لتحقيق حلمه بالعودة للحكم .. المالكي يدفع بأتجاه انقلاب دستوري!
لا تخفي بعض الأطراف السياسية في العراق مخاوفها من الدعوات الأخيرة لتغيير نظام الحكم في العراق من برلماني إلى رئاسي، فهي دعوات لإعادة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي إلى سدة الحكم من باب رئاسة البلاد هذه المرة لا رئاسة حكومته. الدعوة التي أطلقتها حركة 'أهل الحق' المقرّبة من المالكي الذي يشغل اليوم منصب نائب رئيس الجمهورية في العراق، قُرأت من قبل بعض الأطراف على أنها محاولة لإعادة المالكي بصورة غير مباشرة. أبرز هذه الأطراف هي التيار الصدري الذي لم يكن على وفاق مع المالكي في الفترة السابقة وكان من أبرز الدعاة إلى تغييره وعدم منحه ولاية ثالثة في رئاسة الحكومة. وفي أول رد له على هذا التحرك قال مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري 'من الواضح أن هذا النظام يُراد به تحكُّم الشخص الواحد بالعراق والعراقيين'. ويرى التيار الصدري إن المالكي كان السبب في وصول الأوضاع السياسية والأمنية في العراق إلى ما هي عليه اليوم، ومن هنا يأتي رفضه لتوليه رئاسة البلاد بأي صورة كانت. 'هذه الدعوة هي لإعادة شخوص ولَّت من وجه العملية السياسية ودمرت العراق وكل ما يحدث اليوم في البلاد هو بسببها' يقول حسين العبودي الناطق باسم التيار الصدري. ويضيف 'النظام الرئاسي سيعيد الدكتاتورية من جديد وستعود وجوه رفضها العراق بكتله السياسية وشعبه'. ويؤكد العبودي إن الدستور العراقي الساري أقرَّ النظام البرلماني وإن العراق ليس مهيئاً اليوم لنظام رئاسي لغياب الديمقراطية السياسية الحقيقية. أطراف أخرى داخل التحالف الوطني الذي ينضوي تحت لوائه التيار الصدري ترفض هي الأخرى هذا الطرح للأسباب ذاتها. وعلى سبيل المثال فإن المجلس الأعلى الإسلامي الجناح الآخر في التحالف الوطني يرفض الولاية الثالثة للمالكي كما يرفض فكرة النظام الرئاسي. 'تحويل النظام من برلماني إلى رئاسي سيعطي السلطة لشخص واحد ويكرِّس حكم الدكتاتورية في البلاد' تقول ليلى الخفاجي عضو الهيئة السياسية في المجلس الأعلى. وتضيف 'زمن تغيير القوانين والأنظمة وشكل الحكم بجرة قلم أو تصريحات ودعوات في الإعلام ولىّ مع عهد الدكتاتورية'. وتستغرب الخفاجي من الدعوات التي يطلقها البعض لإلغاء مجلس النواب وتحويل نظام الحكم إلى رئاسي وكأنهم لم يطّلعوا الدستور وعلى آليات تعديل فقراته'. هذا التوّجه سانده رئيس المجلس النيابي العراقي سليم الجبوري الذي ينتمي إلى تحالف القوى العراقية حيث أوضح بدوره إن تغيير نظام الحكم في العراق من برلماني إلى رئاسي بحاجة إلى تعديلات دستورية، مستبعداً أن تكون هذه التعديلات ممكنة في الوقت الحالي. الجبوري دافع عن النظام البرلماني مبيناً أنه 'من الحالات المميّزة للعراقيين بأن يكون لديهم أجواء من الديمقراطية الواسعة وهناك مجلس نواب يؤدي دوره التشريعي والرقابي ينبثق عنه تشكيل الحكومة ويتم اختيار رئيس الجمهورية'. ويضيف 'يجب عدم بخس حقنا وأن لا نقلل من قيمة النظام الذي نتبعه اليوم وإذا ما وجدنا إن هناك نظاماً سياسياً أفضل لا مانع من سلوكه ولكن لا يأتي ذلك بمعطيات سياسية وإنما وفق سلوك نظام أفضل ويجب أن يكون وفق سياقات دستورية' وعلى الرغم من اقتناع أصحاب الدعوة لتغيير نظام الحكم إلى رئاسي بأن هذا الأمر لن يتم بسهولة ،إلا أنهم يدافعون عن فكرة عودة المالكي إلى الحكم من باب الرئاسة. 'إذا صوّت الشعب على اختيار المالكي أو غيره لرئاسة البلاد مستقبلاً فهذا حقه الدستوري ،المهم إن الأمر لا يتم عن طريق الانقلابات' يقول سعد مطلبي عضو ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي. ويضيف 'الدستور فيه ألغام كثيرة، نحتاج إلى إلغاء الدستور وإعادة كتابته بشكل ديمقراطي وبعدها تغيير نظام الحكم لكن هذا يتطلّب جهداً من الشعب وجماعات الضغط والكتل السياسية'. ما إن تم إطلاق الدعوة من قبل قيس الخزعلي زعيم 'حركة أهل الحق' حتى رافقتها حملة ضغط من قبل ناشطين لتبرير أهمية تحويل النظام في البلاد إلى رئاسي بعد ما وصفوه بفشل النظام البرلماني. أما اسباب الفشل برأيهم فتعود إلى وصول نخبة سياسية غير مناسبة لحكم العراق فضلاً عن التكاليف الباهظة الممثلة برواتب ومصاريف هذه النخبة بمقابل عدم قيامها بالدور المرجو منها. وفي الأيام الماضية ضاقت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بالمنشورات المؤيدة لهذه الدعوة فضلاً عن تحرُّك الماكنة الإعلامية للمالكي من جديد للترويج لفكرة تغيير نظام الحكم في البلاد إلى رئاسي من خلال المقالات السياسية لكتّاب عدة. 'النظام الرئاسي يضمن الاستقرار السياسي لدورة انتخابية كاملة حين يحصر السلطة بيد الرئيس وليس بيد رئاسات ثلاث' يقول صادق كاظم الكاتب والمحلل السياسي العراقي. ويضيف في مقال له على الموقع الرسمي لشبكة الإعلام العراقي إن 'النظام الرئاسي يضمن عدم وجود تقاطعات حزبية داخل مجلس الوزراء وعلاقتها بالرئيس فضلاً عن أنه يوفر للرئيس والبرلمان حرية عمل كاملة ويضمن إقرار المشاريع والقوانين في الوقت المحدد من دون تعطيل أو خلاف، فهو يعزز مفهوم الوحدة الوطنية ويلغي الإنتماءات القومية والمذهبية الضيّقة حين يوَّحد الشعب خلف الرئيس المنتخب'. فكرة تغيير نظام الحكم في العراق قد تكون صعبة التطبيق في الوقت الحالي ،لكنها لن تخلو من مكاسب ستحققها الأطراف التي تتبنى الدعوة من خلال الانتخابات الوطنية المقبلة.
كتابات
تعليقات الزوار سيتم حدف التعليقات التي تحتوي على كلمات غير لائقة Will delete comments that contain inappropriate words