تظاهرات الوسط والجنوب.. الأهداف المشروعة والمَطالِب السائبة
هناك من يسعى إلى فوضى شاملة في مناطق الوسط والجنوب ولاسيما كربلاء، بعد أن ظلت مستقرة لسنوات وعجزت التنظيمات الإرهابية في اختراقها.
تظهر بوادر لمخططات يسعى اليها مندسون لتحويل تظاهرات الإصلاح الشعبية الى فوضى عارمة، وتحويلها الى اعتصامات مفتوحة، تتخللها مطالب لها أول وليس لها آخر.
وتشير المعلومات التي استقتها "المسلة" ميدانيا الى ان هناك من يسعى الى التظاهر لأجل التظاهر تحقيقا لأهداف وغايات يحركها المال السياسي، لكي تتحول الاحتجاجات الى فعالية سائبة من دون أهداف نهائية.
واذا كان صفحة الحرب على تنظيم داعش الإرهابي لم تطو بعد، فان قوى إقليمية وبالتنسيق مع اطراف سياسية داخلية تسعى إلى إشغال الدول العراقية في جبهة جديدة من الصراع بين الشعب والحكومة معولة على إطالة امد التظاهرات، وتسويق مزاعم التباطؤ الحكومي في إقرار الإصلاحات.
وتتطلب الإصلاحات فيما تتطلب، التشريع لقوانين جديدة، وإجراءات إدارية، واستحداث السبل التي تجعل من إجراءات الإصلاح انسيابية، بأقل قدر من الخسائر والنتائج العرضية السلبية.
وتفيد المعلومات المستقاة من أصحاب الاختصاص إضافة الى المتابعات الميدانية إلى إن هناك من يسعى إلى فوضى شاملة في مناطق الوسط والجنوب لاسيما كربلاء، بعد أن ظلت مستقرة لسنوات وعجزت التنظيمات الإرهابية في اختراقها.
وفي مدينة كربلاء جنوبي بغداد، قالت مصادر امنيه في 7 آب الجاري لـ"المسلة" بأن المندسين حاولوا تحريف تظاهرات الجمعة الماضية عن اهدافها، وكان على راس المندسين لهذا الغرض جماعة الصرخي، الفار من وجه العدالة، بعدما هتفوا بشعارات بين الناشطين والمواطنين في المحافظة، احتجاجا على سوء الخدمات ومحاسبة المفسدين.
وفي ذات الوقت، كشفت مصادر إعلامية وسياسية لـ"المسلة" عن تجنيد قنوات إعلامية للنقل المباشر للتظاهرات والتركيز على شعارات وجماعات معينة، لغرض إبرازها، كما كشفت عن إن رجل الأعمال العراقي المقيم في العاصمة الأردنية، عمان، فاضل الدباس، المتورط في صفقة سونار المتفجرات المزيف، يمول أشخاصا يشتركون في التظاهرات، ويعتدون على الناشطين لكي يتهموا القوات الأمنية باقترافها.
وأفادت المصادر، ان "خطة الدباس تتضمن رفع شعارات في التظاهرات المقبلة تسيء إلى الرموز الدينية، وبعض السياسيين الشيعة، مع التأكيد على رفض الإصلاحات الحكومية واعتبارها غير مجدية".
وكانت "المسلة" قد حذرت في تقرير لها، الخميس، من مندسين يحاولون تحريف التظاهرات عن هدفها، يرتبطون بسياسيين يقيمون خارج العراق ودجالين يدعون انهم رجال دين من امثال الصرخي المدعوم من قطر.
ومنذ انطلاق التظاهرات مطلع الشهر الجاري في مدن الوسط والجنوب المطالبة باصلاح القضاء ومحاسبة المفسدين واحتجاجا على سوء الخدمات حتى انطلقت توجيهات الصرخي الى اتباعه بضرب وتحريف هذه التظاهرات من خلال الاساءة الى رجال الدين والى الاجهزة الامنية من اجل العبث بأمن تلك المدن تنفيذا لمخططات خارجية، تدعمها دول اقليمية.
وكان محافظ عقيل الطريحي قد اعلن في تموز 2014 عن العثور على معمل لتفخيخ السيارات والعبوات الناسفة داخل منزل الصرخي بكربلاء فيما كشف عن تعاون الصرخي مع دولتين لدعم عملياته المسلحة، فيما داهمت القوات الأمنية منزل ووكر الصرخي جنوبي مدينة كربلاء.
وجماعة الصرخي هي جماعة خارجة على القانون قامت بأعمال عنف في داخل العراق وسعت الى الفتنة بين أفراد المكون الأكبر في العراق، ووقفت بوجه جهود مكافحة الإرهاب، وضد فتوى "الجهاد الكفائي" التي أعلنتها المرجعية الدينية بعد احتلال الموصل من قبل تنظيم داعش، في العاشر من حزيران الماضي.
الى ذلك كشف محمود الصرخي الذي يعتبر نفسه عالما في الدين، عن حقيقة توجهاته الانحرافية، وارتباطه بجهات تعادي العملية الديمقراطية في العراق، وتقف بالضد من مصالح "المكون الاكبر".
ومع استمرار تظاهرات الناشطين والمواطنين المطالبة بالاصلاح ومحاسبة المفسدين، يسعى انصار الصرخي إلى إثارة الفوضى بتلك التظاهرات، اذ تشير معلومات امنية اطلعت عليها "المسلة"، عن أوامر من الصرخي لاتباعه في الناصرية ويقدر عددهم بنحو 622 شخص بحسب مصادر لـ"المسلة"، الى التحرك لأثارة الفوضى في تظاهرات بغداد والناصرية، وبالفعل انتقل عدد منهم الى كربلاء بحسب مصادر مطلعة لـ"المسلة" في ذي قار.
وفي سياق ذلك، اوضح سياسي عراقي يقيم في قطر بأن الصرخي وجّه الى مجموعة تتلقى دعمه وتمويله في كربلاء بالسعي الى اطلاق شعارات تدعو الى اسقاط الحكومة المحلية في المدينة المقدسة واستفزاز قوات الامن لكي تعتدي على المتظاهرين.
وتناقل أنصار الصرخي على مواقع التواصل الاجتماعي، عزمهم على اختراق التظاهرات، ورفع شعارات تدعو إلى إسقاط العملية السياسية.
ويركز أفراد جماعة الصرخي على مدينة كربلاء المقدسة نظرا لأهميتها الدينية، اذ تشير متابعات "المسلة" لتدويناتهم التفاعلية في "فيسبوك" و"تويتر" الى ان "مدينة كربلاء هي مدينة الصرخيين ويجب تحريرها"، فيما اشتكى اتباعه من صعوبة التحرك بسبب الاجراءات الامنية المشددة في المدينة.
وكانت السلطة المحلية في كربلاء، اعلنت في تموز الماضي عن انها وضعت اليد على دلائل ارتباط الصرخي بدول اجنبية.
واطل الصرخي المريض بالنرجسية والافتنان بالنفس في تموز الماضي من مكان خفي وفر له ممولوه وداعموه بتصريحات تكشف عمالته وارتداءه عباءة الدين زورا مصرحا بما يدعم تنظيم داعش ومتوقعا فشل الحرب عليه، ومحذر "شباب السنة" من الالتحاق بالصحوات.
بل انه ذهب في غيّه الى الحد الذي اعتبر فيه فتوى "الجهاد الكفائي" ضد "داعش" بأنها "تسبّبت في الموت والتحشيد الطائفي وتقسيم العراق والقتال بين المسلمين"، كما يدّعي.
وكان خبراء امنيون اشادوا بإجراءات القوات الأمنية في كربلاء تجاه الصرخي. وقال خبير أمنى رفض الكشف عن اسمه لـ"المسلة" لو كان الضرب بيد من حديد على "دواعش" الدين والسياسة، كما فعلت السلطات في كربلاء، في الوقت المناسب، لما استفحلت شوكة الكثير من دعاة الارهاب والتكفير، ولكان مصيرهم مثل الصرخي، وهو الفرار الى اولياء نعمتهم او الاختفاء في الجحور".
ويؤكد ناشطون مدنيون في حديث لـ"المسلة"، بأنهم سيحاولون اسكات المندسين الذين يحاولون تحريف تظاهراتهم المستمرة كل جمعة، داعين الاجهزة الامنية الى التعامل بالقوة معهم، مؤكدين على سلمية التظاهرة وبعدم التجاوز على أي رمز ديني في العراق او التجاوز على رجال الامن.
وينظر عراقيون الى قرارات الحكومة بانها الطريق لقصم ظهر الفساد، على طريق التأسيس العاجل لحكومة "تكنوقراط"، برئاسة حيدر العبادي، بديلا للحكومة الحالية، تأخذ زمام المبادرة في إصلاح ما أفسده السياسيون الذين لم يتورّعوا عن سرقة أموال الشعب العراقي ضاربين عرض الحائط إرادة الشعب، مثلما تجاهلوا دعوات المرجعية الرشيدة في اكثر من مرة بضرورة التوقف عن هدر أموال العراقيين بالصفقات المشبوهة.
المسلّة |