مصالح الأحزاب تعرقل توصل البرلمان العراقي لاتفاق على ميزانية 2017
مرة أخرى، أخفق مجلس النواب العراقي، أمس الأثنين، في إقرار قانون الموازنة المالية للعام المقبل 2017،واجل مناقشته إلى غد الاربعاء، لفشل مباحثات القوى السياسية النيابية في الاتفاق على بنود اساسية فيه.
وصوت المجلس خلال جلسته، يوم الأحد، التي تابعتها «القدس العربي» على 50 مادة من الموازنة بينما اجل فقرات اخرى.
وكانت أبرز الفقرات التي اقرها البرلمان، الموافقة على إيرادات الموازنة للعام المقبل التي قدرت بـ 79 ترليون و11 مليار و421 مليون دينار عراقي، بينما احتسبت الايرادات المتحققة من تصدير النفط الخام على أساس معدل سعر قدره 42 دولاراً أمريكياً، وعلى النفقات الحكومية البالغة 100 ترليون و671 مليون دينار، وكذلك العجز المالي البالغ 21 ترليون دينار، واحتساب إيرادات إقليم كوردستان، وأيضا حصتها من الموازنة البالغة 17٪.
وصوت المجلس أيضا، على استقطاع نسبة 4٪ من رواتب موظفي الدولة والمتقاعدين، لتغطية نفقات الحشد الشعبي والنازحين والزام حكومة إقليم كردستان باستقطاع نفس النسبة من موظفي إقليم كردستان، علما بان نسبة استقطاع الرواتب في ميزانية 2016 كانت 3٪ فقط.
وضمن محاولات إيجاد موارد اضافية للميزانية، اقر البرلمان فرض ضرائب جديدة منها 20 بالمئة ضريبة على كارتات تعبئة الهاتف النقال وشبكات الانترنيت»، إضافة إلى فرض مبلغ 25 ألف دينار على تذاكر الطيران الخارجي و10 آلاف على الداخلي في المطارات العراقية كافة.
كما صوت بالرفض على منح اجازة خمس سنوات لموظفي الدولة للراغبين بها، وصوت على إلزام الوزارات والمحافظات والجهات غير المرتبطة بالوزارة في شراء احتياجاتها من منتوجات الوزارات او المنتج المحلي، وأقر المجلس إيقاف التعيينات على الملاك الدائم وباسلوب العقود في دوائر الدولة كافة، وفي الرئاسات الثلاث، كما قلص الايفادات وافراد السفارات.
وشهدت الجلسة مشادات بين النواب وانسحاب بعض الكتل السياسية احتجاجا على فقرات الميزانية. فقد انسحب نواب كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني البرلمانية احتجاجاً على تأجيل التصويت على مقترح اللجنة المالية في المادة التاسعة والخاص بتخصيص المستحقات المالية لقوات البيشمركه من ميزانية وزارة الدفاع بالموازنة المالية الاتحادية لعام 2017
وذكرت مصادر نيابية، ان خلافات قوية برزت بين نواب كرد على خلفية المطالبة بضم رواتب البيشمركه إلى حصة وزارة الدفاع في الميزانية بينما رفض نواب وخاصة من التحالف الوطني الشيعي الذي اصر على ان حصة البيشمركه ضمن الـ 17 ٪ من الميزانية المخصصة للإقليم، مما دفع رئيس البرلمان سليم الجبوري إلى تأجيل الفقرة الخاصة بالتخصيصات المالية لإقليم كردستان لحين التوصل إلى تفاهم بين الكتل السياسية.
كما طالب نواب المحافظات السنية بتحديد نسبة السنة في الحشد الشعبي بـ 30 ٪ من المنتسبين وهو الأمر الذي رفضته القوى الشيعية التي يشكل عناصرها فيه الأغلبية الكبيرة.
وقد هاجم النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني شاخوان عبد الله في مؤتمر صحافي المعترضين على مستحقات البيشمركه قائلا: «هناك مقاتلين يقاتلون خارج العراق ويتقاضون رواتب والبيشمركه تدافع عن الوطن ولا يصرف لها راتب». في إشارة إلى فصائل الحشد الشعبي التي تقاتل في سوريا.
وأكد النائب، لقد اتفقنا ان تخصص 17 ٪ من ميزانية وزارة الدفاع للبيشمركه ولكن التحالف الوطني لم يلتزم بهذا الاتفاق، منوها إلى ان الكتلة الكردية صوتت لصالح قانون الحشد الشعبي بينما رفض التحالف الوطني (الشيعي) اقرار حصة البيشمركه في الميزانية.
واعترف النائب عن التحالف الوطني جواد البولاني ان الحكومة تواجه صعوبات بالغة في تأمين موارد الميزانية، وهي تقوم بصرف كل الواردات عن تصدير النفط يوم بيوم، مؤكدا ان الحكومة لا تستطيع الصرف والانفاق كالسابق.
واشار البولاني في لقاء متلفز من مبنى البرلمان تابعته «القدس العربي»، ان ميزانية 2017 ستكون ميزانية تقشفية وليس فيها جانب استثماري بل تغطية نفقات الحكومة فقط كالرواتب ونفقات الحرب على تنظيم «الدولة» والنازحين.
وكشف ان اتفاقا سياسيا مع الكتلة الكردية حول رواتب البيشمركه تم التوصل اليه قبل عرض الميزانية في البرلمان، ولكن الكتلة الكردية طرحت اثناء التصويت ان يكون راتب البيشمركه خارج نسبة الـ 17 ٪ المخصصة للإقليم ضمن الميزانية.
وتوقع الخبير الاقتصادي ملاذ الأمين ان تحمل ميزانية عام 2017 عجزا أكبر من عجز موازنة العام الجاري بالرغم من التوجهات الحكومية لتوسيع دائرة الإيرادات غير النفطية وتقليل ابواب الانفاق، داعيا إلى تفعيل اجراءات مكافحة الفساد ومحاسبة الشركات الناكلة.
وقال في تصريح ان «الديون المترتبة على موازنة العامين الماضيين واستمرار الحرب ضد تنظيم الدولة وتحرير المدن مع ضمور دور القطاعات المدرة للدخل كالصناعة والزراعة والسياحة يضاف اليها اغاثة اكثر من ثلاثة ملايين نازح واعمار المدن المحررة وانخفاض أسعار النفط، ستولد ميزانية للعام المقبل مثقلة بالانفاقات الداخلية مع تسديد فواتير الديون السابقة او المؤجلة ما يتطلب العمل الجدي للبحث عن ايرادات مالية أخرى بالاضافة للنفط مع تقليل الانفاقات على المشاريع غير الضرورية وتخفيض النفقات الحكومية».
وتعتمد الحكومة العراقية لتسديد العجز الكبير في الميزانية على سياسة التقشف وتقليص النفقات مع الاعتماد على القروض الداخلية والخارجية، وسط انتقادات لسوء إدارة ثروات البلد وتفشي الفساد المالي وهدر الثروة الوطنية..
القدس العربي |