"جامعيات العراق" .. حرص على العلم ورفض التدخل في حياتهن الشخصية
يتفق اغلب الطلبة الذين التقتهم "المسلة" بان تسخير المنابر الجامعيّة للترويج لمشاريع سياسية واتجاهات فكرية معينة سوف يؤثر على انجاز الطلبة والجامعات على حد سواء.
في الوقت الذي تنتشر فيه اعداد الجامعات العراقية، ويرتفع كنتيجة لذلك اعداد الطلبة الجامعيين، فان الكثير من المصاعب تعترض الفعاليات الدراسية والطلابية في حرم هذه الجامعات، التي يسعى البعض الى تحويلها الى منبر سياسي له، او انعكاس لفلسفته في إدارة المجتمع والسعي الى فرضها على الوسط الجامعي.
وأحد المشاكل التي تواجه هذه القطاع الاكاديمي المهم، تصاعد أصوات منع الاختلاط بين الجنسين على رغم حرص إدارات الجامعات على ان يكون المجتمع الجامعي ضمن الحدود المسموح بها اجتماعيا والتي لا تتعارض مع قيم الإسلام.
وترى الطالبة الجامعية، سهير حسن من بابل، جنوبي بغداد، في حديث ﻟ "المسلة" ان بعض الجمعيات الطلابية المرتبطة بجهات سياسية معينة او تزعم ارتباطها بها، تحاول ان تفرض على الطلاب اجندتها عبر التدخل في الحياة الشخصية للطلاب داخل الجامعة، وإبراز فكرة ان علاقة الصداقة بين الطالبة والطالبة في الجامعة لن تكون بريئة بل هي على الدوام علاقات عاطفية، بحسب الآراء التي يسمعونها للطلاب بين الحين والآخر لأجل التخويف والترهيب..
وتضيف أيضا ..لم يعد بإمكان الطالب تمييز حقيقة تمثيل هؤلاء الأشخاص لجهة سياسية او دينية معينة، لانهم يتقمصون الأدوار وفق مزاجهم، ويدعون انهم ممثلين لهذا الحزب او ذاك من دون ان نستطيع معرفة حقيقة الموقف.
ولهذه الأسباب، فان اغلب الطالبات الجامعيات يحْذرن علاقات الزمالة مع الطالب، ويسعين الى تجنبها قدر الإمكان، ما ساهم في خلق علاقات من الريبة والشك بين الطلاب، بعدما جندت الاطراف السياسية، والقوى الاجتماعية اتباعا لها لفرض رؤيتهم على الوسط الجامعي.
ويتفق اغلب الطلبة الذين التقتهم "المسلة" بان تسخير المنابر الجامعيّة للترويج لمشاريع سياسية واتجاهات فكرية معينة سوف يؤثر على انجاز الطلبة والجامعات على حد سواء.
ويطالب الطالب الجامعي علي عبد الأمير، الجهات المعنية بسنّ قانون يمنع الاجندة السياسية في الحرم الجامعي.
وفي نفس سياق الرأي هذا، اعتبر الأستاذ الجامعي احمد عبيد، ان التدخل في خصوصيات الطلاب، واستخدام الجامعة كمنابر سياسية لهذا الطرف او ذاك، يمثل استهانة بالعلم، مشدّداً على استقلالية الجامعات والمعاهد عن كل ما يسبب الفرقة والطائفيّة.
واعتبر عبيد ان جميع إدارات الجامعات تشعر بمسؤوليتها الأخلاقية والدينية تجه الطلاب وتحرص على تطبيق تعاليم المرجعية الدينية العليا وقوانين الدول، وبهذا فانه يتوجب عدن السماح لمن يروج لأفكاره في ما يخص التدخل في الشؤون الشخصية للطلاب.
ويقول الطالب كريم الخفاجي من جامعة بابل، ان الوسط الجامعي العراقي، ملتزم بالقيم الاجتماعية والدينية ولهذا فان التجاوزات الأخلاقية، نادرة الحدوث.
فيما تعترف لمياء علي من جامعة بابل، بان هناك ما يمكن تسميته بالبوليس السري الذي يراقب مظهر الفتاة ويسعى الى اهانتها على رغم انها لم تتجاوز الحدود التي يسمح بها العراق الاجتماعي والشرع الديني.
وتضيف.. الأسبوع الماضي اقترب مني احد الشباب الملتحين ونصحني بان "اخفف" من المكياج – بحسب تعبيره - الذي وضعته على وجهي.
وتابعت..على رغم ان الشاب كلمني بهدوء الا انه اثار غضبي لانه تدخل في شأني الشخصي ونصّب نفسه وصيا وناصحا لي.
وتابعت.. هذه الحالة تحدث يوميا، وتعترف بها الكثير من الزميلات الجامعيات.
ان القيم الأخلاقية والوازع الديني للعراقيين، هو الحصانة التي يتمتع بها الشاب العراقي وهو يكلم زميلته الطالبة ولهذا فانه في غنى عن وصايا الأحزاب.
ويقول الطالب محمد باسم من كلية التربية في بابل، ان الالتزام بوصايا المرجعية الدينية العليا تغنينا عن الاجندة السياسية، لأننا وجدنا فيها الطريق الأمثل للمحافظة على اخلاقنا أولا، و تعزز امكانياتنا العلمية والدراسية خدمة لوطننا".
الى ذلك فان الطالبة رقية حسن من جامعة الديوانية، ترى في حديث ﻟ "المسلة" ان العلاقات بين بين الطلاب و الإعجاب المتبادل يمكن ان يحدث، لكن لا يمكن تصويره على انه "ظاهرة فساد"، لانه عاطفة إنسانية يجب ان توجه بالاتجاه الصحيح.
وقالت.. الكثير من حالات الزواج حدثت بين الطلاب بعد اعجاب متبادل.
واضافت أيضا.. الاحترام المتبادل بين الجنسين داخل المجتمع العراقي يمنع وقوع الحالات الشاذة.
غير ان البحث الاجتماعي علي حميد يرى ان هناك بعض الظواهر التي يجب ان تنتبه لها الطالبة الجامعية من ناحية تضخيم التجمل والزينة، مؤكدا على انه درس في فرنسا لأربع سنوات، ووجد ان الطالبات الجامعيات هناك اكثر "عملية" من طالباتنا من ناحية الدراسة والمظهر الخارجي وأساليب البحث العملي.
ويرى حميد ان أحد الظواهر الاجتماعية الإيجابية في الجامعات العراقية، إقبال الشباب على الزواج، ما يشير الى رغبة جمعية في الاقتران بعدما تنشأ علاقات حب وإعجاب بين الطالب وزميلته.
ومنذ 2003 ازدادت اعداد الطالبات الجامعيات وبدأن يشكلن منافسة قوية للرجل في مختلف الاختصاصات.
وجامعة بغداد هي أكبر الجامعات العراقية، وتأسست في أواخر الخمسينات. وبحسب اللقاءات والمشاهدات الميدانية، فان القيم الدينية والأخلاقية والأعراف الاجتماعية تحصن الشباب العراقي من الانفتاح المنفلت.
من جهته، اتّهم الإعلاميّ وليد الطائي، الّذي يكتب في شؤون الشباب في الصحف العراقيّة، "بعض الجهات التي تقود سياسية ارتجالية في الجامعات العراقية عبر زج اجندتها السياسية في الفعاليات الجامعية، معتبرا ان ذلك هذا خطا جسيم لان الحرم الجامعي يتمتع بالاستقلالية في كل دول العالم.
المسلّة |