الأمم المتحدة تتهم (داعش) بارتكاب "جرائم حرب مروعة" بالعراق والقوات الحكومية بـ"انتهاك" القانون الدولي
اتهمت الأمم المتحدة، اليوم الخميس، (داعش) بارتكاب "جرائم مروعة" في العراق ضمن "انتهاكات" ممنهجة ترقى إلى مصاف "جرائم الحرب"، وفي حين بيّنت أن 26733 مدنياً عراقياً قتلوا أو جرحوا من مطلع عام 2014 الحالي ولغاية أيلول المنصرم، نصفهم قتلوا منذ اجتياح التنظيم مناطق واسعة شمالي العراق بداية حزيران الماضي، وأن أكثر من مليون و800 ألف عراقي أجبروا على ترك بيوتهم، عدّت أن الضربات الجوية التي تنفذها القوات الحكومية على مواقع المسلحين في المناطق السنية، تشكل "انتهاكاً للقانون الدولي" لتسببها بمقتل عدد كبير من المدنيين.
وقالت المنظمة الدولية، في تقرير أعد من قبل مكتبها لحقوق الإنسان، وبعثتها في العراق (اليونامي)، يتألف من 29 صفحة، اطلعت عليه (المدى برس)، إن "مسلحي تنظيم داعش ارتكبوا جرائم مروعة في العراق اشتملت على عمليات الإعدام الجماعي واختطاف النساء والفتيات كجواري، واستغلال الأطفال كمقاتلين، ضمن انتهاكات ممنهجة ترقى إلى مصاف جرائم الحرب".
وأضافت الأمم المتحدة في تقريرها، أن "الضربات الجوية التي تنفذها القوات الحكومية على مواقع المسلحين في المناطق السنية، قد تسببت بمقتل عدد كبير من المدنيين، نتيجة قصف قرى ومدرسة ومستشفيات"، عادة أن تلك الضربات "تشكل انتهاكاً للقانون الدولي".
وأوضحت المنظمة الأممية في تقريرها، أن "ما لا يقل عن تسعة آلاف و347 مدنياً قتلوا منذ بداية العام 2014 الحالي، وحتى أيلول المنصرم، فضلاً عن جرح أكثر من 17 ألفاً و386 آخرين"، لافتة إلى أن "نصف ذلك العدد من الضحايا، قتلوا منذ أن اجتاح تنظيم داعش مناطق واسعة شمالي العراق بداية حزيران الماضي".
وأورد التقرير الأممي، الذي استند الى 500 مقابلة وإفادة، أن "مسلحي تنظيم داعش ارتكبوا انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان وأعمال عنف ذات طبيعة طائفية متشددة، ضد مجاميع عرقية اشتملت على المسيحيين والايزيديين، في معارك واسعة اجبرت أكثر من مليون و800 ألف عراقي على ترك بيوتهم".
وجاء في التقرير أيضاً أن تلك "الانتهاكات اشتملت على هجمات استهدفت مدنيين بشكل مباشر، وبنى تحتية مدنية، واعدامات واغتيالات أخرى لمدنيين وأعمال اختطاف واغتصاب وأنواع أخرى من الاعتداءات الجنسية والعنف البدني ارتكبت ضد نساء واطفال، وكذلك التجنيد القسري لأطفال وتدمير وتدنيس أماكن ذات أهمية دينية وثقافية، وتدمير وحشي للممتلكات وسرقتها وحرمان الآخرين من حقوق الحرية الأساسية".
وذكرت المنظمة الدولية في تقريرها، أن "تنظيم داعش أسروا في (الـ12 من حزيران 2014)، 1500 ضابط وجندي من قاعدة سبايكر العسكرية السابقة في صلاح الدين، وتصفيتهم بعد ذلك، بعملية قتل جماعي واحدة".
يذكر أن هذه ليس الإدانة الدولية الأولى للأعمال التي قام بها (داعش) في العراق، إذ اتهمت منظمة العفو الدولية، في (الثاني من أيلول 2014)، التنظيم بارتكاب "جرائم تطهير عرقي منظمة في شمال العراق"، تضمنت عمليات قتل جماعي واختطاف ضد أقليات عرقية ودينية، وفي حين أكدت أن سكان تلك المنطقة "يستحقون العيش بدون اضطهاد"، وأن الذين أمروا بتلك "الجرائم" والذين نفذوها وساعدوا على تنفيذها، يجب أن يلقى القبض عليهم ويعرضوا للعدالة.
كما أعلنت المفوضية العليا لحقوق الإنسان، في (الثاني من أيلول المنصرم أيضاً)، عن موافقة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، على "تجريم" تنظيم (داعش) بالإجماع، مع اعتراض جنوب أفريقيا، مبينة أن القرار يهدف إلى "الإدانة الشاملة" للتنظيم واعتبار أن أعماله ترقى إلى "الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية".
وكان مجلس الأمن الدولي، أدان في بيان أصدره في،(الثامن من آب 2014)، الانتهاكات التي ارتكبها مقاتلو تنظيم (داعش) المتطرف بحق الأقليات، مؤكداً أن هذه الانتهاكات يمكن أن "ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية"، وحض الأطراف كلها على تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية لضحاياه.
بدورها استنكرت رئيسة المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، نافي بيلاي، في (الـ25 من آب المنصرم)، الأعمال "الإجرامية الممنهجة" لانتهاك حقوق الإنسان في العراق التي تتم على يد تنظيم (داعش)، والقوات المتحالفة معه، عادة أن تلك الأعمال "ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية".
وكانت المفوضية العليا لحقوق الإنسان، أكدت في (الـ11 من آب 2014)، أن الأقليات في العراق تتعرض "لإبادة جماعية" وجرائم ضد الإنسانية على يد عصابات (داعش) التكفيرية، مبينة أن (داعش) يسعى "لتفتيت النسيج المجتمعي وتغيير ديموغرافية الأماكن" التي تقطنها الأقليات، ودعت الدبلوماسية العراقية والمجتمع الدولي إلى عدّ (داعش) ومن موّله ووقف معه من الدول "مجرمي حرب".
وأدت سيطرة التنظيم المتشدد على المناطق التي تسكنها أقليات دينية من المسيحيين والايزيديين والشبك والكاكائية، إلى نزوح مئات الآلاف منهم، وحدوث كارثة انسانية كبيرة من جراء محاصرة آلاف من الايزيديين في جبال سنجار، حيث توفي المئات من النساء والأطفال وكبار السن بسبب الجوع والعطش وحرارة الجو.
وذكرت مصادر رسمية في محافظة نينوى أن خسائر الأقليات الدينية والعرقية في المحافظة بعد سيطرة (داعش) عليها، وصلت إلى ملايين الدولارات، إضافة إلى تدمير أكثر من 30 كنيسة وموقعاً تاريخياً واحراق المئات من المخطوطات التاريخية ونهب اثار وقطع ثمينة من هذه المواقع تعود الى آلاف السنين.
ولم تسلم المقدسات الإسلامية من "جرائم" تنظيم (داعش)، إذ قام مسلحوه بتدمير مراقد أنبياء ومقامات وجوامع في الموصل، فضلاً عن مواقع تاريخية مرتبطة بالحضارات الرافدينية العريقة.
يذكر أن تنظيم (داعش) قد فرض سيطرته على مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى،(405 كم شمال العاصمة بغداد)، في (العاشر من حزيران 2014)، كما امتد نشاطه بعدها، إلى محافظات صلاح الدين وكركوك وديالى، ومناطق أخرى من البلاد، ما أدى إلى موجة نزوح جديدة في العراق.
المدى برس |