الحريات مقدسة.. صونها يحفظ المجتمع
انتشرت في الآونة الأخيرة لاسيما في العاصمة بغداد، مظاهر الاعتداء على الناس وانتهاك حرمات الأماكن التي يتواجدون فيها من قبل جهات امنية و أخرى مجهولة، واقترن ذلك بعودة مظاهر الجريمة المنظمة التي تمثلت في اقتحام محال ومنازل وتنفيذ اعمال السرقة، ومن حوادث الاعتداء على الناس، قيام الجهات الأمنية بمهاجمة فندق ميريديان في بغداد والتهجم على المتواجدين في حفل أقيم بمناسبة عيد الفطر سواء بإلغاء حفلتهم او بالضرب الذي تعرض له بعضهم امام شاشات التلفزيون؛ وكانت مسوغات الجهات الأمنية واهية كالعادة، وهي ان تلك الأماكن لم تحصل على الاجازات الخاصة بشروط ممارسة المهنة، وهنا نقول ومتى حصل آخرون على شروط ممارسة مهنهم كي نطلب من أصحاب تلك الأماكن إجازة مهنة؟ ان معظم الاعمال التي تجري في بغداد هي من دون اجازات، بل ان الحديث عن استحصال اجازة عمل يعد ضرباً من الفكاهة.
والاقسى من ذلك والاشد مدعاة للسخرية، ان بعض المسؤولين يستندون في منعهم لمظاهر الاحتفال والفرح الى قرارات للنظام المباد ابان ما يسمى بالحملة الايمانية التي مزقت نسيج المجتمع العراقي واسست للمعضلات الطائفية والاثنية، في حين ان المطلوب منا الغاء تلك القرارات والتأسيس لمجتمع يحتفي بالإنسان بصفته تلك، وليس بأي مظهر ديني او طائفي، فالعراق متنوع وان محاولة الباسه ثوباً واحداً يجره الى الكارثة، وهو ما دخلنا فيه فعلاً وعلينا الآن استباق الأيام للتخلص من اساره والانطلاق في سماء الإنسانية.
الانتهاك الآخر رأيناه حين اقام شباب يافعون “مهرجان الألوان” والتراشق بماء دجلة القريب منهم في ابي نواس، وسرعان ما حاول مغرضون التحريض ضد هؤلاء الشباب والتهجم عليهم بألفاظ نابية، في حين كان الواجب تشجيعهم لأن تلك الممارسات العفوية توحد الناس من شتى المشارب والاهواء والانتساب الديني والطائفي والقومي؛ و هو ما رأيناه في ذلك التجمع، ولقد حاول البعض بخبث ان يحدث وقيعة بين الحشد الشعبي الذي يقاتل أعداء الإنسانية المتمثلين بتنظيم “داعش” وبين الشباب المحتفلين، في حين ان قسماً من المشاركين في مهرجان الألوان كانوا من مقاتلي الحشد المتمتعين بإجازاتهم.
الملاحظة التي سجلناها في هذا الجانب ان كثيراً من المحرضين على الشباب يعيشون في خارج العراق في دول أوروبا وأميركا ويتمتعون بأوضاع يحسدون عليها؛ وحتماً انهم يعطون لأنفسهم الحق في ممارسة أي شيء في تلك الدول في حين يدعون الى منع الشباب العراقيين من استغلال أي متنفس للتعبير عن ذواتهم وفرحهم والخروج من حالة الحزن والكآبة التي اوقعهم فيها السياسيون، و قبل ذلك وقفوا ضد جميع الممارسات الشبابية ومنها التسابق بالدراجات في الجادرية، والحجة ذاتها جاهزة؛ كيف يحتفل الناس ويفرحون في الوقت الذي يقاتل الجيش والحشد وأبناء العشائر أعداء العراق، ولكن ألم يذهب الجيش للقتال ضد الارهاب من اجل ادامة نسغ الحياة والدفاع عن حريات الناس وممارستهم لها بشرط الا تمس حريات الآخرين؟، اننا اذا لم نفعل ذلك نكون كالإرهاب الذي يصادر الحريات في حين ان ما يقوم به الجيش والحشد ورجال العشائر دفاع عن تحرر الناس وكرامتهم.
صادق الأزرقي
شفق نيوز |