قمة إسلامية مسيحية في بكركي اليوم تؤكد على القدس مدينةً لتلاقي الأديان
تنعقد في بكركي اليوم قمة اسلامية مسيحية حول القدس يتوقع أن ترد على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتشكّل هذه القمة استكمالاً للإجماع اللبناني الرافض لأي تهويد للقدس. وأكد رئيس أساقفة بيروت للطائفة المارونية المطران بولس مطر «أن القمة الروحية المسيحية – الإسلامية ستخرج برسالة واحدة موحدة مفادها ان القدس مدينة الأديان كلها ومدينة التلاقي والخير وليست مدينة لتغتصب». وعشية القمة زار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي رئيس الحكومة سعد الحريري.
وكان الرئيس اللبناني العماد ميشال عون حمل الموقف اللبناني الى القمة الإسلامية التي انعقدت في اسطنبول حيث توجّه الى رؤساء الدول والملك قائلاً «نلتقي اليوم في اجتماعٍ طارئ وفي الواجهة مدينة القدس، وخلف الواجهة أزمة الشرق الأوسط المستمرّة منذ عقود وعقود، جذورها تمتدّ لمئة عام»، مشيراً إلى أنّ «على الرغم من أنّ وعد بلفور نصّ بوضوح على عدم الإتيان بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية الّتي تتمتّع بها الطوائف غير اليهودية، إلّا أنّ الاسرائيليين مارسوا أبشع أنواع التطهير العرقي على أرض فلسطين».
ولفت الى «أنّ «إسرائيل اليوم تتصرّف عكس مسار التاريخ، وتتحدّى التطور الإنساني والمجتمعي؛ فالفكر الآحادي يسقط في كلّ العالم، سياسيّاً كان أو عرقيّاً أو دينيّاً، والمجتمعات تسير نحو التعددية»، وقال «إسرائيل تعلن نفسها دولة يهودية، وتحاول التأكيد على ذلك بتهويد القدس وجعلها عاصمتها، وفي ذلك شطبٌ للهوية الجامعة للأرض المقدسة، وإلغاء صريح لرسالتين سماويتين يؤمن بهما أكثر من نصف سكان العالم»، متسائلاً «هل يمكننا تصوّر المسيحيين والمسيحية من دون القدس وبيت لحم وكنيسة المهد وكنيسة القيامة؟ وهل يمكننا تصوّر الإسلام والمسلمين من دون المسجد الأقصى ومقدّسات فلسطين؟».
وركّز على أنّ «الخطوة الّتي أقدم عليها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر اعتباره القدس عاصمةً لإسرائيل، تُسقط عن الولايات المتحدة الأمريكية صفة الدولة العظمى الّتي تعمل على إيجاد حلول تحقّق السلام العادل في الشرق الأوسط»، مبيّناً أنّه «إذا لم تتصدَّ الأمم المتحدة لهذا القرار، فإنها تتنازل عن دورها كمرجع دولي لحلّ النزاعات الدولية وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي، كما ينصّ ميثاقها، فينتفي بذلك سبب وجودها».
وأكد الرئيس اللبناني «أنّ إسرائيل، ومنذ نشوئها حتّى اليوم، تعتمد مبدأ القوة وسلب الحقوق والتهجير، مستفيدة من حقّ «الفيتو» وممارِسةً الدلع الدولي؛ فالأمم المتحدة الّتي قسّمت فلسطين لم تنجح يوماً في إدانة فعلية ورادعة لإسرائيل»، مؤكّداً أنّ «الأحداث الّتي عصفت بالعالمين العربي والإسلامي خلال السنوات الأخيرة، وحال التعثّر والتخبّط الّتي وقعت فيها شعوبهما، صدّعت العلاقات بين بعض الدول الشقيقة والصديقة، وأرست الحواجز النفسية بينها»، لافتاً إلى أنّ «الصراع العربي- الإسرائيلي، والإسلامي-الإسرائيلي، تحوّل صراعاً عربياً-عربياً وإسلامياً-إسلامياً، من خلال تغذية الصراع المذهبي بين السنة والشيعة، ومعلوم أنّ في التفرقة ضعفاً، وفي الضعف استفراداً، وليس عبثاً أنّ من أهمّ أمثالنا العربية: فرّق تسد».
وأوضح عون أنّ «إسرائيل هي المستفيد الأوحد من هذا الواقع المستجدّ المؤسف والمؤلم، وما يحصل اليوم هو نتيجة حتميّة لانحرافنا عن الهدف»، متسائلاً «هل ننتفض في الجولة الأخيرة؟ هل توحّدنا القدس مجدّداً فننقذ تاريخنا وإنساننا وتراثنا، أم نسقط وتسقط معنا القدس وتضيع فلسطين إلى الأبد؟»، مشدّداً على أنّه «يجب التقدّم بشكوى عاجلة إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة بإسم مجموعة الدول الإسلامية «OIC» لتعطيل القرار الأمريكي وإلزام الولايات المتحدة بإلغائه»، داعياً إلى «القيام بحملة دبلوماسية تهدف إلى زيادة عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين، والانتقال إلى اعتبارها دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، مع اتخاذ الإجراءات القانونية والسياسية والدبلوماسية اللازمة لاعتماد القدس الشرقية عاصمة لها «.
وأضاف «يجب اتخاذ إجراءات عقابية موحّدة ومتدرجة، دبلوماسية واقتصادية، ضدّ أي دولة تنحو منحى الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ويجب الدعوة المشتركة لشعوب دولنا لتتحرّك في بلدانها وأماكن انتشارها، لتشكيل قوّة ضغط شعبي تساند ضغطنا السياسي والدبلوماسي»، مركّزاً على «أهمية التمسّك بالمبادرة العربية للسلام بكلّ مندرجاتها من دون انتقاص، والتوافق مع وسيط دولي نزيه للعمل على تفعيلها، كي لا يبقى أمامنا سوى العودة عنها، مع ما يترتّب عن هذه العودة من تداعيات»، وختم أنّ «هدفنا يبقى السلام، ولكن، لا سلام من دون عدالة، ولا عدالة من دون احترام الحقوق». إلى ذلك، نوّه رئيس مجلس النواب نبيه بري بالموقف اللبناني الجامع تجاه قضية القدس، وقال في لقاء الأربعاء النيابي «ان لبنان كان بكل مؤسساته وأطيافه صفاً واحداً في موقف يجب المحافظة والتأسيس عليه لمواجهة كل الاستحقاقات».
وتطرق الى جلسة المجلس النيابي الاستثنائية حول القدس فحيّا جميع النواب على مواقفهم ، وقال «ان لبنان كان في هذه الجلسة صوت العرب في وجه القرار الأمريكي». وجدّد التأكيد على ما قاله في كلمته المقتضبة قائلاً « ان استهداف القدس هو استهداف ايضاً للبنان وللقضية الفلسطينية فما يجري هو جزء من مشهد المنطقة ويتصل بصفقة العصر التي تحدثت عنها».
القدس العربي |