العمود الثامن إذا أردت أن تعرف ماذا يجري في بغداد علي حسين
يوميا تصل الى بريد المدى رسائل يعتقد أصحابها وهم محقون بالتأكيد ، من إننا كتاب أعمدة الرأي نشكو ونولول ، لكننا نعجز عن تقديم بديل لما موجود على ارض الواقع ، ولأننا مثل اصحاب الرسائل لا حول لنا ولا قوة ، لانملك إلا ان نكتب ونقترح ، هي محاولات بسيطة لاتحتاج الى تنظيرات ولا قواميس ، بل الى سياسيين يعرفون معنى العمل والاخلاص ومخافة الضمير ، منذ أيام وأنا أقرأ وأتابع أخبار بلد مثل الارجنتين ، ، الدولة الأكثر تطورا وازدهارا في اميركا اللاتينية، تخرج لتودع بالدموع والحسرات رئيستها كرستينا إليزابيث التي انتهت ولايتها الثانية ، في مشهد أعاد الى الاذهان هوس الارجنتيين بمحبوبتهم حد الجنون " إيفا بيرون " مذيعة أخبار الطقس التي تحولت الى معبودة للجماهير ، رغم مرور 60 عاماً على رحيلها
حاول الكثيرون ان يجعلوا زوجاتهم ، تقلد هذه الساحرة ، لكن هيهات بين سياسي يعيش على حب الكرسي والسلطة ، وسياسي يهتم بأدق تفاصيل الناس ، ظلت إيفا بيراون حتى آخر يوم من حياتها تقوم بزيارات مفاجئة للقرى وتدخل بيوت الفلاحين والفقراء ، فاشتهرت بأنها نصيرة الحفاة والعراة، لذلك لم يكن غريبا أن يحِبها البسطاء ، وأن يطلقوا عليها اسم القديسة إيفا الصغيرة ، الارجنتينيون وجدوا في الرئيسة " كرستينا اليزابيت " إيفا صغيرة وطيبة ، تسعى الى انصاف المحرومين وتعمل على بث الطمأنينة والمحبة في النفوس .
ظلت كرستينا في الحكم حتى يوم الأحد الماضي ، عندها شعر أهالي الارجنتين بنوع من الخيبة لأن الدستور لا يسمح لـهذه السيدة بالبقاء رئيسة لولاية ثالثة ، هذه امرأة قدمت صورة أخرى للزعامات في العالم، فبينما يلقي بعض الرؤساء الخطب الرنانة أعطت لشعبها، ازدهاراً لم تعرفه من قبل، أعطت الفقراء وعداً وقطعت لهم عهدا، لم تكذب عليهم ولم تركب على أكتافهم، لم تنس يوما أنها اقسمت كمحامية على الدفاع عن المظلومين وإنها فقدت والدها بسبب أصحاب البدل العسكرية الذين كانوا يحكمون الارجنتين رجلاً بعد آخر،. وبينما يصر البعض على الاستمرار في السلطة حتى النفس الاخير، مشت "كرستينا " حتى اليوم الأخير من حكمها ، مؤمنةً بالدستور رافضة ان يُغيير لصالحها ، فتبقى رئيسة مثلما يتمنى معظم أهالي الارجنتين .
وأنا أتابع أخبارالارجنتين كانت تحضرني جملة حسني البرزان زميل غوار الطوشي ومنافسه على حب " فطوم " " اذا أردت ان تعرف ماذا يجري في ايطاليا، يجب ان تعرف ماذا يجري في البرازيل". .فيا عزيزي القارئ الذي تلومنا دوما ، اذا أردت ان تعرف ماذا يجري في بغداد ، عليك أن تعرف ماذا يجري في بلاد الله الواسعة ، رغم اننا قدمنا ولانزال أنموذجا خاصا من التجربة السياسية ، شعاره " ما ننطيها " .
المدى |