حيتان الفساد بوزارة التربية وقلة المدارس تُسيطر على العام الدراسي الجديد
المركز الخبري الوطني / NNC - من المؤمل أن يتوجه آلاف الطلبة إلى المدارس العراقية الابتدائية والمتوسطة لأداء الدراسة لهذا العام، وسط أجواء دراسية مأساوية اتسمت بها المدارس في العراق خلال السنوات الماضية زادها دخول داعش إلى بعض المناطق قتامة .
وهنا تطرح عدة أسئلة محورية تخص الواقع التعليمي في العراق، فهل سيجد الطلاب ما يسهّل عملية التعليم ؟ هل ستكون هناك مدارس كافية ومناسبة ؟ هل سيجدون المكان المريح والصفوف التي تتسع لهم ؟ هل سيجدون وسائل إيضاح وقرطاسية توزع لهم للمساهمة في إيصال المعلومات والأفكار ؟ .
بعد حرب 2003 انتكست العملية التعليمية في العراق وعادت إلى الوراء فأصبح كثير من المعلمين لا يؤدون واجباتهم في تعليم الطلبة كي يدرّسونهم دروساً خصوصية وتحصيل مبالغ طائلة جرّاء ذلك، فضلاً عن انتشار الملازم والكتب المساعدة التي تعني أن الطالب لم يفهم من المعلم أو الكتاب المدرسي.
كم مدرسة تحتاج وزارة التربية ؟
أولى المشاكل التي ستواجه الطلبة هو اكتظاظ الصفوف الدراسية واستيعابها لأعداد مهولة من الطلاب يفترش بعضهم الأرض فضلاً عن الدوام الثنائي والثلاثي في بعض المدارس، فيما أعلنت وزارة التربية في وقت سابق أن البلد يحتاج إلى نحو 9000 مدرسة الآن، في عموم العراق لفك ازدواجية وثلاثية الدوام، مبينةً انها تسعى لسد الشواغر في جميع المدارس من خلال توفير مدرسين لبعض الاختصاصات كالفيزياء والكيمياء والرياضيات.
فساد في تشيد الابنية المدرسية
ففي عهد ولايتي المالكي (2006 -2014) رُصد مبلغ (825) مليون دولار لمشروع تشييد أبنية مدرسيّة وتطويرها، لكن البيروقراطية والفساد حالتا دون إكمال تلك المشاريع لتكون نسبة الانجاز نحو 6 في المئة من ذلك المشروع دون رقابة من قبل الجهات المختصة، لتأخذ موجة الفساد هذا المشروع كبقية المشاريع والنتيجة نقص كبير في عدد المدارس وتزاحم الطلبة في الصفوف حيث تضم بعض الصفوف نحو65 طالباً، و يجلس بعضهم على الأرض وهذا يعني قلة الاهتمام من قبل الطالب بالتعلم والتسرب والهرب من المدرسة بسبب الأجواء غير الملائمة.
من جانبها أكدت المتحدثة باسم وزارة التربية هديل العامري أن " العراق بحاجة إلى 20 الف مدرسة لتغطي احتياجها الآن وفي المستقبل، لكن الوزارة عملت بالممكن وتم تأهيل المدارس المهدمة وإصلاح البنى التحتية فيها بالتعاون مع مجلس الآباء والمعلمين، في محاولة لفك ازدواجية المدارس فضلاً عن إدخال النظام الحديث الذي سيساهم في ذلك".
وأضافت العامري في تصريح لـ(باسينوز) أن " مشكلة إشغال المدارس من قبل النازحين في بعض المحافظات يتم حلّها من خلال توفير الكرفانات لهؤلاء النازحين بالتعاون مع الوزارة المختصة وتأهيل تلك المدارس للعام الدراسي فضلاً عن توفير بعض المواقع البديلة لتكون مدارس".
ونفت العامري الأنباء التي تحدثت عن عدم طباعة الكتب المدرسية وعدم توفير القرطاسية بسبب الأزمة المالية، مستغربة من صدور تلك التصريحات من مسؤولين ومعنيين في الدولة .
الأحزاب وأبنية الدولة والمدارس
ففي الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات الحكومية بعدم توفر مبالغ مالية لبناء مدارس جديدة وحل مشكلة الدوام المزدوج واكتظاظ الطلاب في الصفوف هناك الكثير من الأبنية والمقرات والقصور العائدة للدولة و التي تشغلها مليشيات الحشد الشعبي ويمكن الآن أن تستغل كمدارس بعد إجراء تعديلات طفيفة على بناياتها بما يتلاءم مع البنايات النموذجية للمدارس وهذه المواقع والأبنية موجودة في العاصمة بغداد وأغلب المحافظات الجنوبية وحتى المحافظات الغربية التي سيطرت عليها مليشيا الحشد كصلاح الدين وديالى، ففي محافظة صلاح أشار مصدر مطلع لـ(باسنيوز) أن نحو 300 موقع وقصر تعود للحكومة هي الآن مستولى عليها من قبل الحشد الشعبي، وبالإمكان أن تحول هذه البنايات إلى مدارس، وكذلك الحال في العاصمة بغداد وأغلب المحافظات.
فيما قالت عضو لجنة التربية والتعليم النيابية سعاد جبار إن "العام الدراسي على الأبواب ونحن نفتقر إلى أبسط مقوّمات العملية التربوية خصوصاً الأبنية المدرسية باعتبارها عاملاً رئيسياً لديمومة التعليم في العراق، واليوم نحن نسعى إلى وجود كرفانات أو أي طريقة أخرى من أجل استيعاب الطلبة واستمرار دوامهم".
وأضافت جبار في حديث لـ(باسنيوز) إن "وزارة التربية لم تكمل الإجراءات المتعلقة ببدء العام الدراسي الجديد فلم تطبع الكتب ولم توفر القرطاسية الضرورية للطلبة من حيث الدفاتر والأقلام وغيرها بسبب الأزمة المالية التي تعصف بالعراق".
وأكدت جبار حاجة العملية التربوية في العراق إلى " وقفة جادة من قبل الحكومة العراقية توازي قتالها وجهودها في حربها ضد داعش ، والتعليم هو جزء من الحرب ضد الإرهاب لمواجهة الأفكار المتطرفة التي زرعها التنظيم في عقول الأطفال خصوصاً في المناطق التي سيطر عليها ".
وعن البنايات التي تستغلها الأحزاب والمليشيات،نفت جبار إمكانية استغلالها بالقول " لا يمكن لأنها مشغولة من قبل الأحزاب وإذا كانوا مخطئين فلا نعالج الخطأ بآخر ، أما إشغالها بالأطر القانونية فهذا صعب".
ودعت النائبة إلى مواجهة تنظيم داعش بالأفكار وعدم الاقتصار على الحرب في جبهات القتال باعتبار أن التنظيم زرع الكثير من الأفكار المتطرفة في عقول الصغار، ومن ثم يجب الإسراع بإدخال هؤلاء الأطفال إلى المدارس وتأهيلهم فكرياً وإصلاح ما أفسده التنظيم المتطرف.
تغيير النظام التعليمي
حالة الفوضى التي سادت العراق خلال الفترة الماضية ألقت بظلالها على التربية والتعليم نتيجة السياسات الخاطئة واستخدام وزارة التربية والمؤسسات التعليمية في المنافع الشخصية والحزبية، فضلاً عن الحروب التي عصفت بالعراق طوال السنين الماضية ، لكن كانت هناك محاولات من قبل وزير التربية محمد إقبال لتغيير النظام التعليمي في البلاد من (٦-٣-٣) الى (٤-٤-٤) وهي محاولة قد تُصّعب من مهام الطلبة بسبب تغيير المناهج وتغيير النظام السائد الذي سار عليه الطلاب سابقا . |