يقول فارس الكعبي متعهد دفن الموتى بمدينة كربلاء الشيعية إن العمل كان أكثر كثيرا من المعتاد في شهور الصيف الماضية. ويتولى الكعبي دفن جثث لم يتسلمها أحد أو مجهولة الهوية ترد إلى كربلاء من مختلف أنحاء العراق حيث شهدت الشهور الأخيرة زيادة كبيرة في أعداد الجثث المجهولة منذ بدأ تنظيم الدولة الإسلامية يتوغل في شمال العراق. ويحرص الكعبي على تسجيل بيانات عن الجثث التي لم يطالب بها أحد ويحتفظ بأي صور أو بيانات للحمض النووي ترد إليه من السلطات حيث يفد إليه بعض الأسر للسؤال عن مفقودين من أبنائها. قال الكعبي إن عمله كان صعبا في عامي 2006 و2007 خلال ذروة صراع طائفي بين الشيعة والسنة في العراق لكنه بات أصعب كثيرا في الوقت الراهن. وأضاف "هذه مقبرة في أمانة بغداد.. مجهولو الهوية يبقون لدى الطب العدلي ثلاثة أشهر ثم يأتون به ليدفنوه هنا.. مجهول الهوية صعب التعرف عليه إلا بعد مدة.. هناك يصورون الجثة.. وبعد مدة يأتون أهلها ليطلعوا على الصورة ثم يقومون باختبار دي إن إيه إذا كانت هناك بعض الشكوك للحسم في معرفة الجثة وصلتها بهم". وذكر متعهد دفن الموتى أن الجثث ترد إليه من الفلوجة والرمادي وسامراء وتكريت التي شهدت أشرس المعارك بين تنظيم الدولة الإسلامية والجيش النظامي العراقي الذي يسانده متطوعون من الشيعة. وقال إن كثيرا من الجثث يصل إليه مشوها أو في حالة تحلل منقولا في شاحنات مبردة من مشرحة بغداد. وأضاف الكعبي "في الشهر كانت تأتي إلى هنا ثلاث وجبات وأربعة. وفي بعض الاحيان تصير خمسة.. كل وجبة مثلا بها 80 جثة ومرات مئة ومرات أقل وهكذا..". ويتدفق متطوعون من الشيعة على مناطق الصراع مع تنظيم الدولة الإسلامية السني المتشدد للاشتراك في القتال. وقدر الكعبي عدد الجثث التي وصلت إليه منذ سقوط مدينة الموصل في أيدي تنظيم الدولة الإسلامية بزهاء ثمانية آلاف جثة لمدنيين وثلاث آلاف جثة لعسكريين. وقال متعهد دفن الموتى "هذه السنة ارتفعت اعداد الجثث بشكل واضح.. أنا أتكلم عن نطاق مقبرة كانت تدخل إليها مابين 20 إلى 30 جنازة.. الآن يصل الرقم إلى مابين 50 إلى 60 جنازة في اليوم." وبدأ بعض الشيعة يشتكون علنا من عدم كفاءة الحكومة وقيادة الجيش ويتهمونهما بإخفاء الأعداد الحقيقية للخسائر البشرية للصراع مع تنظيم الدولة الإسلامية. وكان المرجع الشيعي العراقي الأعلى آية الله علي السيستاني قد أطلق نداء للتطوع بحمل السلاح لمواجهة المتشددين السنة. لكن أسر الشيعة الذين يقتلون في الصراع تقول إن المتطوعين لا يتلقون تدريبا مناسبا قبل إرسالهم للحرب. وقال رجل من أهالي كربلاء يدعى رعد الطلقاوي فقد ابن عمه في القتال مع تنظيم الدولة الإسلامية "نحن لسنا حزينين على استشهاده.. لكن حزينين لأن تدريباتهم كانت قليلة تدريبه وزملاؤه كان قليلا والتدريب.. دربوهم مجرد اسبوع واحد ثم اخذوه للصقلاوي أي استشهد..". وكان تنظيم الدولة الإسلامية قتل وأسر ما بين أربعمئة وستمئة جندي عندما سيطر مقاتلوه على قاعدة الصقلاوية التي تبعد مسيرة ساعة عن بغداد. ولم تنشر الحكومة بيانات نهائية وغالبا ما كانت تعلن عن أعداد للقتلى تقل عما تتضمنه روايات الشهود. وقال الملازم أول ابراهيم بشير نجم "ابن عمي استشهد بالصقلاوية لأنه لا مدرب على السلاح ولا خبرة عسكرية عنده، وإنما أخذته الغيرة وأخذته الدفاع عن الوطن وعن الشعب العراقي جميعا." وقال دبلوماسي أجنبي إن المسؤولين بقطاع الصحة كانوا يرسلون ما بين مئتين وخمسين وثلاثمة كيس للجثث أسبوعيا إلى وزارة الدفاع منذ بداية العمليات العسكرية في الأنبار في كانون الثاني الماضي.
كتابات
تعليقات الزوار سيتم حدف التعليقات التي تحتوي على كلمات غير لائقة Will delete comments that contain inappropriate words