وكالة الصحافة الفرنسية: العصائب (تغتصب) عقارات المسيحيين في بغداد
فيما يعاني العراق من أسوأ سنوات العنف والتدهور الامني, يشير ضحايا ومعهم جماعات مدافعة عن حقوق الانسان الى ان عصابات مرتبطة بالمليشيات القوية تعمد الى اغتصاب منازل فارغة في بغداد من دون دور حكومي رادع.
من جانبهم, انكر قادة المليشيات اي ضلوع لهم في ممارسات من هذا النوع, وشددوا على انهم لا يقفون خلفها, فيما يقول الضحايا وهم من الاقلية المسيحية بوجه خاص, يقولون ان محاكم البلاد لم تقم بشيء من اجل حماية ممتلكاتهم.
وقال وليام وردة الذي يرأس منظمة حمورابي لحقوق الانسان ومركزها بغداد, لوكالة الصحافة الفرنسية "لقد تلقينا العشرات من الشكاوى عن هذا الموضوع".
ويضيف وردة كذلك "ان معظم هؤلاء خائفون من رفع شكاواهم الى الحكومة كونهم لا يؤمنون بمقدرتها على حمايتهم اذا ما توجهوا الى المحاكم المختصة. انهم يخشون تعرضهم للخطف".
وبالرغم من ان اعمال الخطف لدوافع سياسية او مالية باتت اقل انتشارا مما كانت عليه في اسوأ مراحل الحرب الطائفية التي عمت البلاد في الفترة 2006-2007, الا ان ذلك لا يزال يمثل سببا مستمرا للخوف, لاسيما بين افراد الاقلية المسيحية.
ويعلق مسؤولون مطلعون عن هذا الموضوع، بالقول إن العوائل المسيحية تأثرت كثيرا بموضوع الاستيلاء على المنازل بشكل لا يتطابق وحجمها داخل المجتمع, حيث يعود ذلك لاسباب تتعلق بالسياسات العشائرية وكثرة الاعداد التي فرت الى خارج العراق من بين ابناء الطائفة المسيحية العراقية.
لذلك, فأن الكثير من الدور الفارغة انما تم الاستيلاء عليها بعد ان تركها اهلها المسيحيون الذين هربوا الى خارج البلاد مخافة التعرض للهجمات اليومية التي تجتاح بغداد والمدن العراقية الكبيرة الاخرى. وحسب البطريرك الكلداني العراقي لويس ساكو, فأن الطائفة المسيحية التي كانت تقدر يوما بأكثر من مليون فرد في عموم انحاء البلاد, ومنهم 600000 في بغداد وحدها, انما تقلصت الى اقل من 400000 في عموم العراق. كما ان العديد من هؤلاء الذي غادروا البلاد لم يعمدوا الى بيع ممتلكاتهم على امل العودة الى العراق مستقبلا على ما يبدو.
بما ان المسيحيين لا يتوفرون على نظام عشائري على طريقة العرب المسلمين, فأن النتيجة تعني افتقارهم للموارد اللازمة لحل المنازعات خارج النظام القانوني العراقي, ذلك النظام الذي عادة ما يُنتقد كونه عرضة للفساد والتلاعب.
من جانبها, اكدت وزارة الخارجية الاميركية عام 2013 ضمن تقريرها عن حقوق الانسان, اكدت بأن "التأخيرات والفساد انما منعت الحكومة العراقية من الحكم بفعالية في قضايا الملكية والعائدية". واضاف التقرير مستشهدا بالمنظمات غير الحكومية المدافعة عن حقوق الانسان, اضاف قائلا "ان عدم قدرة الحكومة على حل تلك المنازعات انما اثرت على المسيحيين بوجه خاص".
وتقول ضحية مسيحية اكتفت بتعريف نفسها باسم احلام قائلة "ان عصابة تدعي تحالفها مع الصدر انما عمدت الى الاستيلاء على منزلي في الكرادة, فيما حاول بعض من اصدقائنا استرداد المنزل لكن من دون جدوى". وتضيف احلام التي تعيش الان في بريطانيا قائلة "ان هذا المنزل يمثل مصدر عيشي الوحيد, وقد رفضت مرارا بيعه على امل ان اتمكن من العودة الى العراق يوما حينما يتحسن الوضع الامني هناك".
من جانبه, فقد استنكر الصدر شخصيا وتبرأ من تلك الممارسات, واصر على ان هؤلاء الذين يغتصبون تلك المنازل انما لا علاقة له بهم". اما العميد سعد معن المتحدث بأسم عمليات بغداد, فقد رفض الادلاء بأي تصريح بهذا الخصوص.
حسب كلام محامي احلام, فأن هؤلاء الذين يغتصبون منزلها يدعون امتلاكهم الحق الشرعي في ذلك على اساس انه يجوز اغتصاب منازل من دعموا نظام صدام السابق, وان رجال دين يجيزون لهم الصلاة في منازل على هذا الوضع، كما ان هؤلاء عمدوا الى كتابة عبارات على جدران المنزل تشير الى انه يخضع لحكم عشائري.
واشار المحامي الذي رفض بدوره الافصاح عن هويته مخافة استهدافه, اشار الى ان مؤشرات كثيرة تدل على ارتباط مغتصبي المنزل بجماعة عصائب اهل الحق التي نفت بدورها اي ضلوع لها في هذا لامر. كما اصر المحامي على انه سواء كان ما يقال عن الحكم الشرعي الخاص بالاملاك المغتصبة مبررا م لا, فأن احلام لم تعمل قط لصالح نظام صدام في الماضي.
وحسب وردة ومعه ضحايا تحدثوا الى وكالة الصحافة الفرنسية, فأن الجماعات التي تغتصب المنازل عادة ما تصل الى تسويات تحسم الموضوع بالبيع والشراء لكن بأسعار بخصة اقل من حقيقتها الطبيعية في السوق بكثير.
وحسب احد رجال الدين المسيحيين الذي رفض الكشف عن هويته للاسباب ذاتها انه علق بالقول "ان عددا كبيرا من ملاك المنازل المسيحيين انما اضطروا لبيع ممتلكاتهم بأثمان بخسة لصالح عصابات هددتهم بغية الاستيلاء عليها".
وفي منطقة الكرادة التجارية الواقعة وسط بغداد حيث يوجد منزل احلام, تباع العقارات السكنية بسعر يقدر بحوالي 1500 دولار للمتر المربع الواحد, الا ان الضغوط والتهديدات تنهي الصفقات باسعار اقل من ذلك بكثير.
لكن وردة يقول ان بعض هؤلاء المسيحيين قرروا المقاومة والرفض. وختم وردة كلامه بالقول "ان بعض هؤلاء قرروا التعامل بصبر مع المشكلة حتى تتمكن الحكومة من تحقيق العدالة وضمان اعادة الحقوق الى اصحابها".
أور نيوز |