You are currently viewing افتعال الحوادث: شبكات احتيال تستغل السائقين والعادات العشائرية

افتعال الحوادث: شبكات احتيال تستغل السائقين والعادات العشائرية

أفادت وزارة الداخلية العراقية بضبط شخص يمارس احتيالاً غريباً يتمثل في رمي نفسه أمام السيارات بهدف استدراج السائقين لدفع مبالغ مالية.

هذه العملية، التي كشفت عنها السلطات، تسلط الضوء على أساليب جديدة ومبتكرة تستخدمها بعض العصابات للنصب في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية المتقلبة التي تشهدها البلاد.

تكشف تفاصيل البيان الرسمي أن المتهم لم يكن يعمل وحده، بل ضمن شبكة منظمة تعتمد على خطة محبوكة بعناية.

يقوم أحد أفراد العصابة بالاندفاع نحو سيارة مارة، مدعياً الإصابة، مما يدفع السائق -بدافع الخوف أو الإنسانية- إلى نقله إلى المستشفى.

في تلك الأثناء، يتدخل باقي أعضاء الشبكة لمطالبة السائق بدفع تعويض مالي كـ”دية” مقابل الإصابة المزعومة، وفي حال المقاومة، يتم توجيه تهديدات تعتمد على النفوذ العشائري لإجبار الضحية على الخضوع. هذا النهج يعكس كيف يمكن للجريمة أن تتكيف مع السياقات المحلية لتحقيق أهدافها.

و من وجهة نظر تحليلية، يبدو أن هذه الظاهرة تنمو في بيئة تعاني من تحديات اقتصادية وأمنية، حيث يبحث البعض عن وسائل غير مشروعة لتحسين أوضاعهم المادية.

العراق، الذي شهد خلال السنوات الأخيرة ارتفاعاً في معدلات الفقر -حيث وصلت إلى حوالي 25% وفقاً لتقديرات البنك الدولي لعام 2023- يوفر أرضاً خصبة لمثل هذه الجرائم.

ويشيؤ استغلال النظام العشائري كأداة تهديد أيضاً إلى ضعف مؤسسات الدولة في بعض المناطق، مما يجعل السائقين أكثر عرضة للابتزاز بدلاً من اللجوء إلى القانون لحماية أنفسهم.

وعلى الصعيد العالمي، لم تكن هذه الحيلة وليدة اللحظة، فقد شهدت دول أخرى حالات مشابهة بأشكال مختلفة.

و في الصين، سجلت تقارير خلال عام 2021 عن أفراد يتعمدون إلقاء أنفسهم أمام سيارات فارهة في مدن كبرى مثل شنغهاي، مستغلين كاميرات المرور لتأكيد روايتهم المزيفة،

وغالباً ما كانوا يستهدفون السائقين الأثرياء. كذلك،

وفي الولايات المتحدة، وثقت الشرطة خلال العقد الماضي عمليات احتيال تُعرف بـ”التعمد في الحوادث”، حيث يتسبب المحتالون بحوادث متعمدة للمطالبة بتعويضات التأمين، وتشير إحصائيات المكتب الوطني لجرائم التأمين إلى أن هذه الحوادث تكلف شركات التأمين ما يزيد عن 30 مليار دولار سنوياً.

و الاختلاف في الحالة العراقية يكمن في البعد الثقافي والعشائري الذي يضفي طابعاً محلياً على الجريمة.

ويحمل إعلان الداخلية العراقية عن هذا الإنجاز الأمني دلالات إيجابية، لكنه يثير في الوقت ذاته تساؤلات حول مدى انتشار هذه الممارسات في المدن الأخرى.

و تبرز حاجة ماسة إلى تعزيز الوعي العام بمثل هذه الحيل، ربما من خلال حملات إعلامية تحث السائقين على الإبلاغ عن أي حالة مشبوهة بدلاً من الاستسلام للضغوط.

كما أن استخدام التكنولوجيا، مثل كاميرات السيارات التي أصبحت شائعة في دول عديدة، قد يساعد في توثيق الحوادث وردع المحتالين.

و على المدى الطويل، يبقى الحل الأمثل في تعزيز الثقة بين المواطن والمؤسسات الرسمية للحد من الاعتماد على التسويات غير القانونية.

المصدر: المسلة

https://almasalah.com/archives/112621

شارك المقالة