العمود الثامن متى نعتذر لعبد الكريم قاسم ؟ علي حسين
تقول الأخبار إنّ عدد الأحزاب التي ستدخل الانتخابات القادمة ، سيتجاوز المئة بمراحل ، وكنتُ في هذا المكان قد زففتُ البشرى للعراقيين أن عدد أحزابنا ارتفع من 30 إلى 90 حزباً ، لكن يبدو أننا شعب يعشق السياسة ويتبرّك بالأحزاب، ولايهمه أن تكون 150 حزباً ديمقراطيّاً ، عشائريّاً ، بعد أن صدر قانون العشائر الذي ربما تدخل به بعض القبائل إلى الانتخابات ، باعتبارها الممثلة عن شكل الحكم القادم في العراق .
الجزء الأكبر من أخبار هذه البلاد مضحك، وكان أشدّها سخريةً هو الخبر الذي طالعتنا به وكالات الانباء عن الزيارة التي قامت بها النائبة حنان الفتلاوي ، إلى بريطانيا ، وقد اكتشفنا مؤخراً أن " الزعيمة " رئيسة لجنة الصداقة البريطانية – العراقية ، وأنها التقت مع مجموعة من اللوردات البريطانيين ، وربما شرحت لهم نظريتها في التوازن الطائفي " سبعة مقابل سبعة"
وأنا أقرأ خبر النائبة الفتلاوي ، خرجت علينا الصحف البريطانية بخبر يقول : إن جمعية الدفاع عن الدولة المدنية طالبت رئيسة الوزراء تيريزا ماي "بعدم استغلال منصبها للترويج للمسيحيّة ، بعدما تحدثت الأخيرة عن قناعاتها الدينية في لقاء صحفي.." وكانت رئيسة الوزراء قد سألت في وقت سابق عن كيفية اتخاذها القرارات الصعبة، فقالت: "إنّ الأمر يتلخّص فيما إذا كنتَ تفعل الصواب، ولديك الثقة والطاقة للتقدم وإيصال الرسالة الصحيحة". ولدى سؤالها عما إذا كانت تتبع نهجاً "أخلاقياً"، قالت: "أعتقد أن الأمر به شيء من العقيدة، فأنا أنتمي للكنيسة الأنجليكانية .
الجمعية نبّهت رئيسة الوزراء أنها تحكم بالنيابة عن الجميع، بما في ذلك الأقليات الدينية وبالطبع الغالبية من المواطنين الذين يعدّون غير متديّنين ، ولهذا لايجوز لها فرض قيمها الدينية على الآخرين.
عندما تُقسِّم البلدان إلى قبائل وطوائف ، فإنك بالتاكيد تصرّ على أنّ هذه البلاد ليست دولة مؤسسات ، ولا وطناً. لكن ماذا عن الذين يريدون أن يفرضوا قناعاتهم الطائفية على شعب بأكمله ، الجواب ربما نجده عند السيدة الفتلاوي .
أعرف القليل جداً عن السادة الذين يصرّون على أن يحوّلوا العراق الى دولة عشائرية طائفية ، لأن معرفتهم لا تفيد في شيء،. لكني أعرف جيداً أنّ العراق تحوّل من دولة مؤسسات ، إلى كلمة عابرة في غرف مخابرات دول الجوار ، وعندما بدأ البرلمان بمناقشة قانون العشائر ، لم أجد شيئاً أكتبه سوى كلمة ، نعي لدولة أرادها عبد الكريم قاسم قبل أكثر من نصف قرن أن تكون دولة مدنيّة .
أعرف كما يعرف الكل أن وطناً جميلاً ، مثل وطننا لم يحتمل وجود قائمة طويلة من المخلصين ،لأنهم غير طائفيين ولا ينتمون الى قبائل البرلمان الذي وضع الصيهود والمطلك وعالية نصيف والكربولي في صدارة المشهد السياسي والعشائري .
منّكِ لله، ياحنان الفتلاوي ، قلّبتِ علينا المواجع.. أفضل عقاب لك أن أمنحك لقب لورد لتطبقّي نظريّتك في مجلس العموم البريطاني !
المدى |