You are currently viewing نتنياهو يُريد فصل الجنوب السوري عن دِمشق وإلصاق تُهمة “الخِيانة” بالأشقّاء الدروز هل يمر هذا المُخطّط؟ ولماذا تلتزم السّلطات السوريّة الجديدة الصّمت ولا تُحرّك ساكنًا؟

نتنياهو يُريد فصل الجنوب السوري عن دِمشق وإلصاق تُهمة “الخِيانة” بالأشقّاء الدروز هل يمر هذا المُخطّط؟ ولماذا تلتزم السّلطات السوريّة الجديدة الصّمت ولا تُحرّك ساكنًا؟

عبد الباري عطوان
باتَ واضحًا أن بنيامين نتنياهو يُريد أن يُغطّي على هزائمه في قطاع غزة والضفّة الغربيّة بإحكامِ قبضته على جنوب لبنان، وجنوب سورية معًا، بدعمٍ من الولايات المتحدة وإدارة الرئيس دونالد ترامب، فبعد تأكيده على البقاء في المناطق الخمس في تَحَدٍّ لاتّفاق وقف إطلاق النار في لبنان، ها هو يُركّز كُل جُهوده في الوقتِ الرّاهن لتِكرار السّيناريو نفسه وحرفيًّا في الجنوب السوري، لأنّه واثقٌ أنّه لن يجد من يردعه عسكريًّا في الوقتِ الرّاهن على الأقل.

في الخطاب الذي ألقاهُ أمس في حفل تخريج دورة ضبّاط تابعة للجيش الإسرائيلي دعا نتنياهو إلى نزعِ سِلاح الدولة السوريّة في كُل مناطق الجنوب السوري، ابتداءً من القنيطرة ومُرورًا بالسويداء وانتهاءً بمُحافظة درعا كلّها، مُكرّرًا أنه لن يسحب قوّاته من المناطق العازلة، وخاصَّةً جبل الشيخ، وهدّد بكُلّ وقاحةٍ السّلطات السوريّة الحاكمة في دمشق حاليًّا بردٍّ قويٍّ في حالِ تعرّض أبناء الطّائفة الدرزيّة لأيّ خطرٍ في المُستقبل، وأكّد أنّه لن يتسامح مع وجود أي قوّات مُسلّحة تابعة للسّلطة الجديدة، أو جيشها، أو حتّى هيئة تحرير الشّام في جنوب البلاد.
***
من الواضح أنّ نتنياهو الذي نجح في ضم هضبة الجولان يُريد أن يُكمل خطّته “بتسمين” حُدود كيانه بالتّمهيد بضمّ الجنوب السوري، وفصله كُلِّيًّا عن الدولة السوريّة الأُم بدعمٍ مُباشر من الرئيس ترامب ومُستشاريه الصّهاينة، ويجد في الوضع الرسمي العربي المُنهار، وتراجع قوّة محور المُقاومة بسبب الضّربات الأخيرة في لبنان وسورية، فُرصةً ذهبيّةً لتحقيق مُخطّطاته التّوسّعيّة هذه.
أخطر ما في هذه المُخطّطات هو بَذْر بُذور الفتنة بين أبناء الطّائفة الدرزيّة الشّقيقة وحاضنتها السوريّة التي تأتي امتِدادًا تاريخيًّا وعقائديًّا للحاضنة العربيّة السوريّة ومُحاولة فصل هذه الطّائفة عن هُويّتها العربيّة الإسلاميّة واستِبدالها بالهُويّة الصّهيونيّة والتطوّع من جهةٍ واحدة لحِمايتها.
الخطر الأكبر الذي واجهته الطّائفة الدرزيّة الكريمة في كُل فترات تاريخها لم يأتِ من أشقّائهم العرب والمُسلمين، وإنّما من الاستِعمار الغربي، ورأس حِربته الإسرائيليّة، ودليلنا الأبرز هو رُموزها الوطنيّة الذين واجهوا هذا الخطر بقُوّةٍ وعلى رأسِهم المُجاهد العظيم سلطان باشا الأطرش، والشّهيد كمال جنبلاط الذي كانَ قائدًا شرسًا للمُقاومة العربيّة والإسلاميّة ضدّ المشروع الصّهيوني، ويُسجّل لابنه ووريثه وليد جنبلاط تحذيره الدّائم لأبناء الطّائفة في فِلسطين المُحتلّة من مُؤامرات الكيان الصّهيوني لتشويه صُورتها، وحثّها على الوقوف في خندق المُقاومة الفِلسطينيّة، والتصدّي لكُلّ مُحاولات عزلهم عنها.
مُعظم أبناء الجنوب السوري انتفضوا ضدّ هذه المُؤامرة الفتنة، وانخرط المِئات منهم في مُظاهراتٍ واعتصاماتٍ عفويّة ضدّ هذه الفتنة، في درعا والسويداء والقنيطرة، رفعوا شعارات تُدين هذا التوغّل الإسرائيلي، وتُؤكّد على سُوريّة المُوحّدة باعتبارها جُزءًا من الوطن السّوري الأُم، وكانَ أبرز هذه الشّعارات “خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود”.
اللّافت أنّه حتّى كتابة هذه السّطور لم يصدر أي رد فعل من جانب السّلطات السوريّة على مُؤامرة الضّم الإسرائيليّة هذه للجنوب السوري، وبَذْر بُذور الفِتنة لتخوين الأشقّاء الدروز من قِبَل نتنياهو ودولة الاحتلال، ولم نسمع حتّى عبارة “الرّد في المكان والزّمان المُناسبين”، ويبدو أنها مُستمرّة في سياستها بالنّأي بنفسها عن أيّ تصعيد أو مُواجهة مع دولة الاحتلال تطبيقًا لما قاله رئيسها “سورية لن تكون مَركزًا لأيّ حربِ مُواجهة مع أيّ طرف من دول الجِوار”، في تلميحٍ إلى دولة الاحتلال دون أنْ يُسمّيها.
***
الصّمت على هذه المُخطّطات الإسرائيليّة التوسّعيّة الاستعماريّة في سورية ولبنان، وأي دولة عربيّة أُخرى، وعدم التصدّي لها بكُل الوسائل المُتاحة، يُعتبر قمّة الخِيانة والتّواطؤ، وجميع الأعذار مرفوضة، فالأرض العربيّة مُقدّسة، والدّفاع عنها “فرضُ عين”، على كُل عربي ومُسلم، ولنا في قطاع غزة والضفّة الغربيّة وجنوب لبنان واليمن المثَل والقُدوة، وكلّنا ثقة بأنّ أهلنا في سورية لن يتوانوا لحظة في التصدّي لهذه الغطرسة الإسرائيليّة العُدوانيّة التي لا نستبعد أن تكون وقاحتها هي “المُفجّر” لمُواجهات بُطوليّة، فهذه هي سورية التي نعرفها والتي شاركت في كُل حُروب العرب ضدّ الدّولة الإسرائيليّة الغاصبة ودِفاعًا عن شرف الأُمّة ومُقدّساتها وكرامتها، وقدّمت آلاف الشّهداء وتعرّضت لأكثر من عُدوان، وأكثر من حصارٍ تجويعيٍّ ظالم.. والأيّام بيننا.

المصدر: رأي اليوم

نتنياهو يُريد فصل الجنوب السوري عن دِمشق وإلصاق تُهمة “الخِيانة” بالأشقّاء الدروز هل يمر هذا المُخطّط؟ ولماذا تلتزم السّلطات السوريّة الجديدة الصّمت ولا تُحرّك ساكنًا؟ | رأي اليوم

شارك المقالة