الجورنال نيوز
كشفت تقارير امنية عن أن الكثير من المدنيين من سكان مدينة الموصل، اضطروا لترك قتلاهم قبل دفنهم أو إلقاء نظرة الوداع عليهم، وذلك للفرار والنجاة بحياتهم من جحيم قذائف تنظيم داعش المتطرف.
وبحسب التقارير، المحظوظون من سكان المدينة هم من يتمكنون من دفن ذويهم في حدائق المنازل، نظراً لما يحمله الخروج إلى المقابر من مخاطرة جمة.
أبو علي، مُسنّ من أهالي منطقة “كوكجلي”، شرقي الموصل، تطوع لمساعدة القوات الامنية في دفن الموتى، قال: “مع تزايد هجمات داعش على المدنيين، وصعوبة نقلهم إلى أربيل، استحدثنا في كوكجلي مقبرة لدفن الموتى”.
وأضاف: “نصلي يومياً على 4 إلى 10 قتلى ثم نقوم بدفنهم”، منذ انطلاق عملية تحرير المدينة من داعش في الـ 17 أكتوبر الماضي.
وأشار أبو علي إلى أن بعض الجثث التي يُعثر عليها مرمية من دون دفن يتم حملها في المركبات العسكرية، وتسجيل معلومات أصحابها استناداً إلى أوراق الهوية والشهود، في انتظار إيجاد ذويهم من أجل إرشادهم إلى قبورهم.
وتابع قائلاً: “صادفنا الكثير من الكثير من الجثث المرمية، فبعض العائلات تتخلى مجبرة عن قتلاها لخطورة إصاباتهم ويفرون، بينما نكمل نحن دفنهم في المقبرة”.
سعيد حامد، شاب عراقي من سكان الموصل قال، وهو يبكي ويصرخ بأعلى صوته: “كان أطفال الحي يلعبون عند باب المنزل في حي الزهراء، إلا أن قذيفة هاون سقطت عليهم، وابنتي رؤى التي لم تكمل عامها الثاني أصيبت بجروح خطرة”.
يحمل أحد الجنود طفلة حامد قبل أن يخبره أنها فارقت الحياة، ويُكفنها بغلاف ورقي، ويخاطب والد الطفلة قائلاً: “علينا أن نسرع إلى المقبرة فالدفانون ما زالوا في المقبرة وعليك أن تؤمن بقضاء الله وقدره”.
وتتوالى القصص المؤلمة للمدنيين في الموصل، وقال مروان ليث “42 عاماً”، من سكان حي “عدن”، شرقي الموصل، وهو يجلس على ركبتيه منتظراً تضميد جراح ولده: “إذا كان البعض قد تمكن من دفن ذويه، فأنا لم أتمكن من دفن ولدي أحمد بعمر سبعة أعوام، وتركته بالموصل قبل أن يتم إبلاغي بموته، وكلفت أبناء عمومتي بدفنه”.
وأضاف ليث، وقد انهال الدمع من عينيه: “مع اشتداد المعارك في حي عدن أبلغتنا القوات الامنية بضرورة إخلاء منازلنا والنزوح إلى مناطق أخرى ومع خروجنا، أصابت نيران قناصي داعش ولدي الصغير أحمد وقتلته، وعندما توقفنا لحمله أصابت رصاصة أخرى ولدي الكبير محمد 18 عاماً في ساقه، تركت من مات ورافقت ابني الكبير لأتمكن من إنقاذه”.
وتابع ليث: “بعض سكان الموصل، بسبب صعوبة الخروج من منازلهم، دفنوا أولادهم وموتاهم في حديقة المنزل”.
الحال في حي”السماح”، شرقي الموصل، ليس أفضل بكثير مما هو عليه في حي “كوكجلي”، ثمة منزل متواضع بمساحة 200 متر مربع يستغله أفراد جهاز مكافحة الإرهاب كمركز صحي متنقل لاستقبال الجرحى والقتلى من المدنيين والعسكريين.
أغلب الواصلين إلى المركز الصحي من المدنيين، بنسبة تصل إلى 95% تجلبهم مركبات “همفي” تابعة للقوات الامنية من مناطقهم المحررة من داعش، والتي لا تزال خطرة، فقذائف “الهاون” تسقط عليها باستمرار.
محمد المحمود، ممرض يعمل في صفوف القوات الامنية، يعالج الجرحى ويقدم الإسعافات الأولية في المركز، قال: “نستقبل يومياً ما بين 15 إلى 40 مصاباً، أغلبهم من المدنيين يسقط جلّهم بقذائف الهاون والهجمات الانتحارية، نُجري لهم الإسعافات الأولية، حتى وصولهم الى مستشفيات أربيل”.
وأضاف:” في أحياء الموصل تنتشر جثث تعود لمدنيين تركهم ذووهم من دون دفن بسبب قصف داعش وخطورة الخروج إلى المقابر وقد قمنا بدفن الكثير من هذه الجثث، كما قمنا أيضاً بعلاج الكثير من المصابين ومساعدتهم”.