حكاية موظف أمين وشجاع في هذا الزمن
لحظة اقتحام تنظيم داعش، لمدينة تكريت، في حزيران 2014، حوصر 15 جندياً في الجيش العراقي، في المدينة التي تركتها القيادات العسكرية، للتنظيم المتطرف، فانبرى أحد أبناء المدينة الذي تحمل مسؤولياته الأخلاقية حينما آوى الجنود العزل في بيته متحدياً غطرسة الدواعش، ومعرضاً حياته وعائلته إلى الخطر المحدق بهم في ذلك الوقت من كل حدب وصوب.
يروي علي جبار وهو من سكنة مدينة تكريت، لـ(المدى)، إن "جميع القطعات العسكرية، انهارت لحظة دخول تنظيم داعش الارهابي، إلى المدينة، حيث لاذت أغلب القيادات العسكرية والجنود بالفرار من تكريت، في حزيران العام 2014"، مبيناً أن "عناصر داعش، احتلوا مركز المحافظة وفرضوا قوتهم وسطوتهم على جميع أحياء وأزقة المدينة التي باتت عبارة عن مدينة أشباح، لا أمان ولا طمأنينة بوجود هولاء المحتلين الأغراب".
ويضيف جبار، أنه "لسوء الحظ حُوصرَ 15 جندياً تابعاً لإحدى الفرق العسكرية للجيش العراقي، وسط المدينة، دون ان يتمكنوا من الهرب كما فعل زملاؤهم الآخرون، إلا أن أحد المواطنين، دفعته انسانيته إلى إغاثتهم في ذلك الوقت الخطر والحساس، عبر ايوائهم في بيته"، مبيناً أن "الرجل احتواهم وهو أب لخمسة بنات، استشعر لحظة الخطر الحقيقية حينما رأى عجلات تنظيم داعش تقف أمام بيته وبيوت الآخرين من سكنة منطقته".
ويتابع جبار، وهو منتسب في وزارة الموارد المائية، قوله، إن "احد الموظفين، أخبرني، ان أخاه اتصل به من منزل أحد الأهالي في تكريت، وهو محاصر من قبل داعش، لا يستطيع الخروج من بيت الرجل الذي يأويهم"، مضيفاً "أخذت رقم الهاتف من زميلي الموظف في الدائرة، و اتصلت بالرجل صاحب الدار، بغية التنسيق معه وإيجاد طريقه لإخراج هولاء الجنود المحاصرين من تكريت".
وأشار جبار إلى أن "الرجل أتصل بي مراراً بغية الاستعجال لإنقاذ الجنود المختبئين في منزله، لأن عناصر داعش، على أبواب بيته ويخشى أن يسمعوا بوجودهم في بيته فيقتل وافراد عائلته"، وتابع جبار قوله، أن "الرجل أخبرنا بوجوب خروجهم ليلاً لأنه لا يدرك ما يفعله الدواعش به وأسرته حال معرفتهم بإيوائه لجنودٍ في الجيش".
لحظة إنقاد الجنود وموت المنقـذ
أكد علي جبار أنه وقع في حيرة من أمره، ومع توسلات صديقه في الدائرة بشأن أنقاذ أخيه و زملائه الجنود الآخرين، "اتصلت بصديق يعمل سائقاً لشاحنة (تنكر)، وتم الاتفاق معه على أن يأتي قبيل الفجر إلى منزل الرجل الذي أغاث الجنود، ويعمل على اخراجهم من منزله الواحد تلو الآخر، عبر (خزان الشاحنة التنكر)، وتمت العملية بنجاح على الرغم من خطورتها"، مبيناً أن "السائق تمكن من انقاذهم قبل طلوع الشمس ليصل بهم إلى أقرب سيطرة عسكرية في قضاء سامراء".
ويشير المتحدث، وعلامات الحسرة بادية على وجهه إلى أن "السائق، قتل، لدى عودته من قضاء سامراء على الطريق العام، بقصف جوي، استهدف شاحنته"، مبيناً أن "الحادث ألّمنا كثيراً".
آليات الموارد المائية في تكريت
يقول علي جبار، إن "لحظة دخول داعش، لمدينة تكريت، فقدنا آليات مديريتنا، الموارد المائية في صلاح الدين، وهي عبارة عن حفارات برمائية وقياسية، من بلدوزر وتنكر، وشفل، وغيرها"، موضحاً أن "الكثير من ابنائنا من المنتسبين في الدائرة حاول المحافظة عليها لكن قساوة داعش، أجبرت الجميع على الهرب".
واستدرك علي جبار بالقول "لكن أحد المنتسبين، وهو حارس بأجرة يومية في الدائرة تمكن من الاحتفاظ بسيارة نوع (نيسان) تابعة للموارد المائية، لمدة طويلة"، ويتابع جبار، أن "هذا المنتسب، تمكن من وضع أرقام سيارته الشخصية على السيارة الحكومية والعبور بها من مناطق سيطرة داعش، إلى مناطق السيطرة الحكومية، فضلاً عن تسليم احدى البرمائيات التي فككتها وتمكنت من ايصالها للوزارة في نهاية آذار من العام الجاري".
إشادة حكوميـة
وزير الموارد المائية حسن الجنابي، حيّا ما قام به علي جبار، واصفاً إياه بـ"البطل الحقيقي"، حيث كتب الجنابي عبر صفحته في الفيسبوك "استقبلت اليوم بطلاً عراقياً بامتياز، وهو الموظف علي جبار من احدى دوائر وزارتنا العاملة في مناطق خضعت لسيطرة داعش".
وأكد وزير الموارد المائية، أن علي جبار، سلم "قبل ايّام برمائية مفقودة/مسروقة، بعد هجوم الدواعش، يقدر سعرها 700 مليون دينار وخاض مغامرات كبيرة بالتعاون مع المعنيين ومن ثم تفكيكها ونقلها الى بغداد واستلمت من قبل الوزارة بتاريخ 2/4/2017 اي قبل ايّام".
المدى |