العراقيون ليسوا أغبياء لتخدعهم كلّ مرّة
أريد اليوم أن أتحدّث بكل صراحة وشفّافية مع زعيم التيّار الصدري السيد مقتدى الصدر , وأرجو أن يتّسع صدره لي ويتقبّل مني هذه الملاحظات كأخ له في الدين والمذهب والإنسانية , ماذا تريد يا سيد مقتدى وإلى أين ذاهب ؟ هل تريد محاربة الفساد والفاسدين ؟ أم تريد إعادة بناء العملية السياسية الفاسدة من جديد ؟ أم تريد إعادة كتابة الدستور العراقي المسخ من جديد ؟ أم إصلاح النظام السياسي الفاسد القائم ؟ أم التصدّي فقط لنوري كامل المالكي الذي أصبح شبحا يطاردك في المنام واليقظة ؟ , دعوت يوم أمس موظفي الدولة إلى إضراب عام عن الدوام والطعام , ولا أدري ما الربط بين الدوام والطعام ؟ اللهم إلا القافية , وقلت ( الفساد لا يمّثلني ) , فهل رأيت يوما فاسدا قال عن نفسه فاسد واعترف بفساده ؟ فقولك هذا لا قيمة له إطلاقا ما لم يكن مسندا بالوقائع والدلائل , وسأثبت لك بالدليل إنّك لست كما تدّعي , والقادة من أعضاء تيّارك الذي تقوده لا يختلفون عن الآخرين بالفساد , ولربّما أكثر من الآخرين , وأنّك يا سيد مقتدى لم تكن صادقا أبدا بدعوة ( قلع شلع ) التي اطلقتها وشغلت الرأي العام بها , بل أنّك قد ساهمت من حيث تقصد أو لا تقصد بخداع الناس بهذا الشعار , وأنّك بقصد أو بدون قصد قد حميت نظام الفساد الذي تدّعي محاربته , وسأثبت لك أنّك الحامي الأول لهذا النظام الفاسد , وأعضاء تيّارك في مجلس النوّاب يستقتلون من أجل حماية الفاسدين .
الدليل الأول : حين اندلعت موجة الغضب الجماهيري المطالبة بتحقيق الإصلاح السياسي الحقيقي والتصدّي للفساد المستشري وسرقة المال العام , ركبت هذه الموجة بعد خطاب رئيس الوزراء البائس ليلة العاشر من شباط , الذي دعا فيه إلى الإصلاح الحقيقي وتشكيل حكومة من التكنوقراط , لتدعو أنت أيضا بنفس الشعار وتدعوا لمظاهرة مليونية في ساحة التحرير , وفي هذه المظاهرة اطلقت شعارك ( قلع شلع ) لأول مرة وحددت مهلة 40 يوما للحكومة من أجل تنفيذ وعودها بحكومة مستقلة من التكنوقراط , وهددت باقتحام المنطقة الخضراء وإسقاط الحكومة من قبل الشعب الثائر في حالة عدم استجابة الحكومة لهذا التهديد والموعد المحدد , وبعد هذا الخطاب ملئت الدنيا صخبا وضجيجا بتهديداتك باقتحام الخضراء واسقاط الحكومة , فماذا فعلت حين انتهت المهلة المحددة ودخلت الخضراء ونصبت خيمتك الخضراء فيها ؟ هل نفذّت وعودك بإسقاط الحكومة ؟ وهل استجابت الحكومة لتهديداتك ؟ ماذا فعلت ؟ أطلقت العنان للغوغاء لتدخل الخضراء وتقتحم مجلس النوّاب وتعبث به , وبعد أيام تعيد هذه الغوغاء الكرّة وتدخل مجلس الوزراء , وحين لاحت بالأفق الفرصة الحقيقية للخلاص من نظام المحاصصات والفساد في انتفاضة النوّاب المعتصمين , ماذا كان قرارك ؟ طعنت هذه الحركة الأمل بخنجر مسموم بالخاصرة , بحجة أنّ نوري المالكي هو من يقود هذه الحركة , بعد أن كان الخلاص من المحاصصات اللعينة والفساد قاب قوسين أو أدنى .
الدليل الثاني : عند استجواب وزير الدفاع خالد العبيدي , كان موقف أعضاء كتلة الأحرار في مجلس النوّاب , مخجلا ومعيبا إلى أقصى غايات الخجل , حين تطوّع عدد من نوّاب كتلة الأحرار لإفشال الاستجواب بأخس الأفعال , خصوصا تلك الأفعال القبيحة التي صدرت من النائب عواد العوادي , وبالآخر صوّت كلّ نواب تيّار الأحرار مع عدم سحب الثقة من الوزير العبيدي , إلا البعض القليل جدا منهم على ما أعتقد .
الدليل الثالث : تصويت نوّاب كتلة الأحرار جميعا على الوزراء الستة الجدد , وهذا يعني أنّكم على توافق تام مع الحكومة بهذه التغييرات , وأنّ ثلاثة من الوزراء الجدد هم من القائمة التي رشحتها أنت , فأين هو الخلاف مع الحكومة الذي يستوجب الدعوة للإضراب عن الدوام والطعام ؟ .
الدليل الرابع : تصريحات نوّاب كتلة تيّار الأحرار من موضوع سحب الثقة من وزير المالية هوشيار زيباري , كلها تؤكد بأن الاستجواب وراءه مقاصد سياسية , وانّهم ليسوا مع سحب الثقة عن الوزير زيباري , بالرغم من عدم قناعة مجلس النوّاب بالإجماع بأجوبة الوزير , خصوصا بعد أن صرّح الوزير زيباري انّ استجوابه في مجلس النوّاب كان استهدافا سياسيا من قبل دولة القانون وزعيمها نوري المالكي , وبالرغم من فساد الوزير الذي لا يختلف عليه عاقل , لكنّكم مع هذا الفاسد وستصوتون بعدم سحب الثقة منه , وهذا ليس استنتاج , بل هو حقيقة واقعة لا محالة .
فاين هذا القلع وأين هذا الشلع الذي ملئت به الدنيا ضجيجا يا سيد مقتدى ؟ وأين هو الدليل والبرهان على صدق ما تدّعون به من تصد لنظام المحاصصات والفساد ؟ فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين , فالشعب العراقي يا سيد مقتدى ليس غبيا أو ساذجا لتخدعه كلّ مرة . |