-1-
من أبرز مظاهر الخواء السياسي اللجوء الى الأكاذيب واتخاذها ركيزةً للاستناد عليها بديلاً عن الحقائق والبراهين الساطعة .
وقد يُخدع الناس بهذه الأكاذيب للوهلة الأولى ، ولكنهم سرعان ما يكتشفون الحقيقة ، وتنكشف الحيل والخدع فيتدحرج أصحابها الى القاع منبوذين محتقرين ...
-2-
انّ تزوير الشهادة الدراسية مصداق من مصاديق الكذب، وقد ركب هذه الموجة خَلْقٌ كثيرٌ ،ممن لا يرعى حرمةً للقيم الدينية والأخلاقية، فضلاً عن الزهد في السمعة الشخصية والبعد عن فضاء الأستقامة والالتزام بأهداب الآداب ...
وتعظم المصيبة حين يكون هذا التزوير مدخلاً لنيل عضوية مجلس النواب ، ليكون الكذاّب المزور ممثلاً للشعب العراقي، الأصيل النبيل صاحب التاريخ الحضاري العريق ..!!
انها لوقاحة بالغة .... وصلف كبير، ودناءة مكثفة ،بكل المعايير السماوية والأرضية .
-3-
وأعجب من ذلك انْ ينبري فريق ممن يدّعي الايمان بالثوابت الشرعية والوطنية والأخلاقية، ليكون الطرف المدافع – وبكل ضراوة – عمن تلّبس بالجريمة ، وغرق الى شحمة أذنه بألوان من المفارقات ..!!
والسؤال الآن :
أين غابت الضمائر الحرّة التي تأبى الدنايا والخطايا ؟!
أين هو (اليمين) الشرعي بالحفاظ على القوانين ؟!
أين هي مصلحة البلاد والعباد في استحواذ " كذاّب " أثيم ،على مقعد يجعله جزء من أعلى سلطة تشريعية في البلاد ؟!!
ولماذا التشبث " بالنطيحة " و"المتردية" ؟!!
وكيف يمكن الوثوق بالمزورين الكذابين، حين يصطنعون الاصطفاف مع فريق سياسيّ معيّن لغايات معلومة محمومة ؟!!
وهكذا تتناسل الاسئلة وتتكاثر على نحو الانشطار الأميبي لتكون الحصيلة النهائية مرعبة للغاية، ورهيبة النتائج والأبعاد !!
-4-
لقد أكدّت المفوضية العليا للانتخابات مؤخرا (...) انّ الشهادة الدراسية التي قدّمها مشعان ركاض الجبوري لها لم تكن صحيحة ، وخاطبت هيئة رئاسة مجلس النواب لالغاء عضويته .
وبالفعل اتخذ القرار الرئاسي بانهاء عضوية مشعان من البرلمان وبقي التساؤل قائما :
كيف سمحت المفوضية العليا لمشعان بدخول الحلبة الانتخابية في 30/4/2015 مع وجود هذه الثغرة القانونية ؟
-5-
وقد فوجئت الأوساط السياسية العراقية بنبأ تذيعه احدى الفضائيات
العراقية – التي غامرت بسمعتها ومصداقيتها – يقول :
لقد تم نقض القرار من قبل القضاء العراقي ومن محكمة التمييز الاتحادية تحديداً – الأمر الذي يتيح لمشعان العودة الى قبة البرلمان .
وكان هذا النبأ ثقيل الوطأة على الجماهير ومستغْرَباً من قِبلِهم أشدّ الاستغراب ، لأنه صدر من القضاء – حسب زعم القناة – قبل ان يمضي على قرار الإبعاد يوم واحد !!
-6-
واخيراً :
أعلن رئيس مجلس القضاء الأعلى أن ما نُسب الى القضاء العراقي من قرار في هذه القضية لا أصل له .
وان القضاء لم يبت أصلاً في شهادة (مشعان)، وانما أحال القضية الى المفوضية العليا للانتخابات فهي صاحبة الشأن في هذا الموضوع .
لقد انكشفت الأكذوبة الكبرى بسرعة ،
واستطاع القضاء ان يُبرء ذمته مما نسب اليه ، وبقي وِزْرُ الكذب الذي يتحمله طرفان :
مشعان المزوّر من جانب ،
والقناة الفضائية التي أذاعت خبر نقض قرار هيئة رئاسة البرلمان باسقاط عضوية مشعان من البرلمان من جانب آخر ..
-7-
ويؤسفنا اننا أصبحنا نقرأ ونسمع مؤخراً الكثير من الاخبار من مواقع
خبرية عديدة – ما هو عارٍ عن الصحة ولا يمت الى الحقيقة بِنَسَبٍ أو سبب ..!!
وهذا هو الخطأ القاتل ...
-8-
إنّ على السلطة الرابعة وهي صاحبة الجلالة – كما يعبّر عنها – أنْ تكون حريصة أشد الحرص على ايصال " الحقائق " للرأي العام ، لا الأكاذيب، وألاعيب المحترفين السياسيين الذين لا يهمهم الا الاصطياد في الماء العكر، وفقا لحساباتهم ومصالحهم الخاصة .