كركوك :وفد حكومي يحقق في حادثة مقتل عناصر من «الحشد»… ومنشورات طائفية تحرّض على العنف
أعلنت قيادة «الحشد الشعبي»، المحور الشمالي، أمس الثلاثاء، تطهير قرية السعدونية، التابعة لناحية الرياض في كركوك والمناطق المحيطة بها بالكامل، مشيرة إلى أن القوات الأمنية شرعت في عملية تدقيق وتفتيش بحثا عن الجناة الذين قتلوا 27 عنصراً من «الحشد» مساء الأحد الماضي.
المتحدث باسم القيادة، علي الحسيني، قال، في تصريح صحافي، إن «القوات الأمنية تمكنت من تطهير المناطق المحيطة بقرية السعدونية وناحية الرياض بالكامل بعد المجزرة التي راح ضحيتها 27 مقاتلا من الحشد».
وأضاف: «القوات الأمنية شرعت بخطة لحفظ الأمن وتدقيق هويات المشتبه بهم بحثا عن الجناة في المناطق المحيطة». وأمر رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، حيدر العبادي، أمس الأول، بفتح تحقيق عاجل بملابسات الحادثة.
وبعد يوم واحد من أمر العبادي، توجه وفد حكومي رفيع إلى قضاء الحويجة، جنوبي كركوك للتحقيق بحادثة السعدونية.
وطبقاً للمصدر، فإن «رئاسة الوزراء شكلت لجنة عليا للتحقيق في جريمة السعدونية التي راح ضحيتها 27 شهيدا من الحشد الشعبي وستصل خلال الساعات قليلة مقبلة إلى مكان الجريمة».
وأضاف: «اللجنة ستعلن جميع التفاصيل وما توصلت إليه القيادة العسكرية خلال انطلاق العمليات الأمنية لملاحقة فلول داعش والأخذ بثأر الشهداء المغدورين»، مشيرا إلى أن «علان النتائج والحديث عن الجناة لا يصب في صالح سير التحقيقات».
وعقب الكشف عن الحادث، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بمنشورات تحرّض على العنف، وتحمل طابعاً طائفياً، من بينها إطلاق هاشتاغ «احرقوا الحويجة من أجل الشهداء».
القيادي في «الحشد»، كريم النوري، هاجم ما سمّاها «النداءات الطائفية» على مواقع التواصل الاجتماعي، على خلفية الكمين الذي استهدف عناصر «الحشد».
وقال «لا نستبعد أن يكون الإرهابيون الذين نفذوا هذا الكمين هم من اطلقوا الهاشتاغ الذي تفوح منه رائحة الإجرام لغرض إشعال الفتنة الطائفية في البلاد»، مضيفاً «نحن في الحشد الشعبي نرد عليهم ونقول احفظوا الحويجة من أجل الشهداء».
في الأثناء، استمرت ردود الفعل حول حادثة استهداف مقاتلي «الحشد»، حيث أكدت كتلة «إرادة» بزعامة النائبة حنان الفتلاوي، أن «القوة الخاصة بالحشد الشعبي والتي تعرضت لكمين في السعدونية لم تكن تمتلك العجلات المدرعة، فيما دعت القائد العام للقوات المسلحة إلى القصاص من الجناة وعدم «تضييع دماء الشهداء بلجان تحقيقية».
وعزت الكتلة في بيان، «عائلات الشهداء وقيادة الحشد الشعبي باستشهاد كوكبة (27) شهيد من أبطال القوات المهام الخاصة في استخبارات الحشد الشعبي الذين استشهدوا في قرية السعدونية الحويجة بكمين غادر»، مستنكرة ما وصفته «الإهمال الحكومي في تفعيل قانون الحشد الشعبي وتطوير وتنمية قدراته اسوةً باصناف القوات الأمنية والعسكرية الاخرى».
ووفقاً للبيان، «بعد أن اتضحت التفاصيل تبين ان هذه القوة الخاصة وبالرغم من انجازاتها الكبيرة في الحرب على الإرهاب لم تكن تمتلك العجلات المدرعة لهذه المهام ولا الغطاء الجوي والمروحي اللازم لهذه العملية الخاصة».
ودعت، القائد العام للقوات المسلحة إلى «القيام بمهامه واتخاذ ما يلزم من أجل القصاص العادل من الجناة وعدم تضييع دماء الشهداء بلجان تحقيقية لا تعدو كونها ذراً للرماد في العيون ولم ينتج من سابقاتها شيء».
أما رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، حاكم الزاملي، فقد حذّر من تكرار حادثة السعدونية، ودعا العمليات المشتركة إلى إعادة انتشار القطعات العسكرية.
كما طالب المواطنين بـ«عدم التستر على الإرهابيين واستذكار معاناتهم تحت ظل تنظيم الدولة في السنوات الماضية».
وقال في بيان، «نحذر من تكرار جريمة السعدونية التي أدت إلى استشهاد عدد من مجاهدي الحشد الشعبي»، داعيا العمليات المشتركة إلى «إعداد خطة سريعة وبدون أي عذر لملاحقة المجرمين من بقايا داعش الإرهابي الذين مازالوا متخفين في هذه المناطق».
وأكد على «أهمية إجراء مسح شامل والبحث عن الهاربين من هذه العصابات لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث المؤلمة، فضلاً عن إعادة انتشار القطعات العسكرية وتوحيد هيكلياتها وارتباطاتها الادارية والتعبوية بما يضمن عدم استغلال الفراق الامني أو ضعف التنسيق بين القطعات الماسكة للأرض».
وبين أن «على المواطنين أن لا يخفوا أو يتستروا على من تخفى أو من يمارس نشاطا إرهابيا، وان يستذكروا معاناتهم تحت ظل تلك العصابات طيلة السنوات الماضية، وأن لا ينسوا الدور المشرف الذي بذلته الأجهزة الأمنية والحشد الشعبي بكل صنوفها من اجل انقاذهم وإعادة الحياة والاستقرار لمناطقهم».
محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي، كتب على صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» يقول: «من المؤلم أن يفقد العراق هذا العدد من مقاتلي الحشد الشعبي في كمين لداعش قرب كركوك»، مضيفاً أن «من المؤلم اكثر الا تهتم القيادات الأمنية بالتحذيرات المسبقة أو يبقى المنظور السياسي هو السائد في التعامل مع قضايا أمنية بهذه الدقة».
وتابع: «لقد سبق لداعش أن سيطرت على ثلث أراضي العراق، لأنها استغلت الصراعات السياسية وأقنعت القوى الحاكمة بأن كل خصومها السياسيين هم (دواعش)، كما استخدمت العملاء المزدوجين في تضليل الأجهزة الاستخبارية وأوصلت او حجبت المعلومات حسب مصلحتها».
وأعرب النجيفي، المطلوب للقضاء العراقي، عن اسفه من عدم استفادة «القوى السياسية والأجهزة الاستخبارية من تلك التجربة المهولة، ويكرروا نفس الأخطاء بعد الانتصار الأولي على داعش».
وأكد: «بقاء الفجوات الأمنية مرتبطة بضعف التنسيق السياسي»، لافتاً إلى أن «داعش سيبقى يستثمر جهل الحكام في ادارة ملفات الدولة، ويستفيد من اثارة الازمات السياسية بين المشاركين في العملية السياسية الذين لم يدركوا لحد الان انهم يقودون مركبا واحدا في بحر هائج».
في موازاة ذلك، كشفت لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب، عن انتشار وتواجد عناصر التنظيم «في أربع مناطق عراقية» بينها محافظة النجف.
وقال عضو اللجنة، النائب اسكندر وتوت، في تصريح، إن «عناصر تنظيم داعش الإجرامي ما يزالون ينتشرون ويتواجدون في عدد من المناطق على الرغم من القضاء عليهم بشكل كامل وتحرير كافة المدن التي كانوا يسيطرون عليها».
وأضاف وتوت، وهو نائب عن ائتلاف دولة «القانون» بزعامة نوري المالكي، أن «داعش ما يزال يسيطر على مناطق في الحويجة وهي تلك الممتدة من منطقة السعدونية إلى شمال ناحية الرياض، فضلا عن صحراء الأنبار (وادي حوران) وجزيرة البادية»، مؤكداً «تواجد عناصر بداعش في صحراء النجف ايضا».
ودعا إلى ضرورة «القيام بعمليات تطهير واسعة وشن ضربات استباقية»، مؤكدا أهمية «نشر قوات في تلك المناطق تتمتع بالكفاءة وتكون قادرة على الرد سريعا».
الوثيقة |