مكسب وخسارة لبشار الأسد وأنصار عراق صدام حسين في المقدمة و«أقطاب» جدد في برلمان الأردن و«عودة الابن الضال» للإخوان
أربع شخصيات قادمة بقوة للبرلمان وسيكون لها على الأرجح موقع نافذ وخبير في إدارة الاشتباك السياسي وليس التشريعي وبصورة قد تزعج أو ترعب أي حكومة مع ممثلتين من الإخوان المسلمين للمرأة لا يستهان بهما عندما يتعلق الأمر بإزعاج السلطة التنفيذية.
الشعب الأردني، وتحديدا المكون الفلسطيني في الدائرتين الثالثة والثانية في عمان العاصمة والأولى في الزرقاء، قفز بكل من عبدالله العكايلة وصالح العرموطي وخالد رمضان ومحمد نوح القضاة إلى قبة البرلمان.
ببساطة يمكن القول إن العكايلة، وهو وزير وبرلماني سابق لمرات عدة، سيفكر مبكرا في موقع رئاسة مجلس النواب حين انعقاد الدورة لكن الرجل بين يديه خبرات عريضة جدا بعد سنوات من الاحتجاب لم يسأل فيها بالدولة عنه أحد.
الخبرات التشريعية والبيروقراطية للعكايله تؤهله لأن يشكل مركز قوة وثقل في برلمان 2016 تعززه نسبة 15% من المقاعد بين أحضان التحالف الذي دعمه ردا للوفاء الذي صدر عن الإخوان المسلمين لصالح ابنهم المنشق عنهم منذ سنوات.
بالنسبة للإخوان صيغة عودة العكايلة أقرب لمعادلة «عودة الابن الضال» وهي عودة قد تكون عميقة ليس فقط لأن الرجل عبارة عن «ماكينة تشريع وسياسة وتكنوقراط» فقط بل لأن بجانبه وضمن كتلته نفسها لاعبا لا يستهان به وجديدا في لعبة البرلمان هو المحامي صالح العرموطي.
العرموطي متمرس في المعارضة وقد يكون كنقيب سابق للمحامين وممثل للرئيس العراقي الراحل صدام حسين وكمناكف من طراز رفيع الظاهرة المقلقة للحكومات والسلطات التي تحضر للمشهد عبر رافعة الصناديق.
أما خصم الإخوان المسلمين الشرس سياسيا وممثل التيار القومي والدولة المدنية خالد رمضان فبرلماني مسيس ونشيط فوق العادة وليس سرا إنه سيحول، عبر البرلمان، برنامجه في الدولة المدنية إلى «تيار عريض» مستعينا برفيقه الذي فاز بالمقعد المسيحي عن دائرته نفسها وحفيد الراحل يعقوب زيادين النائب الشاب قيس زيادين.
رمضان وحسب خبرات «القدس العربي» المباشرة معه سيشكل ظاهرة فردية متمكنة في مجلس النواب الـ18 وسيؤسس لنمط جديد من المعارضة وسط مؤسسة برلمانية مغرقة في أكثر عنصرين طالما تحدث عنهما وهما «مركزالثقل الأمني ومركز الثقل العشائري». بدون قدرات فردية مثل رمضان ولا حلفاء مساندين مثل العكايلة والعرموطي يحضر وزير الشباب والأوقاف الأسبق محمد نوح القضاة بقوة أيضا بصفته النائب الأكثر شعبية على الإطلاق بعد انتخابات هي الأغرب.
القضاة، وهو داعية إسلامي «مودرن»، يملك كل مهارات «اللعب السياسي» والإعلامي وطموحاته في التصدر لاحقا قد لا تصطدم فقط بالإسلاميين والمعارضين المتمرسين ولكن بطموح شخصيتين مستعدتين للمنافسة على رئاسة المجلس المقبل هما عبد الكريم الدغمي وعاطف طراونة.
المناكفة أيضا هي طريق النائب القضاة لأنه يتصرف ضمن معادلة تقول بعدم وجود فضل بصدارته الانتخابية لا لعشيرته ومنطقته ولا للدولة وأجهزتها ولا لأركان الحكم الذين تجاهلوه سنوات بل حصريا لأهالي مدينة الزرقاء التي منحته الملاذ المناسب شعبيا وسياسيا عندما عزف على وترين الأول «اقتفاء أثر الرسول» والثاني «أنتم منسيون يا أهل الزرقاء».
عند التشريع الحقيقي وممارسة الرقابة وعقد التسويات السياسية الكبرى سيكون الرباعي عكايلة وعرموطي ورمضان والقضاة هو الحاضر في الوقت الذي سيتغيب فيه نواب الثقل العشائري كالعادة عن حضور الجلسات والعمل عبر اللجان مع أفضلية للمناكفة وللنكهة السياسية.
وعندما يتعلق الأمر بالمناكفات البيروقراطية يمكن الانتباه مسبقا لسيدتين نجحتا وبتميز وهما ديمة طهبوب زوجة «شهيد العراق» الصحافي الراحل طارق أيوب والإخوانية الصلبة هدى العتوم التي طردها وزير التربية والتعليم الحالي محمد ذنيبات من وظيفتها كمديرة مدرسة لتعود ممثلة للشعب وعن مقعد منافسه وليس كوتا.
ديما طهبوب تقرأ وتكتب وتناور وخبيرة إعلام، لذلك ستكون مزعجة بجانب الإخوانية حياة المسيمي أما العتوم فوصفها الناشط الإسلامي أحمد أبو غنيمه بما يلي «حقق معها مدير التربية في جرش وهي ستستجوب الآن وزيره».
عمل العتوم كأمين سر لنقابة المعلمين وخبرتها الطويلة في مدارس الحكومة ستعطيها الأفضلية عندما يتعلق الأمر بهذا الملف الشائك. وعليه يمكن القول إن أي وزير قادم للتعليم سيواجه بعد الآن ممثلة برلمانية شرسة إضافة لوزير سابق للتربية هو الدكتور فايز السعودي الذي نجح عن مدينة الطفيلة الجنوبية.
في المدلول السياسي كسبت روح الراحل صدام حسين ممثلين قويين في البرلمان «عرموطي وطهبوب» بعد وجود رمز برلماني شغوف بعراق صدام منذ سنوات هو خليل عطية.
وكسب الرئيس السوري بشار الأسد أيضا بوجود حليف علني هو قيس زيادين، وخسر بوجود حليف سابق تبرأ من نظام دمشق وقدم له الإخوان المسلمون المقعد وهو منصور مراد المعارض المتمرس والانفعالي الذي يمكن المراهنة في المعارضة على صوته المرتفع فقط وليس على أدائه البرامجي.
الإسلاميون «لم يكتسحوا» لكنهم تمكنوا من كتلة صلبة منظمة ستكون الأبرز بسبب وجود «أقطاب» فيها فيما أخفقت الجمعية المرخصة بقيادة المنشق عن الإخوان عبد المجيد الذنيبات بالحصول على أي مقعد، وحظي خصوم الجماعة في تيار «زمزم» بتأثير محدود عبر مرشحين عشائريين.
مع عدم وجود أقاويل منطقية تمس نزاهة الانتخابات يمكن القول إن التيار الإخواني متصدر ليس بعنصر القوة ولكن بعنصر ضعف الأخرين، فالبرلمان الأردني يقود عملياته الأقطاب بالعادة وليس الكتل البشرية المنشغلة بمسألة الخدمات.
ثقل عشائري واضح ووجود لافت لمن يحملون صفة «مليونير» أو لمن يهتمون بالخدمات، وحماية جديدة شرعية لمظلة الإخوان المسلمين وتجربة «أقليات» مثيرة لصالح المعارضة الإخوانية، وأقطاب جديدة لا يمكن إسقاطها من الحساب. هذه باختصار عناوين المرحلة بالنسبة لتركيبة وتشكيلة مجلس النواب الأردني الجديد.
القدس العربي |