البرلمان يرفض تأجيل الانتخابات المحليّة ويطالب العبادي والمفوضيّة بالتوضيح
يتعيّن على رئيس الحكومة حيدر العبادي، تقديم مبررات مقنعة لبعض القوى السياسية "المعارضة" لتأجيل الانتخابات المحلية.
ولاتجد بعض الاطراف البرلمانية، حتى الآن، ان هناك أسبابا قاهرة تدفع الى تعطيل انتخابات مجالس المحافظات في جميع انحاء البلاد.
بل على العكس، فإن لجاناً برلمانية متخصصة في متابعة شؤون المحافظات، تؤكد ان (مفوضية الانتخابات) باتت قريبة من استكمال إجراء الاقتراع المقرر في نيسان 2017. ويفترض، بحسب قانون المحافظات، ان تقدم المفوضية اسباب التأجيل، لكي تقرر الحكومة ذلك، كما حدث عندما تم تأجيل الانتخابات في الانبار والموصل عام 2013 لبضعة اشهر. وينتظر ان يعلن رئيس الحكومة بشكل رسمي تأجيل الانتخابات المحلية في البلاد، بعد ارسال مكتب رئيس الجمهورية، يوم الخميس، كتاباً الى المفوضية يبلغها بتأجيل الانتخابات المحلية ودمجها بالبرلمانية عام 2018.
وكشف وائل الوائلي، رئيس الادارة الانتخابية في المفوضية، عن تسلم الاخيرة كتابا من رئاسة الجمهورية يؤكد أن "الرئاسات الثلاث اجتمعت حول اجراء انتخابات مجالس المحافظات من عدمه، واتخذت قراراً بتأجيل انتخابات مجالس المحافظات الى يوم اجراء انتخابات الدورة الرابعة لمجلس النواب لغرض اجراء كل الاستحقاقين الانتخابيين في يوم واحد".
وأضاف الوائلي أن "الكتاب يشير الى تولي مجلس الوزراء إجراء التعديلات المطروحة على قانون انتخابات مجالس المحافظات والاقضية والنواحي رقم (36) لسنة 2008 المعدل أو تقديم مشروع قانون جديد". وكانت (المدى) قد كشفت، الاسبوع الماضي، عن اتفاق الكتل البرلمانية، خلال اجتماع عقد في منزل رئيس البرلمان سليم الجبوري، على تأجيل الانتخابات المحلية.
التداول السلمي
بدوره اعتبر آرام شيخ محمد، نائب رئيس البرلمان، ان تأجيل الانتخابات المحلية من دون أسباب موضوعية غير مجدٍ، ولا يخدم العملية السياسية.
وقال شيخ محمد، في بيان صحفي امس، إن "تأجيل الانتخابات سيؤثر سلبا على سير العملية الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة ويؤدي الى مستقبل مجهول لمفاصل الدولة".واضاف ان "التأجيل وعدم الالتزام بالمواعيد القانونية والدستورية دون أسباب مقنعة، يؤثر حتما على هيبة المؤسسات التنفيذية في المحافظات ولا يخدم استقرار العملية السياسية، وهذا أمر مرفوض ولا يمكن القبول به". وكان من المفترض ان تجري انتخابات مجالس المحافظات في الاول من نيسان عام 2017.
مبرّرات التأجيل
وفي السياق ذاته يتفق النائب محسن السعدون، رئيس اللجنة القانونية البرلمانية، مع من يطالب بإعطاء "مبررات مقنعة" لتأجيل الانتخابات في عموم العراق.
وأكد السعدون، خلال اتصال مع (المدى) امس، ان "البرلمان لم يبلغ رسميا حتى الآن بتأجيل انتخابات مجالس المحافظات"، مشددا على ان "عملية التأجيل يجب ان تقترن باسباب توضح الدافع وراء ذلك الاجراء".
ويقترح النائب عن كتلة الديمقراطي الكردستاني تأجيل الانتخابات في بعض المحافظت مثل (الانبار، الموصل، صلاح الدين، وديالى) بسبب وضع المعارك والنازحين. ويرفض السعدون ان "تستخدم بعض الكتل السياسية سلاح التأجيل لانها تخشى الخسارة بسبب تراجع شعبيتها".
بالمقابل ذهبت بعض الاطراف السياسية، ككتلة صادقون التابعة لحركة عصائب اهل الحق، التي لديها مقعد برلماني واحد، الى اتهام "معارضي الحشد الشعبي" بالسعي لتأجيل الانتخابات.
وقال النائب عن الكتلة حسن سالم، في مؤتمر صحفي عقد بمجلس النواب، الخميس، إن "هناك أنباء تواترت عن رغبة بعض الكتل السياسية لتأجيل انتخابات مجالس المحافظات تحت مبررات وذرائع غير واقعية بحجة ان هناك بعض المناطق الساخنة أو الظرف الاقتصادي الذي يمر به البلد".
ولفت سالم الى ان "هناك أسبابا وراء تلك الدوافع السياسية التي تريد تأجيل انتخابات مجالس المحافظات، وفي مقدمتها ان بعض الكتل تخشى صعود نجم الحشد الشعبي الذي سيكون له دور بارز في العملية السياسية".
وكانت الحكومة قد ارجأت، في عام 2013، إجراء الانتخابات في محافظتي نينوى والانبار، لنحو 3 أشهر بسبب الاوضاع الامنية.
العبادي يقرّر
في غضون ذلك، اكد عضو آخر في اللجنة القانونية، وصول كتاب من رئاسة الجمهورية الى مفوضية الانتخابات، يطالب بدمج الانتخابات المحلية مع انتخابات مجلس النواب في عام 2018. وقال النائب حسن توران لـ(المدى) "قمت بزيارة المفوضية واطلعت على الكتاب المرسل من الرئاسة، لكن الامر يتعلق برئيس الوزراء وليس رئاسة الجمهورية".
وأكد النائب التركماني ان "تأجيل الانتخابات بحاجة الى قرار من الحكومة"، لافتا الى ان "تصويت البرلمان على القرار سيعطيه صفة إلزامية اوسع لان قانون مجالس المحافظات رقم 36 يتحدث عن صلاحية رئيس الحكومة بتحديد موعد الانتخابات وليس إلغاءها". وتنص الأحكام الختامية من قانون مجالس المحافظات في المادة 47/ أولا)، على ان "يحدد موعد الانتخابات بقرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح من المفوضية يعلن عنه بوسائل الإعلام المختلفة قبل الموعد المحدد لإجرائه بــ 60 يوماً." وتشير الفقرة ثالثاً من القانون ذاته الى انه "في حالة تأجيل الانتخابات تستمر مجالس المحافظات و الأقضية والنواحي في إدارة شؤونها لحين انتخاب مجالس جديدة".
مأزق المفوضيّة
في هذه الاثناء يشدد النائب أحمد البدري، عضو لجنة الاقاليم والمحافظات البرلمانية، على ان "تسلسل إجراءات تأجيل الانتخابات غير صحيح".
واضاف البدري، في حديث لـ(المدى) امس، "كان من المفترض ان تقوم المفوضية بشرح اسباب التأجيل، ثم تقوم الحكومة باعلان ذلك وإرساله الى البرلمان"، لافتا الى ان "المفوضية ليست لديها اسباب واضحة للتأجيل". ويكشف عضو لجنة المحافظات والاقاليم الى انها ضيفت المفوضية، في وقت سابق، لمناقشة استعداداتها لاجراء الانتخابات. ونقل عن المفوضية تأكيدها "الاقتراب من استكمال كل الاجراءات، لكنها كانت بحاجة الى المخصصات". وكان مقداد الشريفي، عضو مجلس المفوضين والناطق الرسمي باسم المفوضية، قد قال مطلع الشهر الجاري ان "مفوضية الانتخابات في موقف حرج ولاتحسد عليه، بسبب عدم تزويدها بالميزانية المخصصة لإجراء الانتخابات في موعدها الدستوري". وكشفت المفوضية، في وقت سابق لـ(المدى)، عن مراجعة نحو "7 ملايين عراقي" لمراكز تحديث سجل الناخبين، الامر الذي اعتبرته بأنه سابقة فريدة في تاريخ الانتخابات.
ويقول النائب أحمد البدري ان "المفوضية اكدت صعوبة دمج الانتخابات"، محذرا من ان الناخب معرض للوقوع في الخطأ اذا شارك في اقتراعين متزامنين.
بيان رئاسة الجمهوريّة
وحصلت (المدى)، يوم الخميس، على نسخة من الوثيقة الصادرة عن رئاسة الجمهورية بشأن قرار الرئاسات الثلاث بتأجيل انتخابات مجالس المحافظات ودمجها مع الانتخابات البرلمانية. ونصت الوثيقة، التي حملت توقيع مدير مكتب رئيس الجمهورية نزار محمد سعيد وموجهة الى المفوضية العليا للانتخابات، على ان "الرئاسات الثلاث في اجتماعها بتأريخ 2/10/2016 مع قادة الكتل البرلمانية تداولت موضوع اجراء الانتخابات العامة لمجالس المحافظات المقرر اجراؤها في العام 2017، لانتهاء الدورة الانتخابية لتلك المجالس".
واضافت الوثيقة بالقول "نظراً للظروف القاهرة التي يمر بها العراق حالياً ووجود اعداد غفيرة من المواطنين العراقيين خارج مناطق سكناهم وازدياد عدد النازحين والمهجرين خلال عامي 2015 و2016 بسبب الحرب ضد (داعش) ولعدم وجود استقرار في اماكن عديدة من البلد يمكن أن تجري فيها الانتخابات وعدم توفر التمويل المالي الكافي، لإجراء الانتخابات في موعدها ونظراً للظروف المالية الحالية، لذلك قررت الرئاسات الثلاث مع قادة الكتل تأجيل انتخابات مجالس المحافظات الى يوم اجراء انتخابات الدورة الرابعة لمجلس النواب لغرض اجراء كلا الانتخابين في يوم واحد".
وأكدت الوثيقة ان "مجلس الوزراء سيتولى اجراء التعديلات المطروحة على قانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي وتقديم مشروع قانون جديد".
المدى |