دراسة ميدانية: تحوّل 3 محافظات جنوبية الى معبر ومصنع للمخدرات
لمدى
كشفت دراسة ميدانية أجراها أحد الباحثين العراقيين في 3 محافظات جنوبية هي (البصرة وذي قار وميسان)، تزايد نشاط الجماعات المتاجرة والمهربة لمادة "الكريستال" المخدرة، وفيما أوضحت الدراسة أن تغيير العقوبة الرادعة بالاعدام والسجن المؤبد الى العلاج الصحي والنفسي للمتعاطي، فضلاً عن الفساد المالي والاداري، ووجود التهديدات العشائرية كلها أسباب ساهمت في حجم انتشار الادمان على المخدرات.
جاء ذلك على هامش ندوة حوارية، أقيمت في منتدى الأمل الثقافي بعنوان (قصة المخدرات في جنوبي العراق ) استضيف فيها الدكتور خالد حنتوش الباحث المتخصص في علم الاجتماع ورئيس قسم الاجتماع في كلية الاداب في جامعة بغداد، وحضرتها (المدى).
وجرى في الندوة التي أدارتها الاعلامية عدوية الهلالي مناقشة ظاهرة المخدرات التي تهدد مستقبل الشباب العراقي بهدف إيجاد حلول تسهم في الحد من انتشار هذه الآفة التي باتت تنخرفي جسد المجتمع العراقي.
وعرض الباحث حنتوش نتائج المشروع البحثي الميداني الذي شارك فيه عن المخدرات في جنوبي العراق وبالتحديد في محافظات ( ميسان ، ذي قار ، والبصرة ) والتابع للجنة مكافحة المخدرات في رئاسة الوزراء ليكشف عن وقائع خطيرة بضمنها حجم انتشار الإدمان والاسباب التي أدت الى هذا الانتشار، فضلا عن اكتشاف الخلل في المنظومة الادارية – الأمنية التي تقف خلف العديد من المشكلات الاجتماعية ومنها المخدرات.
وأشار حنتوش الى أهم أنواع المواد المخدرة ومناطق انتشارها ومنها مادة (الكريستال) التي تعد الأكثر انتشارا في المحافظات الثلاث الجنوبية والتي يرتبط تعاطيها بعدد كبير من أعمال العنف كجرائم السرقة والسطو المسلح والاختطاف.
ولخص حنتوش أسباب انتشار المخدرات بـ "التساهل القانوني بعد عام 2003، اذ تغيرت العقوبة الرادعة من الاعدام والسجن المؤبد الى العلاج الصحي والنفسي في المصحات بالنسبة لمتعاطي المخدرات والسجن من (5- 15) سنة بالنسبة لمروجيها".
ولفت الباحث في علم الاجتماع الى "تهرّب كبار التجار من العقوبة بسبب الفساد في الأجهزة الامنية والتهديدات العشائرية وضعف المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بتجارة المواد المخدرة، فضلا عن وجود أسباب أخرى كتقليص صلاحيات منتسبي مكافحة المخدرات وقلة الكادر الأمني المتخصص والدوريات والسيطرات على حدود المدن مع قلة الكلاب البوليسية وأبراج مراقبة الحدود الدولية اذ يستغل تجار المخدرات النقاط الهشة للحدود المفتوحة ولا سيما مع إيران لتهريب بضاعتهم، مع البطء في حسم قضايا المخدرات في جميع المحافظات وعدم توفر أجهزة لفحص المتعاطين وضرورة إرسال عينات الدم الى بغداد ما يؤثر على سير القضية من ناحية تأخير حسمها واحتمالية التلاعب في نتائج الفحوصات".
وتشكل شريحة الشباب الغالبية العظمى من المتعاطين للمخدرات، إذ ينتمي أغلبهم الى أسر فقيرة وبينهم العديد من منخفضي التعليم ممن يمارسون أعمالاً حرة أو يعانون من البطالة ولايملكون منازل خاصة بهم، كما أظهرت نتائج الحوار معهم إن العديد منهم يعاني شعورا بالضياع والخوف من المستقبل ويهربون بالمخدرات من واقعهم المزري، بحسب الدراسة البحثية.
وشخصت الدراسة "عدم وجود أي مركز صحي متخصّص في محافظتي ميسان وذي قار لمعالجة المتعاطين. أما في البصرة ففي مستشفاها المركزي هناك ردهة واحده ذات (22) سريراً، بدت غير فاعلة أو كافية لعلاج المدمنين".
وأضافت "إن المحافظات الثلاث تشهد انعداماً شبه كلي للمختصين الفاعلين في علاج هذه الحالات (في العمارة متخصص واحد فقط وفي البصرة لا يتجاوزعددهم 10 أشخاص) مايعني عدم إمكانية استيعاب جميع حالات الإدمان لغرض الخضوع للعلاج الطبي والنفسي .. وبذلك فإن هناك حاجة حقيقية للتدخل لحل مشكلة المخدرات". |