامي المصري مصطفى بكري في المؤتمر الذي عقد أخيرا في القاهرة عن غزة ومستقبل السلام في المنطقة، حيث قال إنه لن يكون هناك إعادة إعمار مع إصرار حماس على حكم غزة والإبقاء على السلاح “صاحي”.
فكيف يقرأ المحللون المشهد؟
برأي السفير فوزي العشماوي فإن مايجب أن يكون واضحا هو أن مجمل التطورات في المنطقة، في ظل نجاح إسرائيل وأمريكا في تحييد حزب الله وإيران وسورية وتدمير غزة، هو أن الكفة تميل بقوة للأنظمة العربية، في ظل غياب وتغييب وانقسام واستقطاب للشعوب وللرأي العام العربي، وأن التمويل الخليجي (بدوافع ذاتية أو بضغوط من الولايات المتحدة) لن يتم بدون شروط واشتراطات سياسية تتعلق بمستقبل حماس وسلاحها وحزب الله وسلاحه ودورهما المستقبلي في القضية الفلسطينية والدولة اللبنانية، وأن ورقة المساومة هنا هي بلاشك وللأسف الشديد الأوضاع المأساوية لأكثر من 2 مليون فلسطيني في غزة ومئات الالاف من النازحين في لبنان.
ويضيف أن الأنظمة العربية تقول إنها هي والشعوب العربية المتضررة في غزة ولبنان لم تستشر قبل بدء ماتعتبره مغامرات مسلحة من جانب المقاومة تحركها حسابات إيرانية، هذه المغامرات قد توجع إسرائيل ولكنها تستوعبها وترد الصاع أضعافا مضاعفة فتقتل الآلاف وتدمر البني الأساسية وتشرد الملايين وتخرج منتصرة في النهاية، وأنه إذا كانت إيران تدعم المقاومة فلتتقدم وتمول إعادة تعمير القطاع وجنوب لبنان.
وقال إن المقاومة من جهتها تري أن حقها في الكفاح المسلح ثابت ومشروع، وأن الاحتلال هو الجاني بداية وانتهاء، وأنه حتي ولو توارت حماس أو حزب الله فستنشأ تنظيمات أخري مادام الاحتلال قائما، والممارسات العنصرية مطبقة وخانقة، والأفق مسدود أمام أي تسوية عادلة، والأمل مفقود في أي حياة كريمة، وأن الأنظمة بدلا من أن تضغط علي الجاني، إسرائيل وأمريكا، توجه ضغوطها للطرف الأضعف والأكثر مظلومية.
ويختتم مؤكدا أن الشعوب العربية تقف إزاء هذا المشهد صامتة، سلبية، محتارة، منقسمة، مشيرا إلى أن قلوبهم قد تكون مع المقاومة ولكن مصالحهم وجزء كبير من عقولهم مع الأنظمة.
من جهته يرى السفير فرغلي طه أن السبب الذى تسوقه دول الخليج حتى تسهم أو تتحمل تكاليف إعادة الإعمار، هو سبب منطقى، ما عدا أنها لم تستشر فى الحرب، لأن أهل فلسطين وأهل لبنان يقاومون الاحتلال ومن غير المنطقى أو العملى أن يذهب المقاومون فى كل مرة إلى أحد كى يأخذوا موافقته على ما ينوون فعله.
ويضيف أن معظم الدول العربية لم تكن لتوافق على أفعال المقاومة ومنها من كان سيبلغ إسرائيل، مشيرا إلى أن المطالبة بنزع سلاح المقاومة ، ربما كانت منطقية لو قامت دول الخليج والعرب بالحديث والضغط أولا على أمريكا وإسرائيل كى تنسحب إسرائيل أولا من أرض الضفة وغزة والقدس الشرقية،ثم تأخذ موافقتهم ويصدر قرار أممى بالبدء فى إجراءات إقامة الدولة الفلسطينية على الضفة وغزة والقدس الشرقية، مع قبول حماس بإلقاء السلاح بناء على ذلك؛لأن المقاومة مرتبطة ببقاء الاحتلال وليس العكس.
السفير طه قالها صراحة ودون مواربة: “الحل هو أن يقول العرب بداية وصراحة بأنه لن يكون هناك سلام ولا إعمار مالم توقف الحرب وتتم الموافقة على دولة فلسطينية، وإلا فإنهم سيكونون مضطرين لمساندة المقاومة ، إذا لم يتم وضع نهاية لهذا الصراع، وإذا لم يُستجب لذلك تتم المساندة العربية الحقيقية بالفعل وعندها سيعرف العالم وأمريكا وإسرائيل أنه يتحتم عليهم حل الصراع”.
واختتم محذرا: “إذا ظل الموقف العربى على ماهو الآن، واستسهل الضغط على حماس والفلسطينيين كطرف أضعف ، فسوف يؤكل الجميع يوم أكل الثور الأبيض”.
استطلعنا آراء عدد من المواطنين عن كيفية تعامل قمة القاهرة مع هذا الملف، فأكدوا أن من الذكاء المحافظة على المقاومة ولو عن طريق الأبواب الخلفية ، لأن بدون مقاومة سوف يتفرغ الكيان لتحقيق حلمه الكبير.
المصدر: رأي اليوم