You are currently viewing لماذا نُطالب مِصر وقطر بعدم المُشاركة في جولةِ مُفاوضات روما التي تبدأ  الأحد؟ ولماذا روما وليس القاهرة او الدوحة؟ وما هي رسالتنا للمُجاهد السنوار وأركان قِيادته؟

لماذا نُطالب مِصر وقطر بعدم المُشاركة في جولةِ مُفاوضات روما التي تبدأ الأحد؟ ولماذا روما وليس القاهرة او الدوحة؟ وما هي رسالتنا للمُجاهد السنوار وأركان قِيادته؟

عبد الباري عطوان
انتقال اللّقاء الرّباعي للبحث عن اتّفاقِ هدنة يُوقف حرب الإبادة الإسرائيليّة من القاهرة والدوحة إلى العاصمة الإيطاليّة روما بحُضور قادة المُخابرات الأمريكيّة والمِصريّة والإسرائيليّة ورئيس وزراء دولة قطر (رسميًّا هو رئيس مُخابرات بلاده) يأتي مُكافأة “ذهبيّة” لبنيامين نتنياهو، وتبنّيًا لسياساته في مُواصلة الحرب والمجازر، ومُباركة لخطابه “العرمرمي” الذي ألقاهُ في الكونغرس الأمريكي يوم الأربعاء، والوقوف في صفّ المُصفّقين وقوفًا له، ومُساندة لكُل ما ورد فيه من أكاذيبٍ تُبرّر جرائم الحرب التي يرتكبها بشَكلٍ يوميٍّ في الضفّة والقِطاع.
نتنياهو الذي لا يُريد وقف الحرب حصل على تصريحٍ من الدّول الأربع لمُواصلتها، وإطالة أمَدِهَا، وارتكب اليوم مجرزةً جديدةً في دير البلح عندما قصفت قوّاته مدرسة خديجة فيها بخمسة صواريخ أدّت إلى استشهاد 30 مدنيًّا وجاء هذا القصف الدمويّ المُتعمّد “تحيّةً” لهذا المُؤتمر الذي سيبدأ جلساته غدًا الأحد، أنّه يُريد كسب الوقت، والادّعاء بأنّه “رجل سلام” حريص على وقف الحرب، والدّليل هو إرساله وفدًا للمُشاركة في هذه المِصيَدة، والمِصيَدة هُنا هي للوُسطاء والعرب الذين “يُهرولون” للمُشاركة به، رُغم فشل كُلّ الجولات السّابقة، بعد وصول “دعوة جلب” من السيّد الأمريكي الشّريك المُباشر في حرب الإبادة بالمالِ والسّلاح والجُنود والاستِخبارات.
***
رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يتنازل مُطلقًا عن رفضه لكُلّ بُنود الاتّفاق الذي تمّ التوصّل إليه من قِبَل الوُسطاء برعاية “المُعلّم” وليام بيرنز رئيس المُخابرات الأمريكيّة في الجولات السّابقة التي بدأت قبل 9 أشهر، والأخطر من ذلك أنّ نتنياهو أضافَ شُروطًا جديدةً تُمثّل “صفعةً” على وجوههم، أبرزها ضرورة الحُصول على تعهّدٍ من أمريكا بالعودةِ إلى اجتياح القطاع بعد اعتماد الاتّفاق، والإصرار على تفتيش كُلّ النّازحين العائدين إلى شِمال القطاع للتأكّد من أنّهم ليْسُوا من رجال المُقاومة، والثالث والأخير، الحِفاظ على بقاء قوّاته، واحتِلاله، لمحور صلاح الدين (فيلادلفيا) الحُدودي بين مِصر والقِطاع.
عودة الوُسطاء العرب (مِصر وقطر) إلى المُفاوضات المُهينة “العبثيّة” في روما وصمةُ عارٍ إضافيّة، وارتكاب لإثم تسهيل مُخطّط نتنياهو في كسبِ الوقت لارتكاب المزيد من المجازر في قطاع غزة والضفّة، أنّهم “شُهود زور” إن لم يكونوا أخطر من ذلك، مهما كانت الأسباب والذّرائع للقيام بهذا الدور.
طالبنا، وما زلنا نُطالب، قادة المُقاومة في قطاع غزة بعدم المُشاركة، بشَكلٍ مُباشر، أو غير مُباشر في هذه اللّقاءات عديمة الفائدة، وكبيرة الضّرر، وتُشكّل أحد أبشع أنواع التّضليل، وبيع الوهم، لأبناء القطاع، فهذه القيادة قدّمت ردّها مكتوبًا على كُلّ البُنود الواردة في مسودّة الاتّفاق، في إطار سياسي “نعم ولكن”، وحتّى لا تُتّهم بعرقلته، ولكنّ موقفها المسؤول هذا لا يُقابل بالتّقدير وإنّما بالمزيد من المجازر، والمزيد من التّجويع والتّدمير.
أهلنا في القطاع يستشهدون بالآلاف جُوعًا وبالرّصاص، والمُستشفيات لم تعد قادرة على مُعالجة جرحى الإبادة الصّهيونيّة بسبب قصف وتدمير غالبيّتها، وانقطاع الكهرباء ونقص الأدوية، وأخبرني أحد الأقارب بأنّ هذه المُستشفيات، أو ما تبقّى منها، أغلقت أبوابها كُلِّيًّا في وجْهِ المرضى العاديين المُصابين بأمراضِ السكّر والكلى والكبد والضّغط، وكُلّ الأمراض المعويّة والجلديّة الأُخرى، لأنّها لا تملك الوقت والعدد الكافي من الأطبّاء والأدوية، وتُركّز كُل طاقاتها للتّعاطي مع الأعداد الضّخمة من ضحايا المجازر وإصاباتهم الخَطِرَة جدًّا فقط، وإعطائهم الأولويّة القُصوى.
الوُسطاء العرب باستمرار مُشاركتهم في مهزلة المُفاوضات المسرحيّة هذه، وبأعينٍ مفتوحة، وتشريع ودعم استراتيجيّة نتنياهو في تضييع الوقت، ومُواصلة حرب الإبادة، يُعتبرون شُركاء لكُل ما يترتّب على ذلك من نتائج، ويجب أن يُوقفوا هذه المُشاركة فورًا، وعدم التّجاوب مع أيّ استدعاءاتٍ أمريكيّةٍ جديدة.
***
اللّوم كُلّ اللّوم يقع على الشّقيقة مِصر، الدّولة الأكبر عربيًّا، والقائدة الرّائدة، والمُجاورة للقطاع، والمسؤولة تاريخيًّا وقانونيًّا عن حِماية أبنائه، وأمنهم وأرواحهم، ونحنُ لا نُطالبها بإرسالِ قوّاتها، ومُدرّعاتها، وطائراتها والملايين من جُنودها للتصدّي للعُدوان الإسرائيلي، وإدخال المُساعدات الإنسانيّة بالقُوّة، وإنْ كان هذا حقّنا، أنْ نتقدّم بهذه المطالب المشروعة، وإنّما نُطالبها بالانسِحاب من هذه الوساطة الفاشلة والمهزلة، ومُواجهة الانتهاك الإسرائيلي للاتّفاق معها في كامب ديفيد أو غيرها، والتمسّك بانسحابه كُلِّيًّا وفورًا من محور صلاح الدين، وفرض وصول المُساعدات الإنسانيّة، وإنهاء حرب التّجويع بكُلّ الوسائل، وأنْ تكون صوت المظلومين المُبادين.
شعبُ القِطاع يا أهلنا في مِصر باتوا يأكُلون الحشائش، وأوراق الشّجر، بعد أن تعذّر إيجاد علف الحيوانات، فإلى متَى يستمرّ الصّمت.. قولوا “لا” مرّة واحدة لهذا الأمريكي الصّلف المُتآمر المُتواطئ، والمُشارك في حرب الإبادة والتّطهير العِرقي وفي وضَح النّهار، فهذا الصّمت هو الذي يقف خلف كُل مصائب مِصر، واستِمراره لن يحل الأزمات بل سيزيدها تأزُّمًا، فتجويع مِصر، وشعبها الطيّب البطل، وتدمير اقتِصادها وتعطيشها هو سياسية أمريكيّة إسرائيليّة.. والقادمُ أصعب.

 

رأي اليوم

شارك المقالة